2012/07/04

كيف منح الجمهور جائزته لـ "أبو جانتي"!!!
كيف منح الجمهور جائزته لـ "أبو جانتي"!!!

محمد منصور - القدس العربي

قدم برنامج (زووم) على قناة (الدنيا) شبه الخاصة، تغطية مكثفة لجوائز (أدونيا) السورية في دورتها السادسة، التي لا نعرف حتى اليوم أي أثر ملموس لها على صعيد تشجيع الفن السوري، سوى حديث الفنانين الدائم عن (أهميتها) من دون تحديد معايير هذه الأهمية، إذ لا أعتقد أن صناع الأعمال الجيدة أو الرديئة يفكرون وهم في غمرة إنجاز أعمالهم بأنه سيكون لهم نصيب من جوائز (أدونيا) أم لا... ولا أعتقد أن أي عمل سوري يسوق للعرض مجددا في أي محطة من المحطات العربية... سيُذكر في سياق تقديمه للمشاهدين بأنه حائز جائزة (أدونيا) كي يشعر الناس بأنه عمل (موثوق) يستحق المشاهدة!

فالجائزة ما تزال شأنا محليا سوريا، يُسر منه من يُسر، ويمتعض منه من يمتعض في ليلة توزيع الجوائز، ثم ينقضي كل شيء بلا أي أثر يذكر سوى بعض المتابعات الإعلامية الموسمية... وشخصياً لا أعتقد أن هذه الجائزة ستغير شيئاً في المشهد الدرامي السوري، خارج مجاملات الفنانين ونفاقهم غير المستغرب في أي أمر يسألون عنه أمام الكاميرات... وبالطبع لن أستغرب أن تكون هناك جائزة في العالم لا تجتمع فيها لجنة التحكيم على الإطلاق كما يحدث في (أدونيا) حصراً، وكما صرح المخرج خلدون المالح أحد أعضاء لجنة التحكيم السبع والعشرين على شاشة قناة الدنيا هذا العام... لأنني سبق أن استغربت ذلك العام الماضي، واعتبرته نوعاً من ترك المجال لسهولة تزوير آراء المحكمين إذا اقتضى الأمر، ما دام كل واحد في بيته لا يعرف من صوت لمن... وهل كان رأيه مطابقاً لآراء الأغلبية أم العكس، لكن ما أستغربه حقاً هو أن يحدثنا منظمو (أدونيا) عن جائزة العمل الأكثر جماهيرية، التي حصدها هذا العام المسلسل السوقي الفظ والمشين (أبو جانتي ملك التاكسي)!

سألت كثيراً عن آلية إشراك الجمهور في التصويت للأعمال، فقيل إن هناك رقم موبايل يمكن التصويت عليه. حسناً كيف سيعرف السوريون ذلك إذا لم تصلهم رسائل تدعوهم للتصويت؟ وعلى حد علمي لم تصل أي رسالة من هذا النوع لأحد ممن سألتهم... إلا إذا كان التصويت حكرا على أهالي وأقارب وأصدقاء منظمي أدونيا والفنانين الذين شاركت أعمالهم فيها، وأرجو ألا يكون رقم الموبايل المذكور قد نشر في جريدة 'بلدنا' التي تصدرها المجموعة التي تنظم الجائزة... لأن جمهور السيد أبو جانتي من سائقي التاكسي وشوفيرية المكاري وزعران التلطيش ومتعهدي السائحين الخليجيين الذين حولوا أغنية (سوري يا نيالي) إلى أغنية للتغني باقتناص الريال في المسلسل... لا يقرأون صحفاً، وهم إن وقع في أيديهم عدد من جريدة نسيها راكب لديهم، غير مستعدين لصرف ليرة واحدة في رسالة التصويت لمسلسل لم يدعوا لحفل توزيع جوائزه، وهو لا يتنافس مع عمل عربي آخر كي نقول إن الروح الوطنية دبت فيهم فصوتوا لعمل سوري!

وهكذا لا توجد أي آلية واضحة ومقنعة ونزيهة لمعرفة كيف أبدى الجمهور رأيه في هذا العمل أو ذاك... فلماذا الكذب باسم الجمهور... ولماذا إشراك الجمهور في جائزة هي شأن خاص لمنظميها وفنانيها ولحساباتهم وغاياتهم، بل سيرمى بأي واحد من هذا (الجمهور الحبيب) في عرض الشارع، لو فكر في الاقتراب من قاعة الحفل.. أو حلم بدخولها!

إن مشكلة (أدونيا) باختصار أنها ليست جائزة بقدر ما هي استعراض سنوي يحاول أن يحاكي حفلات الجوائز العالمية في أمور شكلية فقط، كالحديث عن تشكيل لجنة تحكيم، ونشر ترشيحات، وفرض ارتداء البزة الرسمية على الضيوف... وظهور الكثيرين منهم وهم يزينون أعناقهم بالبابيونات ويطلقون تصريحاتهم المتكلفة قبل دخول القاعة... والمشكلة الأكبر أن طيبة الذكر (أدونيا) لا تقدم للمتابع أو الجمهور أي بيان عن القواعد التي تحكم تناقضاتها الفاضحة، سوى أن خير قاعدة أن تدوس كل الأعراف والقواعد!