2012/07/04

لماذا أصبح الاستسهال سمة مهنة التقديم؟
لماذا أصبح الاستسهال سمة مهنة التقديم؟

محمد خضر _ السفير

عندما كان عادل مالك يقدم برنامجا سياسيا على شاشة «تلفزيون لبنان» كانت السمة الغالبة هي الأسلوب المحترم في المخاطبة التلفزيونية، مع خلفية ثرية في المعلومات والوقائع. وحين كان يعطى الراحل رياض شرارة الضوء الأخضر لبدء برنامجه، كان وجهه يشع فرحاً، فيخاطب المشاهدين بعفوية جعلته علامة أمل في الأوقات الصعبة. بينما حظيت ليلى رستم بجماهيرية واسعة لأنها أعطت دروساً في كيفية إدارة حوار شيق وجذاب .

اليوم كل شيء تغير. فمن تعتبرهم بعض المحطات نجومها في التقديم، يقعوا في إشكالات عدة في هذا المجال. ويفرض بعضهم نفسه بشكل يومي أو أسبوعي على المشاهد، من خلال تقديم نشرات الأخبار وحدها، أو مضافة الى برامج «التوك شو» السياسية.

فبعض المقدمين يقدمون معالجات سطحية لموضوعات مهمة في عدد من القنوات المحلية التي تبث فضائياً. فتلك المقدمة الضاربة في رمل الغد، تبدو ضعيفة الحجة مع ضيوفها. وزميلها المتأثر بزميله مرسال غانم، لا يفتأ يمارس «الأستذة» على ضيوفه. والثالث الذي تحولت «لدغته بالراء» الى سمة خاصة، لو طبقت عليه شروط المذيع لما سمح له بامتلاك هذه الصفة، والرابع الذي يعرض أكسسواراته (ساعته، خاتمه، زر قميصه) أمام الكاميرا، لا يمتلك صوتاً مناسباً لإذاعة نشرة الأخبار، ولا يكف عن اصطناع العبوس وهو يكيل المواعظ للضيف. فيما أصبحت الزميلة التي تطل عبر برنامج سياسي صباحي متصالحة تماماً مع الأخطاء واللعثمة...

كما أصبحت مهنـة التــقديم مهنة من عمل له، أو مهنـة العديد من نجوم التمثيل والفن. فالملحن زياد سحاب عازف العود المميز وصاحب الجملة الشرقية الأصيلة، يدخل مجال التقديم، (الى جانب زوجته إيزابيل نون) عبر برنامج «كلام هونيك ناس»، متأثراً بقصد أو من دون قصد بروح وأسلوب الفنان زياد الرحباني وطريقته في الكلام . ويرمي البرنامج الى نقد برامج الحوار على القنوات التلفزيونية، في إطار استضافة شخصية سياسية. وهو دور لا يناسب الملحن ولا يلتقي مع موهبته.

وفيما يبدو كارلوس عازار متوازناً في لعب دور المقدم، بدت الممثلة كارمن لبس مشدودة الأعصاب في الحلقة الأولى من برنامج «شو سرّك». ويبالغ طوني بارود في صراخه مسكونا بحمى الملاعب التي عرفته لاعب كرة سلة ثم معلّقاً رياضياً. ونفضله مقدماً لمسابقات ملكات الجمال أو الحوارات الهادئة مثل الحوار الذي أجراه مع الزميلة ماغي فرح حول كتابها السنوي عن الأبراج.

كما دخل مجال التقديم أحد ملوك الجمال وسام حنا عبر برنامج «لازم نعرف»، وهو يشكل مغامرة له، وهي المغامرة التي نجحت فيها دينا عازار ملكة جمال لبنان سابقاً عبر برنامج «ديو المشاهير»، ومن قبله «استديو الفن».

ورغم طول مدة خبرته الميدانية، اعتذر المخرج سيمون أسمر غير مرة عن قبول مهمة التقديم ، ولسان حاله يقول: «ما بدّي مية صفة.. بيكفيني كون مخرج».

وثمة أمثلة إضافية حول تحريف مهمة التقديم عن صورتها الأساسية. والسبب دائماً هو المعلن الذي يفضل رعاية اسم لامع، حتى لو لم يكن من أهل الاختصاص، لضمان النتائج المادية.

أما شروط الأمس في التقديم، فباتت صورة تذكارية فقط.