2012/07/04

كندة علوش: «حاتم علي أساء لي إساءةً مطلقة والدراما السورية قائمة على التكريس وليس على إعطاء الفرص »
كندة علوش: «حاتم علي أساء لي إساءةً مطلقة والدراما السورية قائمة على التكريس وليس على إعطاء الفرص »

مكاسب الثورة المصرية أكبر بكثير من الخسائر البشرية والمادية المؤسفة التي وقعت


ضيق الوقت حرمني من البطولة مع عادل إمام


العمل الجيد هو معيار المشاركة وليس جنسية هذا العمل


لمستُ استسهالاً واستعجالاً في تنفيذ «مطلوب رجال» ما أثر كثيراً على سويته


لم أنقل مكان إقامتي إلى مصر


ما زلنا نتعاطى مع الدراما كطفرة بعد كل هذا الزمن


لا أعتبر أنّ حديثي باللهجة المصرية يسيء لي أو يعيبني فأنا لم أتكلم بالعبرية في النهاية


صورة الفنان السوري في مصر رائعة فعلاً كفنان ملتزم ومثقف


لا أملك الجرأة لتقديم أدوار الإغراء مع احترامي الشديد لكل مَن قدّمها


عمر أميرالاي رحل قبل أن يأخذ حقه في بلده من تكريم وعرض لجميع أفلامه


حاورها: علي وجيه


لم تعد كندة علوش اسماً سورياً محدوداً بالنطاق المحلي. في أرشيفها العديد من الأعمال السورية التي بدأت بـ «أشواك ناعمة» لرشا شربتجي وصولاً إلى «الولادة من الخاصرة» لنفس المخرجة. طموح كندة السينمائي معروف ومعلن، وهي من القلائل الذين شاركوا في العديد من الأفلام في سورية، مثل: «شغف» لحاتم علي، «التجلّي الأخير لغيلان الدمشقي» لهيثم حقي، «اليقظة» للإيراني عبّاس رافعي و«مرة أخرى» لجود سعيد.

الإخراج السينمائي أحد أحلام كندة المعلنة أيضاً. عملت مساعد مخرج في فيلمَين هما: «المهد» مع هافال أمين و««حفلة صيد» لنبيل المالح. إضافةً إلى إخراج فيلم عن العمّال السوريين في لبنان بعنوان «في مهب الريح»، وإعداد ثلاثية وثائقية بعنوان «إغراء تتكلم» عن الممثلة السورية الشهيرة لصالح قناة المشرق، من إخراج زوجها فارس الذهبي.


البداية في مصر كانت بمشاركة بسيطة في فيلم «ولاد العم» لشريف عرفة، تلاها مسلسل «أهل كايرو» الذي حقق نجاحاً جماهيرياً ونقدياً كبيراً. بعدها أشاد النقاد والمخرجون السينمائيون بموهبة علوش، وتجلّى ذلك في عدّة عروض سينمائية توّجت بدور بطولة مطلقة لفيلم بعنوان «بارتيتا» إخراج شريف مندور.

بعد غياب نسبي عن الحوارات مع الصحافة السورية، نتحدّث مطولاً مع كندة علوش عن المشاريع السينمائية في مصر وتأثرها بالثورة، والعمل في الدراما السورية، وعتبها على المخرج حاتم علي، والانتقادات التي طالتها نتيجة تكلمها باللهجة المصرية في حواراتها التلفزيونية هناك.

