2012/07/04

كوكش: لا أعرف سبب الهجوم على دراما البيئة الشامية...أنا حزين على المسرح لأنه يمر بمرحلة انتكاسية
كوكش: لا أعرف سبب الهجوم على دراما البيئة الشامية...أنا حزين على المسرح لأنه يمر بمرحلة انتكاسية


ديما ديب – الوطن السورية

علاء الدين كوكش واحد من الأسماء المهمة التي قدمت رصيداً كبيراً ومتنوعاً من الأعمال والتجارب، وله مكانته المميزة التي صنعها والإضافات الجديدة التي قدمها والأفكار التنويرية الأصيلة التي آمن بها، والتي استطاع أن يصنع منها فناً يبقى في ذاكرة الأجيال، فقد شكلت أعمال المخرج علاء الدين كوكش معلماً بارزاً من معالم الدراما التلفزيونية السورية في بداياتها الأولى وثمة العديد من الأعمال التي أخرجها، والتي عاشت في وجدان المشاهد لسنوات طويلة وباتت اليوم جزءاً من ذاكرته الفنية والوطنية كما ساهمت في تغيير المفاهيم والرؤى الاجتماعية في زمنها وبعضها أحدث صدمة في أسلوب التواصل الفني وفي الخطاب الفكري. وباعتباره نموذجاً مضيئاً لتلك البدايات المهمة التي تعكس جوهر العمل الثقافي في تجربة الدراما التلفزيونية السورية. عن الدراما السورية والمسرح والأدب ومجمل مسيرة المخرج علاء الدين كوكش يتحدث في لقاء لـ«الوطن».

لقد أصبح العمل بالبيئة الشامية موضة تعلق بها الجمهور ما سبب تفضيلك العمل بها؟

تستهويني البيئة الشامية، لأنني ولدت بها وعشت فيها ومن ثم أنا قادر أن أعبر عنها بصدق فتفاصيلها ما زالت بذاكرتي ولدي القدرة على إيصال هذه التفاصيل إلى الجماهير، وكانت بداية الميل للأعمال الشامية هو سلسلة مسلسل «أبو كامل» عام 1990 وأنا لا أقتصر العمل فقط على الأعمال الشامية، فقط سلطت الأضواء على دراما البيئة الشامية في السنوات الماضية بعدما أحبها الجمهور وتعلق بها، وأنا لا أعرف سبب الهجوم عليها، نحن نتحدث عن أقدم مدينة مأهولة على وجه الأرض، ومن الطبيعي أن فيها قصصاً وحكايا لا تنضب، وتم توريثها عبر الأجيال عن طريق اللاوعي الجمعي عبر مخزون غير قابل للنفاد، وأنا أؤكد أن نسبة هذه الأعمال حتى بعد طغيان نجاحها بقيت عادية بالمقارنة بعدد المسلسلات المنتجة في سورية، وهوليود تقدم في السنة الواحدة أكثر من مئة فيلم من أفلام الكوبوي ومع ذلك لم يملّ الجمهور منها، المهم هو الحكاية الإنسانية المؤثرة.

برأيك هل تعد الدراما السورية في المرتبة الأولى في الدراما العربية؟

تألقت الدراما السورية في السنوات الأخيرة عبر الفضائيات، ونحن لا نستطيع إنكار أهمية أعمال الدراما المصرية التي كانت مسيطرة على الساحة، حيث تتمتع الدراما المصرية بالتاريخ العريق فقط بدأت الدراما المصرية وهي تمتلك المعاهد العالية للتمثيل والدراما ولديهم مسارح وإذاعة عريقة وسينما ولكن عندما بدأ التلفزيون والدراما السورية انطلقا من نقطة الصفر ولم يكن إلا عبارة عن نشاط هواة سواء على صعيد المسرح أم على صعيد القطاعات الأخرى ومن ثم وجد الجمهور فيها نفساً وبيئة جديدة ومختلفة عن أعمال الدراما المصرية وقد تميز العاملون بالدراما السورية بأنهم قدموا أعمالاً إلى حد كبير جيدة وليست مصقولة بالتاريخ والعادات القديمة مثل أعمال الدراما المصرية. وبرأيي أن يكون هناك تنافس إيجابي بين الدراما السورية والمصرية والخليجية ويصب ذلك بمصلحة الدراما والمشاهد.

وعن مشاكل الدراما السورية يقول كوكش:

هناك فقر كبير بالإنتاج فهذه المشكلة التي تمنع الدراما السورية من أن تحقق قفزات كبيرة بمعالم الدراما وكمقارنة بالدراما التركية وهي قريبة من الأجواء السورية فالدراما التركية تتميز بوجود إنتاج وفير وكبير وهذا ما نفتقر إليه، فنحن ما زلنا نقوم بالتصوير بالشوارع والأحياء والبيوت المأهولة بالسكان فهي تسبب الكثير من الإشكاليات أثناء القيام بالتصوير فلا بد من تقديم الكثير من الخدمات التي ما زالت غير متوافرة.

كيف رأيت التغير الذي طرأ في تقنيات الإخراج بين الماضي والحاضر؟

إن تقنيات الإخراج هي واحدة ونحن نرى على صعيد السينما العالمية كثيراً من المخرجين بدؤوا بتقنيات بسيطة في السينما والتلفزيون، فالتلفزيون عندما بدأ بسورية عام 1960 كان قد بدأ بالولايات المتحدة الأميركية منذ عدة سنوات سابقة فدخلت التقنيات بالتدرج وليس دفعة واحدة والإخراج يتطور بتطور أدواته فالإخراج له أسس واحدة وإنما التقنيات التي تختلف وتتطور.

