2012/07/04

لميس جابر: ضاع المسرح وحُرقت السينما وفسد التلفزيون
لميس جابر: ضاع المسرح وحُرقت السينما وفسد التلفزيون

خمس الحواس- دار الإعلام العربية

الكاتبة د.لميس جابر من القليلات جداً في كتابتها منذ أن بدأت، ومع ذلك فكل عمل تكتبه يواجه العديد من الصعوبات حتى يرى النور، على غرار مسلسل

«الملك فاروق» الذي كتبته لزوجها الفنان يحيى الفخراني وتم تأجيله 10 سنوات حتى اعتذر عن تقديمه، وبعده مسلسل «محمد علي» الذي واجه أيضاً

العديد من الصعوبات والأزمات من تحويله إلى مسلسل بعد أن كان فيلماً وتأجيل تصويره هو الآخر إلى عام 2012 الأمر الذي أصاب لميس بالاكتئاب، حول كل

هذا التقينا لميس التي تقلدت منصبها الجديد كوزيرة للثقافة في حكومة الظل التي استحدثها أخيرا حزب الوفد المصري، فإلى تفاصيل الحوار

حول رد فعلها حيال تأجيل مسلسل «محمد علي»، قالت لميس: عندما عرفت بقرار التأجيل أصابتني حالة من الاكتئاب والإحباط، وتراجع حماسة عن

الكتابة، ولكن بعد ذلك وجدت أن هذا التأجيل جاء في صالحي؛ لأنه يتيح لي الفرصة للقراءة والاطلاع أكثر على كتب وأشياء لم يمكني الوقت من قراءتها،

ولدي قناعة الآن بأن التأخير في صالح المسلسل، وقد حدث هذا من قبل مع «الملك فاروق» الذي تم تأجيله ما يقرب من عشر سنوات ولكن في النهاية

قدم بهذا الشكل الذي خرج به

ما السر وراء كتابتك مسلسلا عن محمد علي؟

الحقيقة أن الفكرة طرأت في بالي وأنا في المسرح أشاهد مسرحية «الملك لير» في عام 2002، وحضرت إلى ذهني فكرة كتابة مسلسل عن محمد علي

وفترة حكمه، وعرضت الموضوع على يحيى زوجي فوافق عليه وشجعني

مسلسل التأجيلات

ولكن بعد ذلك أحاطت بالعمل بعض الظروف الصعبة.

بعد أن قررت تقديمه فيلما سينمائيا وليس مسلسلا؛ حتى لا أكرر مأساة مسلسل «الملك فاروق» بدأت أقرأ عنه وأكتب فيه وتحمس للفكرة في ذلك

الوقت عماد أديب وعرّفني أنا و يحيى على المخرج السوري حاتم علي، فلم أكن أعرفه من قبل، وفي نهاية صيف 2002 وقعنا العقود مع شركة «جود نيوز»

على أن تقوم بإنتاج فيلم «محمد علي» وبعد ذلك بدأت التأجيلات لبدء التصوير إلى أن قررت أنا ويحيى، العام الماضي أن نحول الفيلم إلى مسلسل بعد أن

اعتذرت عنه الشركة المنتجة، ولكنني في هذا الوقت كنت أنتقل من منزلي في العباسية إلى المنزل الجديد في المقطم وبسبب تغيير المكان لم أستطع

الكتابة لمدة 7 شهور، ومن ناحية أخرى بدأت شركة الإنتاج الجديدة «كينج توت» في التحضير من ديكورات وملابس وغيرهما لبداية التصوير، ولكن فجأة

اعتذر السوري حاتم علي عن إخراج المسلسل بعد أن كان يفصلنا عن بدء التصوير عدة أيام، وذلك لانشغاله بعمل آخر، وفي هذا الوقت بدأت شركة الإنتاج

في البحث عن مخرج آخر وعرض عليهم يحيى أسماء مخرجين شباب في مصر وكان من بينهم شادي الفخراني ووافقت الشركة على شادي ولكنه اعتذر

عن تقديم المسلسل هذا العام؛ لأنه لن يستطيع التحضير له بشكل جيد

هل ترين أن ابنك على قدر مسؤولية إخراج مسلسل ضخم مثل «محمد علي»؟

شادي مخرج متميز ولا أقول ذلك لأنه ابني، ولكنه تخرج منذ 14 سنة وعمل مساعد مخرج، وكان بالفعل مخرجا مساعدا مع حاتم علي في هذا

المسلسل وبدأ معه في التحضير له، ويعرف كل شيء عنه، وكان معي منذ أن بدأت في كتابته، وعندما عرض الموضوع على شادي فوجئ في البداية لكنه