كنتِ في خضمّ العديد من المشاريع السينمائية في مصر عند قيام الثورة هناك. كيف كانت تجربة مشاهدة أحداث الثورة المصرية على أرض الواقع؟

كنّا نعمل ونصوّر بشكل طبيعي عندما قامت الثورة التونسية، ولم يكن أحد يتخيّل أنّ الأحداث ستنتقل بهذه السرعة القياسية إلى الشارع المصري. كنّا نتابع ما يحدث في ميدان التحرير بشغف وأولاً بأول على أنّه تجربة خاصة وفريدة فعلاً. بالنسبة لي، كان الحدث استثنائياً لأنّي شعرتُ لأول مرة أنّ هناك تحركاً في بلد عربي لا يشبه نوع تحرك الشارع العربي الذي اعتاد انتظار الكوارث الكبرى في فلسطين والعراق حتى يبادر ويتحرّك. كأيّ مواطن عربي، كنت أشعر بالإحباط وأنّ دمنا رخيص وأنّنا نقول ولا نفعل، ولكن ما حصل في تونس ثم في مصر أثبتَ لي، بشكل مفرح، العكس تماماً.

صوّرنا بشكل طبيعي أيام 25 و26 و27 كانون الثاني. بعدها كانت الجمعة الأولى وما تلاها، فانتقلت مصر كلها إلى حقبة أخرى تماماً. كنّا نسكن في منطقة آمنة، وشهدنا تجربةً عظيمة هي اللجان الشعبية التي كانت تحرس المناطق والأحياء في تجسيد حقيقي للتكافل الاجتماعي. زوجي كان يحرس خارجاً مع الآخرين، وكنّا نشعر بأمان تام دون أيّ خوف، ولم نكن راغبين في العودة على الإطلاق. بقينا اثني عشر يوماً بعد بدء الثورة، ولكن قلق الأهل في سورية وإصرارهم على عودتنا هو ما جعلنا نعود إلى البلد.

شباب ميدان التحرير الذين رأيتهم وعرفتهم واعون تماماً ويشبهوننا. عبّروا عن مطالبهم المشروعة بشكل سلمي وواعٍ. أعتقد أنّ مكاسب الثورة أكبر بكثير من الخسائر البشرية والمادية المؤسفة التي وقعت. تاريخ المنطقة كلها سيختلف الآن وليس مصر وحدها.

هل كان خروجكم من مصر صعباً؟

لم تنجح المحاولة الأولى بسبب الفوضى الكبيرة في المطار فكررناها ثانيةً بعد يومين ونجحنا في العودة. أسجّل هنا عتباً على سفارتنا في مصر التي كانت مقصّرة بحق رعاياها. رأيتُ عائلات سورية مقيمة في المطار انتظاراً للمساعدة. نحن حصلنا على مساعدة شخصية حتى تمكّنا من العودة.

ما العمل الذي كنت تقومين بتصويره عند قيام الثورة؟

كنتُ أصوّر دوري في فيلم «المصلحة»، تأليف وائل عبد الله وإخراج ساندرا نشأت وبطولة أحمد السقا وأحمد عز وحنان ترك وزينة والسوري عابد فهد. ألعب فيه دور فتاة لبنانية زوجة تاجر المخدرات الذي يلعب دوره أحمد عز.

إلى جانب «المصلحة»، تشاركين في فيلمَين آخرَين مع الاتفاق على فيلم ثالث. حدّثينا عن هذه المشاريع

هذا صحيح. ألعب دور البطولة في فيلم «بارتيتا»، تأليف وائل عبد الله وخالد جلال وإخراج شريف مندور. تدور أحداث الفيلم حول بنت تعاني مشكلة نفسية بسبب مشاكل أسرية منذ صباها ترافقها لسنوات طويلة، وتتعرف على عدد من الشخصيات التي تؤثر وتغيّر في حياتها. الفيلم في المراحل النهائية من التصوير والمونتاج، وسيكون جاهزاً للعرض قريباً. كان يُفترَض أن تبدأ عروضه في الشهر الثالث، إلا أنّ الأحداث الأخيرة أجّلته إلى موعد يُحدّد لاحقاً.

هناك أيضاً فيلم «الفاجومي»، تأليف وإخراج عصام الشمّاع، وقد انتهيتُ منه. يروي سيرة حياة الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم، ويجسّد شخصيته خالد الصاوي، بينما يؤدي صلاح عبد الله دور رفيق دربه الشيخ إمام. ألعب دور الكاتبة والناقدة «صافيناز كاظم» إحدى زوجات نجم، وأتوقع أن يحظى هذا الفيلم بحضور جماهيري كبير باعتباره يتناول شخصية ثورية ومؤثّرة حتى في المرحلة الحالية.