وعن رأيه بالمخرجين من جيل الشباب يقول كوكش:

إن هذه هي سنة الحياة فبأي مضمار أو حقل سواء (أدب، فن، علوم، طب) دائماً هناك أجيال شابة جديدة تضيف، فالحكم الأساسي هنا هو الموهبة التي تدخل إلى المضمار فهناك الموهوبون وأنصاف وأرباع موهوبين، وبذلك فالساحة تتسع للجميع وخاصة مضمار التلفزيون، فالمخرج الجيد والناجح يجب أن يستوعب عمله جيداً، ويحاول نقله على مرحلتين، من خلال تعاونه مع كادره الفني من ممثلين وفنيين والأخذ بآرائهم ومشورتهم لا أن يبقيهم على الهامش، واعتبارهم مجرد أدوات تنفيذية، كما يجب عليه تفهم جمهوره، وتقديم عمله مع مراعاة خصوصية العائلة التي يصعب تحديد هويتها، لأنها مؤلفة من مختلف الأجيال والأعمار والاهتمامات والثقافات.

ما رأيك بالمسرح اليوم؟

أنا حزين جداً على المسرح، فالمسرح للأسف الشديد نهض نهضة قوية في سورية وقمت بالمشاركة في تقديم العديد من الأعمال المسرحية المهمة، فقدمت أول عمل مسرحي لسعد اللـه ونوس على خشبة المسرح في مهرجان دمشق المسرحي الأول عام 1969 وكان يبشر بانطلاقة وتطور مهم للمسرح وانقطعت عن المسرح عند سفري إلى اليمن ولكن أخرجت هناك مسرحية بعنوان الطريق إلى مأرب للشاعر محمد الشرفي وقد قام التلفزيون بأخذي بعيداً وأقوم الآن بالكتابة للمسرح ونشرت كتاباً يحوي أربع مسرحيات سياسية ضاحكة فظروف المسرح اليوم صعبة والمسرح القومي يمر بمرحلة جمود والمسرح يعاني انتكاسة، والحل أن تقوم المؤسسات الثقافية بتبنيه ودعمه فالمسرح بحاجة ماسة لدعم المؤسسات الثقافية ووضع خطة للنهوض به من جديد فعندما يكون هناك نهضة ونشاط ثقافي مسرحي يمكن إنقاذ المسرح وعدم تحول كل النشاط إلى التلفزيون.

تعد من أبرز الفنانين الذين كتبوا الأدب ما رأيك؟

الكتابة الأدبية حلمي القديم فحلمي أن أصبح كاتباً وهناك شيء بداخلي أحلم أن أقدمه وكنت أسجل الأفكار التي لا أستطيع تحقيقها على صعيد المسرح أو التلفزيون وأقوم بكتابتها، فللكاتب الكبير زكريا تامر الفضل في تشجيعي فقد لامني على تقصيري بهذا الموضوع وكان مطلعاً على محاولاتي الأدبية، وهنا بدأت بأخذ حيز من وقت التلفزيون للكتابة سواء للكتابة للمسرح أو كتابة القصة القصيرة وآخرها توجت بسنة 2010 برواية بعنوان التخوم، أحاول جاهداً عمل التوازن بين عملي بالتلفزيون وبالمسرح والكتابة وهنا تظهر للأسف مشكلة القراءة وهناك شكوى من قلة القراءة وبأحسن الأحوال الكتاب العربي كان يطبع 3000 نسخة وللأسف الشديد بعد أن أصبحت الأمة العربية 300 مليون أصبح الكتاب العربي يطبع 1000 نسخة وبالكاد يتم توزيعه، وهناك تقصير كبير من جانب وزارة التربية فكان على زماننا حصتان بالأسبوع للقراءة والمطالعة وقد تم إلغاؤهما من المنهاج الدراسي لطلاب المدارس للجيل الحالي.

هل تعتقد أن الدراما السورية تحولت إلى صناعة؟

لم تتحول الدراما السورية لصناعة حقيقية، فإن أهم شيء توفير الكوادر البشرية والفنية المؤهلة ولكن ينقصنا بشكل كبير الإمكانات الفنية والإنتاجية وعند توافرها أتوقع تحول الدراما السورية إلى صناعة حقيقية فنحن بسورية نمتلك المناخات والجغرافيا التي تساعد على تحقيق جميع الأجواء التصويرية الحقيقية.

فأحب الأعمال لدي هو العمل الذي ما زال راسخاً في ذاكرة الناس وهو مسلسل أسعد الوراق الذي ما زال راسخاً بذاكرة المشاهدين من 36 سنة، وكان عبارة عن سبع حلقات، وأن أحد مشاكل ونقاط الضعف بالدراما العربية عموماً هو التوسع بمواضيع المسلسلات لتصبح 30 حلقة توزع على كامل شهر رمضان. الجدير بالذكر أن علاء الدين كوكش مخرج تلفزيوني ومسرحي يكتب القصة القصيرة والمسرحية والسيناريو التلفزيوني. وهو من مواليد حي القيمرية بدمشق، أسس أسرة فنية حين ارتبط بالفنانة الراحلة ملك سكر وشكل معها ثنائياً فنياً في مسلسلات التلفزيون وأنجب منها ابنته سمر كوكش التي درست التمثيل في المعهد العلي للفنون المسرحية ثم تابعت نشاطها الفني كممثلة في المسرح والتلفزيون والدوبلاج.