2012/07/04

«كلاكيت.. أول، آخر مرة» كليشيهات مستهلكة لعرض هزيل
«كلاكيت.. أول، آخر مرة» كليشيهات مستهلكة لعرض هزيل

علي وجيه


لم تكن مسرحية تامر العربيد الجديدة «كلاكيت.. أول، آخر مرة» أول استعانة محلية بنص البلغاري نيكولاي خايتوف «زورق في الغابة»، فقد سبق تقديم عمل شاعر الغابة ومخلّد الأبطال الجبليين بقراءات مختلفة في كل من حمص واللاذقية منذ بضعة سنوات.

العربيد يكتفي في عرضه باقتباس الفكرة البلغارية للانطلاق نحو نصه الخاص، فتصبح العلاقة بين المرأة (سعيدة، جيانا عيد) التي تحتطب من الغابة بشكل غير شرعي  والحارس (غالب، عبد الرحمن أبو القاسم) الذي يضبطها متلبّسةً، نقطةً انطلاق نحو مجموعة من اللوحات التي «تحاكي وجعاً إنسانياً من خلال العلاقة بين سطوة القانون الذي قد لا ينظر إلى إنسانية الإنسان وضروراته وحاجاته التي قد تدفعه إلى خرق القانون نتيجة أزمته وظروفه الصعبة»، حسبما جاء في كرّاسة المهرجان.

يصرّ الحارس على تسليمها للقضاء، في حين تذكّره المرأة بروح القانون ووجوب مراعاته للمهمّشين مثلها، ليبدأ سرد مجموعة من اللوحات الناقدة التي تظهر مستويات متعددة من الفساد الإداري والتعليمي والأخلاقي وتفشّيه في مختلف القطاعات. مع حالة التصعيد، تنكشف الشخصيتان على بعضهما ليدركا أنّهما متشابهان إلى حد كبير. المرأة هجرها الزوج وبقيت مع ابنها الوحيد تكافح لتحصيل لقمة العيش وتعاني من أقاويل المجتمع. والحارس تزوّج امرأة لا يريدها، لتطاله إشاعات التشكيك بفحولته. هكذا، تخيّم حالة من البوح الإنساني على البطلَين وتتمظهر بأشكال مختلفة وصولاً إلى مشهد التناغم الروحي والعاطفي في الختام.

هذا عن المسرحية كتعريف عمومي. في القراءة والتحليل، تظهر جملة من المشاكل الدرامية والتقنية على امتداد العرض. اللوحات مكرّرة وطويلة إلى حد الملل. تقوم على كليشيهات عتيقة سئمها الجمهور، مع مصطلحات عامة من قبيل: «شدّ الأحزمة» و«حبّ الوطن». لا تفاصيل خاصة تغني هذه اللوحات، بل يستسهل النص اللجوء إلى صورة نمطية للمسؤول، واستجداء ميلودرامي من المرأة التي تمثّل «طبقات الشعب الكادحة». صورة تقليدية لمفارقات التناقض بين هموم البروليتاريا وسلطة الاستبداد.

ربّما كان اللجوء إلى الغروتسك أحد الخيارات الملائمة لعرض كهذا، ولكن المبالغة هنا جاءت فجّة وصاخبة، وأضرّت بالعرض أكثر ممّا أفادته. مبالغات إنشائية في الحوار مع كثير من الوعظ والحكم بلا طائل، وأداء شابه الكثير من الصراخ الحاد دون مبرر، وهي مفاجأة قياساً لأسماء الممثلين العريقة مسرحياً.

السينوغرافيا فقيرة والرقصات عابرة تذكّر بعروض المنظّمات الشعبية التي تُنجَز لمناسبات معينة. الإضاءة في مكان والممثل في مكان آخر. «كوارث» تقنية في الصوت وموازنة مستوى الموسيقى مع صوت الممثل. كلها عناصر وظيفية «خدماتية» لا أكثر، دون أيّ توريط درامي خادم للعرض.

يُضاف لذلك مشاكل في الإيقاع العام. ما يكاد يستوي ويبدأ المتفرّج في متابعة التفاصيل، حتى يخرج عن السيطرة نتيجة المشاكل الكثيرة في العرض عموماً.

بالمقابل، يمكن التقاط بعض الإحالات الرمزية مثل الفزّاعة التي تشير إلى حقيقة الشخصيات الموازية، والمشهد الختامي الغني ببوح شفيف.

«كلاكيت.. أول، آخر مرة» بحاجة إلى مزيد من الإنضاج والتفكير في طريقة تقديمه، فالمشكلة ليست «ماذا» تقول بقدر ما هي «كيف» تقول ما تريد.

[email protected]

مسرح الحمراء.

الثامنة والنصف مساءً.

بطاقة العرض:

الاسم: كلاكيت.. أول، آخر مرة.

نص وإخراج: تامر العربيد.

تمثيل: عبد الرحمن أبو القاسم – جيانا عيد – محمود خليلي – جمال العلي – رمضان حمود – فاتن العلي – وسيم الرزاز – جول الحلو.

تصميم الديكور والأزياء: محمد خليلي.

موسيقا: محمد هباش.

تصميم الإضاءة: عبد الحميد خليفة.

الأفيش والبروشور: محمود خليلي.

الإكسسوار والدمى: لين العربيد – علي خليلي.

مساعد مخرج: سليمان قطان.

متابعة درامية: نغم فاخوري.

إنتاج المسرح القومي في سورية.