الفيلم المتفق عليه هو «واحد صحيح» مع هاني سلامة، تأليف تامر حبيب وإخراج أحمد علاء والذي من المفترض البدء بتصويره بعد شهر.

ما أسباب اعتذارك عن مسلسل «فرقة ناجي عطا الله» مع الزعيم عادل إمام بعد توقيعك العقد؟

كنتُ سعيدةً جداً بهذا العمل لأنّ عادل إمام رشّحني شخصياً لأقف أمامه في دور من أهم الأدوار في المسلسل. أحببتُ أيضاً أن أعمل مع المخرج رامي إمام، وأنا من المعجبين بشغله. ولكن، للأسف، كان هناك صعوبة في تنسيق الوقت بين الأعمال فاضطررتُ للاعتذار.

شاركتِ في لبنان بفيلم روائي طويل بعنوان «جنوب السماء» عن حرب تموز. حدّثينا عن هذا الشريط وموعد عرضه الأول..

ليست لديّ فكرة عن موعد العرض حتى الآن، ولكن ما أعرفه أنّ الفيلم سيشارك في مهرجان «الفجر»، وهو من أهم مهرجانات السينما في إيران. الإنتاج ضخم، لبناني – إيراني مشترك. «جنوب السماء» أول فيلم يحكي عن أهل جنوب لبنان وحرب تموز من خلال علاقات إنسانية وقصص حب وعائلات في قرى الجنوب اللبناني. نرى تأثير الحرب على هذه العلاقات وتجسُّد فكر المقاومة في تلك المنطقة. مخرج الفيلم هو الإيراني جمال شورجه الذي كان أحد المشاركين في إخراج مسلسل «النبي يوسف» الذي حظي بمتابعة جماهيرية واسعة في الوطن العربي. في التمثيل، يوجد من سورية نسرين طافش وأنا، ومن لبنان كارمن لبّس ويوسف الخال وبيير داغر وباسم مغنية ودارين حمزة. مدير التصوير أحد أهم مدراء التصوير في إيران، في أرشيفه أهم أفلام مجيد مجيدي وعباس كياروستامي ومحسن مخملباف. طاهر مامللي حاضر أيضاً في التأليف الموسيقي. أعتقد أنّه فيلم مهم، ولكن يبقى الحكم الحقيقي بعد المشاهدة.

اعتادت الأفلام الإيرانية التعاطي مع هذا النوع من القضايا بمباشرة وخطابية عالية كما حصل في «الغرباء» مثلاً. هل سيكون هذا الفيلم مختلفاً؟

أعتقد أنّ نصّ هذا الفيلم مختلف بعمقه وبعده عن المانشيتات الخطابية العريضة. هناك دخول أكبر في التفاصيل الحياتية والإنسانية والشخصيات مكتوبة بشكل أفضل. هذا الفيلم أكثر نضجاً، ولكن يبقى الحكم حتى نشاهده كاملاً.

في سورية، أنهيت مؤخراً تصوير دورك في مسلسل «الولادة من الخاصرة» تأليف سامر رضوان وإخراج رشا شربتجي. حدّثينا عن هذه المشاركة.

أنا سعيدة بهذه المشاركة لأني أحب العمل مع رشا كونها هي المخرجة الأولى التي عملت معها، وسعيدة بالعمل مع شركة «كلاكيت» لأنّها من الشركات القليلة التي تعمل باحترافية إنتاجية ودقة في اختيار الأعمال وصناعها، كما أن النص الذي كتبه سامر رضوان جريء ويحمل طروحات جريئة. ألعب فيه دور الزوجة الثالثة لعابد فهد «شيرين» الفتاة البسيطة التي تتعرض لمعاملة قاسية.

