2012/07/04

نصرحسن الصطيف - الثورة

إذا أردت أن تعرف شعباً فاستمع إلى أغنياته، مقولة برهنت على صحتها التجارب الإبداعية في دنيا الفنون وذلك لأن الأغنية إحدى أهم سمات هوية المجتمع الذي تنشأ فيه.

وظلت هذه المقولة زمناً طويلاً تسهم في رسم الملامح الشخصية للمجتمعات البشرية، حتى جاءت ثورة الاتصالات وراحت تغزو بأدواتها عالم

السمع والبصر.. فضاعت ملامح الفن الغنائي وتماهى في فنون الإلكترونيات ما أثر على الفن الغنائي عموماً.‏

وراح بعضهم يتساءل عن حال الأغنية اليوم وعلاقتها بخصائص المجتمع الذي جاءت منه.‏

فعلى صعيد الأغنية العربية السورية يرى الفنانان هيثم نورس وأسعد البكري العاملان في فرقة الموسيقار صبحي جارور.. أنها غائبة عن الساحة

الفنية وليس للأغنية اليوم أي ارتباط بالبيئة المحلية والطرب المحلي ويقول: مازلنا منذ سنوات نفتقد الأغنية السورية التي تحمل صفات جميلة

وذات خصائص تعبر عنها، لقد كان المستمع العربي في أي بقعة من بقاع الوطن العربي يعرف الأغنية السورية من مجرد سماع مقدمتها.. وكانت

أغنيات الفنانين رفيق شكري ونجيب السراج وإنعام صالح صورة واضحة عن خصائص الأغنية العربية في سورية، بكلماتها ولحنها وطريقة أدائها،

فلماذا نسمع أغنيات «خليجية، ومصرية ومغربية» ولانسمع بأغنية ذات خصائص فنية سورية؟ حتى إن المطربين أبناء دمشق وحلب وحماة

والساحل يؤدون أغنياتهم باللهجة الخليجية.‏

لقد أقامت الدولة عدة مهرجانات للأغنية المحلية كلفت أموالاً طائلة، لكن هذه المهرجانات ظلت بعيدة عن صفات وخصائص الأغنية السورية.‏

ألم يعد هناك شعراء يكتبون أغنيات تحمل خصائص الطرب السوري؟.‏

يقول الفنان البكري: إذا كان ذلك صحيحاً- وهذا مالايقبله عاقل- فإننا نتساءل: لماذا لاتتضمن برامجنا الإذاعية تقديم أغنيات «بالفلا جمال ساري» للمطرب رفيق شكري أو أغنية «العيون العسلية» للمطرب نجيب السراج.‏

الأغنية اليوم صارت صناعة وليست فناً.. نعم واسألوني كيف ذلك؟!.‏

الأغنية هذه الأيام تؤلف وتلحن وتخرج إلى النور في (24) ساعة ثم تسجل في الاستديو مع الفرقة الموسيقية من دون مطرب وفي اليوم الثاني

يأتي المطرب «عفواً المؤدي» ومعه الكلمات فيضع جهاز الصوت على أذنيه ويغني مع التسجيل وبعدها يتم دمج الموسيقا والصوت، بينما كان في

الماضي الملحن والفرقة والمطرب أو المطربة يجتمعون في استديو التسجيل لأيام عديدة حتى يتم إنجاز الأغنية.. وتسمعها اللجنة مع كادر

الأغنية عدة مرات قبل أن تتم إذاعتها..‏

وسأروي لكم قصة من أيام الزمن الجميل للطرب الأصيل يوم تم اللقاء عام 1964 بين الموسيقار محمد عبد الوهاب وسيدة الغناء العربي أم كلثوم

وقد كتب الأغنية الشاعر أحمد شفيق كامل «أنت عمري» وبعد أن تم تلحين الأغنية التي استغرقت عدة أسابيع تم الإعلان عن موعد إقامة

حفل خاص لها، وفي الموعد المحدد لم يحضر الموسيقار محمد عبد الوهاب الحفل لأنه كان قلقاً من ألا تنجح الأغنية ولما تم عزف المقدمة

الموسيقية وضجت الصالة بالتصفيق اطمأن الموسيقار لعمله وذهب عنه القلق.. فتصور يارعاك الله كيف هي أغنيات هذه الأيام التي بلا طعم ولا

لون ولافن!.‏