هل توجد مشاركات سورية أخرى للموسم القادم؟

نعم، هناك اتفاقات على أكثر من عمل قد يكون الجزء الثاني من «أشواك ناعمة» مع رشا شربتجي أحدها.

بالحديث عن المشاركات السورية، البعض يقول: لولا أحداث مصر لما فكّرت في العودة إلى الدراما السورية الآن، بمعنى أنّها خيارك الثاني أو الاحتياطي. كيف ترين هذه النقطة؟

هذا غير وارد بالتأكيد. مبدأ المشاركة في عمل سوري موجود ومطروح قبل الثورة المصرية، بدليل أنّه تمّ الحديث عن المشاركة في «جلسات نسائية» مع المثنى صبح، ولكن لم يتمّ الاتفاق بسبب الوقت.

يُعرَض لك الآن مسلسل «مطلوب رجال» الذي تمّ تصويره العام الفائت بإدارة سامر البرقاوي وسامي الجنادي وإشراف حاتم علي. هل أنت راضية عن النتيجة، خصوصاً أنّ ما كُتبَ عن هذا العمل حتى الآن لا يصبّ في صالحه؟

أنجز هذا العمل استثماراً لنجاح المسلسلات الطويلة soap opra كما الأعمال التركية والمكسيكية التي لاقت نجاحاً كبيراً لدى المتفرّج العربي. النوايا كانت حسنة جداً بتقديم عمل غير مستورد في اللغة والمواضيع للمتفرّج العربي، ولكن ربما لم تكن النتائج بحجم النوايا الكامنة خلفها. هذا المسلسل غير مطالب أصلاً بأن يكون ذا مقولات عظيمة أو طروحات كبيرة لأنّه، من اسم نوعه، فقاعة ترفيهية تبقى مع الجمهور لوقت طويل.

هناك نيّة لاستكمال المسلسل حتى 250 حلقة بعد انتهاء عرض التسعين المصوّرة. هل ستكملين في هذا العمل؟

ظروف العمل في هذا المسلسل كانت صعبة. كان الوقت ضيقاً والضغط كبيراً، ما  قد يكون أثّر على السوية الفنية. لمستُ استسهالاً واستعجالاً في التنفيذ من قبل القائمين على التنفيذ رغم ضمان عرض العمل على قناة مشاهدة جداً مثل mbc. صوّرنا 90 حلقة خلال 3 أشهر تقريباً، وهذا كان على حساب طاقتنا كممثلين رغم وجود طاقمَين فنيين بإدارة سامر البرقاوي وسامي الجنادي. إذا بقي الظرف كما هو في الأجزاء القادمة، فبالتأكيد أنا لستُ معنيةً بالمشاركة. أما إذا كان هناك اهتمام أكبر من ناحية الشكل والمضمون، سأدرس الفكرة حسب الوقت والظروف كأي عمل آخر، لكنّي سعيدة بالنجاح الذي حققه هذا العمل في الشارع العربي والسوري والمتابعة الذي حصل عليها.

إذاً، ما أسباب مشاركتك في المسلسل أصلاً؟

ما دفعني للمشاركة بالدرجة الأولى اسم المخرج حاتم علي كمشرف على المسلسل. حاتم علي، قطعاً، اسم كبير في الوطن العربي، وسبق لي العمل معه بفيلم «شغف» في بداياتي، وكان أول فيلم سينمائي ينجزه. شخصياً، أحبّ أعماله إلى جانب العلاقة المحترمة والجيدة جداً التي تجمعني به. عندما عُرضَ عليّ «مطلوب رجال»، أغراني اسم mbc التي تعدّ من أهم المؤسسات الإعلامية في الوطن العربي.

دوري في المسلسل، من حيث الحجم، هو الثالث تقريباً بعد دورَي جمانة مراد وسامح الصريطي. الاتفاق، الشفهي وليس بالعقد للأسف، مع الأستاذ حاتم علي تمّ على أساس أنّه إذا لم يكن ترتيب الأسماء في الشارة حسب أهمية الأشخاص، فليكن حسب حجم الدور. سمعتُ قبل العرض الأول للمسلسل على القناة المشفرة «إم بي سي دراما بلس» أنّ الأسماء مكتوبة بالشكل الذي نراه الآن، والذي أجده مسيئاً جداً لي. اتصلتُ شخصياً بالأستاذ حاتم علي، فأكّد لي أنّ ما سمعتُه غير صحيح، وأنّني من أفضل مَن عمل في هذا المسلسل، وأنّ اسمي سيكون بالتأكيد من الأسماء الأولى، فتمنّيتُ أن يكون هذا صحيحاً لأنّ «مطلوب رجال» سيُعرَض بعد «أهل كايرو» الذي أقوم بدور رئيسي فيه، ولديّ فيلم سينمائي من بطولتي في مصر، وبالتالي وضع اسمي بهذا الترتيب سيكون مسيئاً جداً لي، وحتى قبل «أهل كايرو» فالشكل الذي وضع به اسمي غير مقبول،. حصلتُ على وعد صريح منه بأنّ الاسم سيوضع بالشكل اللائق والمستحق كاسم وكحجم دور. النتيجة ظهرت كما نراه الآن على الشاشة، وهذا ما أعتبره إساءة مطلقة. حاولتُ الاتصال بالأستاذ حاتم عدّة مرات دون أيّ رد من قبله، فأرسلتُ له رسالة فيها عتب لم ألق منه الرد عليها، وهنا أكرر العتب عن طريقكم ثانيةً. أعتبر أنّني لم أقصّر في أداء المطلوب منّي كممثلة ضمن المتاح، فتعرّضتُ لهذه الإساءة الشديدة جداً جداً، وأتمنّى أن أعرف السبب.

عندما أرادت شبكة mbc ترويج العمل اتصلت بي لعمل الإعلان الذي عرض على الشاشة، على اعتبار أنّني مع جمانة مراد وسامح الصريطي نجوم العمل. وعندما نقلتُ لهم وجهة نظري وموقفي من موضوع الأسماء، قالوا لي: هذا الموضوع عند الأستاذ حاتم علي، ولكنّنا نرى أنّك أحد وجوه المسلسل الرئيسية. نفس القصة تكررت مع «ميلودي دراما» في مصر، فصوّرت الإعلانات الترويجية وتابعتُ في الموضوع حتى النهاية لأنني غير معتادة على التخلي عن عملي بعد كل المجهود الذي بذلتُه فيه.

قبل الثورة المصرية، كان يدور حديث عن شبه استقرار لك في مصر بعد نجاحك اللافت هناك. هل تمّ التفكير بذلك فعلاً؟

لم أتخذ أبداً قراراً من هذا النوع. حياتي وبيتي وأهلي وأصدقائي وكل شيء في سورية، ولكن، بحكم الأعمال الكثيرة التي ارتبطتُ بها في مصر، كان لا بدّ من التواجد هناك لتصويرها، لأنّ الانتقال الدائم بين سورية ومصر أمر صعب ومرهق. زوجي يعمل في الكتابة، فكان بإمكانه أن يلتحق بي بسهولة.

مصر قدّمت لي الكثير حقيقةً. البداية كانت بسيطة بفيلم «ولاد العم»، تلاها مسلسل «أهل كايرو» الذي حقق نجاحاً نقدياً وجماهيرياً كبيراً، وهذا لا يتوافر في أيّ عمل. من حسن حظي أنّي تواجدت في عمل مهم كهذا، فتركيبة النص والإخراج والتمثيل كانت مميزة فعلاً. بعدها كُتب عنّي بشكل جيد، وعرضت عليّ عدّة أعمال جيدة كان معظمها سينمائياً لحسن الحظ، فكان لا بدّ من البقاء. مصر مكان يمنح فرصاً كثيرة لأناس جدد، وبالتالي الظروف هي التي ساقتني إلى البقاء لفترة هناك، ولم يكن قراراً اتخذته.

الموضوع ليس مصرياً وسورياً وما إلى ذلك، بل يتعلق بالعمل الجيد كما قلت. منذ فترة شاركتُ في لبنان بفيلم «جنوب السماء» الذي تحدّثتُ فيه باللهجة اللبنانية، والسنة الماضية شاركتُ بمسلسل أردني اسمه «الحبيب الأول». الآن، معروض عليّ فيلم فلسطيني لمخرج مهم للغاية والحديث فيه باللهجة الفلسطينية. إذا تمّ الاتفاق سأكون سعيدة جداً به لأنّه يضيف لي الكثير.

أنا أرى نفسي ممثلة عربية، وكل مَن لا يرى ذلك حرّ برأيه. طالما وجدتُ عملاً جيداً بظروف مناسبة، سأشارك فيه مهما كانت جنسيته.

ألا تخشين من تأثير أو طغيان الحضور العربي على المحلي؟ بمعنى أن يؤدّي ذلك إلى غيابك وافتقادك على الساحة السورية..

لا أرى أنّ الجمهور يمكن أن ينسى اسماً لمجرّد اتجاهه إلى الأعمال العربية. بالتأكيد، أنا حريصة على التواجد في الدراما والوسط الذي خرجتُ منه، ولكن من حقي، كأي شخص آخر، أن أذهب باتجاه الفرصة الجيدة التي تُعرَض عليّ. ربّما لم أقدَّر كما يجب هنا ولم أعطَ حقي بعكس المكان الآخر الذي قدّرني أكثر، للأسف، وفتح لي أبوابه. كنتُ أتمنّى لو حصل ذلك في بلدي أولاً. لذلك لا أظنّ أن العتب أو اللوم يقع عليّ.

لستُ شخصاً سوداوياً وليس لديّ عتب شخصي على أحد معين بقدر عتبي على شكل صناعة الدراما عندنا القائم على التكريس وليس على إعطاء الفرص.

هل يعني ذلك أنّك تعملين الآن في المكان الذي عرض عليك الأدوار الأولى، بعكس الدراما السورية التي اكتفت بتقديم الأدوار الثانية والثالثة؟

الأمر لا يتعلق بطبيعة الأدوار المعروضة، ولا يخصّني لوحدي فقط بل هي مسألة عامة. الإنتاج عندنا جيد عموماً وهناك كمية كبيرة من الأعمال والأدوار، ومن حق الجميع أن يأخذ فرصته وبعدها نرى إذا أثبت نفسه أم لا. لا أدري إذا كان خوفاً من شركات الإنتاج والمخرجين أم هو جبن أو كسل. تجارب السنوات الماضية تؤكّد أنّ الأدوار تدور بين 3 – 4 أسماء من كل جيل. لم أرَ حتى الآن عملاً يعطي فرصة كبيرة لوجه جديد أو حتى لأحد ممثلي الصف الثاني، اللهمّ إلا ما فعلته رشا شربتجي مع سلافة معمار في «زمن العار». سلافة لم تكن من ممثلي الصف الثاني بالتأكيد، ولكنّها أخذت فرصة مهمة وتمكّنت من إثبات نفسها، واليوم هي من نجوم الصف الأول في سورية.

مسلسل «الجماعة» كان أضخم إنتاج مصري في الموسم الفائت، وهو عمل في غاية الأهمية. لم يتجّه القائمون عليه نحو أحد النجوم المكرّسين ليؤدّي دور البطولة، مع أنّهم كانوا قادرين على اختيار أي اسم. اعتمدوا على ممثل أردني غير معروف في الشارع المصري هو إياد نصّار. وضعوا ثقتهم فيه ولعب الدور وحقّق نجاحاً مهولاً. هذه التجربة لم أسمع بمثيل لها في سورية، وأؤكّد لك أنّه لو تمّ عمل «الجماعة» في سورية لذهب الدور إلى أحد الأسماء المكرسة. هكذا، تدور الدراما في نفس الدوائر، لدرجة أنّ المتفرّج العادي يشعر بالملل وهو يرى نفس الوجوه في كل الأعمال. أقول مجدداً: هي آلية عامة ظلمتُ فيها كما ظُلمَ غيري.

تتحدّثين هنا عن آليات عمل لها علاقة بمفهوم الصناعة والتعاطي وفق تقاليد مهنية راسخة. هل وجدت فارقاً كبيراً بين سورية ومصر في هذه النقطة بعد عملك في البلدَين؟

الفرق يتمثّل بالتعاطي مع الموضوع كصناعة أو كطفرة. للأسف، ما زلنا نتعاطى مع الدراما كطفرة بعد كل هذا الزمن. نفرح بها كأنّها شيء مستجد دون أن نفكر بوضع أسس وتقاليد لترسيخها. تفاءلنا بملتقى الدراما ولم نلمس نتائج ملموسة على أرض الواقع. إلى متى سنبقى بلا قنوات سورية تعرض إنتاجنا؟ حتى هذه اللحظة، نحن معتمدون بنسبة 99.9% على صاحب القناة الخليجي والعربي لتسويق إنتاجنا، وعندما يقرّر هذا المسؤول عدم عرض مسلسلات سورية على قناته، سيجلس كل صنّاع الدراما السورية في بيوتهم بلا عمل. قنوات التلفزيون السوري وقناة الدنيا مع كل الجهود التي تبذلانها غير قادرين على القيام بهذا الدور بمفردهم. طالما أنّ رقبتنا بيد صاحب القناة العربي والخليجي، سنكون مضطرين لتقديم تنازلات سواءً بالموضوعات المطروحة أو بالأسماء وغير ذلك. افتتاح القنوات هو الخطوة الأولى للوصول إلى شكل الصناعة السليم الذي نريده، وأنا أقول ذلك كمتلق غيور على هذه الدراما بغض النظر عن كوني ممثلة.

أصدر اللواء طارق المهدي، المشرف على اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري، قراراً بحظر التعامل مع الفنانين والمؤلفين والمخرجين العرب في الأعمال التلفزيونية المصرية بحيث يقتصر التعامل مع المخرجين المصريين المسجلين في الاتحاد فقط. ما رأيك بهذا القرار؟ وهل صحيح ما نسب إليك في صحيفة «الخليج» الإماراتية حول الموضوع؟

لم أسمع بهذا القرار، وما نُسبَ إليّ غير صحيح فأنا لم أكن قد سمعت عن هذا القرار. ما أراه الآن أن الأمور غير واضحة بشكل كامل، لذلك يجب الانتظار لبعض الوقت لمعرفة كيف ستجري الأمور.

تعرّضتِ لانتقادات بعد إطلالاتك التلفزيونية في مصر بسبب حديثك باللهجة المصرية. كيف تردّين على منتقديك حول هذه النقطة؟

كما قلتُ لك، مصر قدّمت لي الكثير مهنياً وإعلامياً وحتى شخصياً. بعد نجاح «أهل كايرو»، كان هناك احتواء وحبّ وتشجيع وعروض عمل بشكل لم أعهده من قبل. عندما تلقيتُ أول دعوة تلفزيونية، فكّرتُ كثيراً بنقطة اللهجة، واستشرتُ كثيرين واستمعتُ لوجهات نظر مختلفة. الجمهور المصري يحبّ سماع لهجته لأنّه مكتفٍ بأفلامه ومسلسلاته وأغانيه على اعتبار أنّ مصر منتج ضخم للفن، فلم يتسنَّ له التواصل مع الفنون بلهجات أخرى. البرامج التلفزيونية التي ظهرتُ فيها موجّهة بالدرجة الأولى للجمهور المصري، وشعرتُ أنّ حديثي باللهجة المصرية سيكون أقرب لهذا الجمهور، وهو جزء من ردّ الجميل للبلد الذي قدّم لي الكثير. أنا أفتخر بسوريتي ولا يمكن لأحد أن يزاود عليّ في هذا الموضوع، ودائماً ما أقدّم بلقب «الفنانة السورية» في أيّ مكان. لا أعتبر أنّ حديثي باللهجة المصرية يسيء لي أو يعيبني، فأنا لم أتكلم بالعبرية في النهاية. لا يمكن أن نفتخر في سورية بأننا أكثر بلد عروبي، ثم نتحول إلى شوفينيين بهذه الطريقة بسبب حديث في برنامج تلفزيوني. الموضوع ليس كذلك على الإطلاق.

طموحك السينمائي معلن ومعروف منذ بداياتك. هل بدأت تلمسين واقعاً لهذا الحلم مع قرب عرض أول فيلم بطولة مطلقة لك في الصالات؟

الحمد لله. أعتبر أنّي اقتربتُ من تحقيق هذا الحلم، وأنا سعيدة لأنّ أغلب العروض التي تأتيني في مصر سينمائية. هذا جيد لي شخصياً وجيد لبلدي لأنّ صورة الفنان السوري في مصر رائعة فعلاً كفنان ملتزم ومثقف. هذا أسّس له جمال سليمان وسلاف فواخرجي وكل السوريين الذين عملوا في مصر وقدّموا إضافاتهم. دائماً أقول: لولا إنجازات هؤلاء لما طُلبتُ للعمل هناك.

إذا عُرضَت عليك أدوار سينمائية مهمة، ولكن جريئة، في مثل أفلام داوود عبد السيد أو يسري نصر الله. هل يمكن أن تشاركي فيها؟

للأسف، لا أستطيع. أعشق داوود عبد السيد ويسري نصر الله وأفلامهما، ولكن لا أملك الجرأة لتقديم أدوار الإغراء. نظرة المجتمع ما زالت تخلط بين دور الممثل وشخصيته في الحياة. أتمنى المشاركة في أفلام هذَين المخرجَين الكبيرَين، ولكن لا أملك الجرأة لتقديم أدوار الإغراء مع احترامي الشديد لكل مَن قدّمها.

رحل مؤخراً رائد السينما التسجيلية السوري عمر أميرالاي، وأنت لك نشاط تسجيلي من خلال إعداد الثلاثية الوثائقية «إغراء تتكلم» وإخراج فيلم «في مهب الريح». ماذا تقولين عنه؟

صدمتُ لرحيله المفاجئ. «انخطف خطف» كما يُقال. كنت أعرفه شخصياً، وهو إنسان رائع ومتواضع وقريب من الناس والشباب ومنفتح على كل وجهات النظر، بالإضافة لكونه فناناً عظيماً. في أي مكان، يتحدّثون عن أستاذ سوري في السينما اسمه عمر أميرالاي. للأسف الشديد، رحل قبل أن يأخذ حقه في بلده من تكريم وتقدير وعرض لجميع أفلامه ونشر لاسمه. يؤسفني أن يرحل شخص بهذه الأهمية دون أن يكون معروفاً لدى شباب وأهل بلده. بالمقابل، لديه تلاميذ يحبّونه من كل أنحاء الوطن العربي.

ماذا حصل بفيلم «إغراء تتكلم» المأخوذ عن الثلاثية الوثائقية التي ذكرناها؟

الفيلم ملك قناة ما زال عليها إشكالات حتى الآن، فلم نتمكّن من التحرّك بهذا الاتجاه.

كلمة أخيرة لموقع «بوسطة»..

أحبّ هذا الموقع بشكل شخصي وأتابعه أينما كنت لأنّه معنيّ بتقديم معلومة مهمة وجدية وليس لتعبئة صفحات فقط. يهمّني الظهور من خلاله دائماً بخبر صغير أو لقاء مطوّل مثل هذا. شكراً لكم.

[email protected]