وافق بعد ذلك، وبدأ في النزول لمتابعة الديكور والملابس ثم وجد أن الوقت ضيق ولن يتمكن من التحضير الجيد له ليخرج بالصورة اللائقة، فطلب تأجيل

المسلسل لعدة أسباب منها أنه يريد أن يقدم نفسه بشكل جيد، والثاني أنه أراد أن يحافظ على الورق الذي كتبته، وإذا كان لم يكن على قدر المسؤولية

لما فكر بهذه الطريقة

ما الصعوبات التي واجهتك خلال كتابة المسلسل؟

لم تكن هناك صعوبات غير أن هذا المسلسل يحتاج إلى وقت طويل في البحث والكتابة، فعلى الرغم من أنني انتهيت من كتابة 24 حلقة منه فإني لم أكن

مطمئنة لبدء التصوير؛ لذلك عرفت أن التأجيل جاء مصلحة ولكن في النهاية واجهت صعوبة في تحديد طريقة الكلام واللغة التي يكون بها المسلسل؛ لأن

محمد علي كان يتحدث باللغة التركية، وكانت خطاباته بلغة عربية غريبة لكنها مفهومه عند ترجمتها، فأخذت لغة الترجمة وجعلتها لغة المسلسل لتكون

سهلة على الجمهور وبعيدة عن اللغة التركية الصعبة

حدثينا عن المصادر التي اعتمدت عليها في الكتابة..

مجموعة من المراجع والكتب التي تناولت فترة حكم محمد علي لكبار المؤرخين ومن أهمهم عمر طوسون الذي كتب العديد عن البعثات العلمية والجيش

والبحرية

دراما اجتماعية

هل كان هناك اعتماد على أشخاص من أسرة محمد علي؟

إطلاقاً، لا أعتمد في أخذ المعلومات من الأشخاص؛ لأني أؤمن بأن أهل الشخصية ليس لديهم معرفة، والمعلومات الكافية والصحيحة عن الشخصية يقدمها

المؤرخون الذين لديهم الكثير من تفاصيل وأحداث، فالاعتماد على الشخصيات يؤدي إلى الخلط بين الأشياء

ككاتبة.. هل تنحازين لتقديم محمد علي في فيلم سينمائي أم مسلسل؟

الشركة المنتجة تحمست لأن يكون فيلماً، ولكن عندما انتقل إلى شركة أخرى جاءت فكرة تحويله إلى مسلسل، والحقيقة أنني وجدت أنه من الأفضل أن

يكون مسلسلاً أكثر من فيلم؛ لأن هناك العديد من الأحداث والشخصيات المهمة كان سيتم اختصارها في الفيلم، فمثلاً شخصية عمر مكرم كانت ستظهر

بالفيلم في مشهدين فقط رغم أهميتها الشديدة في فترة حكم محمد علي، خاصة أنها السبب وراء توليه الحكم، لكن في المسلسل تمت إضافة تفاصيل

أكثر وأصبحت الشخصية في عدة حلقات

لميس جابر رغم موهبتها إلا أنها قليلة في أعمالها الفنية.. ما ردك؟

للأسف أختار كتابة الأعمال التاريخية التي تأخذ بطبيعة كتابتها وقتا طويلاً، كما أنني أهتم بالتفاصيل وكل صغيرة وكبيرة حدثت في الفترة التي أكتب عنها،

وكثير من أصدقائي يسألونني: لماذا لا تقدمين مسلسلات اجتماعية؟ ولكن بعد محمد علي سأبتعد عن كتابة المسلسلات التاريخية

هل هناك قضايا معينة تودين تناولها فيما بعد؟

ليست هناك قضايا محددة، لكن أتمنى تقديم دراما عادية يومية مثل مسلسل «العائلة والناس» وسأفكر في هذا بعد «محمد علي».

ما رأيك في الموضوعات التي تقدم في السينما والتلفزيون واتهام المؤلفين بفقر أفكارهم؟

هذا التشخيص للآفة التي أضرت الفن غير صحيح، السبب في سوء الحال هو أن الفن يتبع الدولة فضاع المسرح وحُرقت السينما وفسد التلفزيون،

فالسينما كانت صناعة ربحية، والذي أقامها هو طلعت حرب رجل الاقتصاد، وأنشأ الاستوديوهات والمعامل للطبع والتحميض وشركات إنتاج وتوزيع، ولكن

السينما حالياً أرى أنها ليست صناعة؛ لأن الدولة غير مقتنعة بأنها صناعة، فبعد أن أممتها وأخذت الأموال من ورائها تركتها لتغرق، وبعد ذلك بدأت تعود

صناعة السينما للقطاع الخاص، الذي يبحث عن الربح فقط، وليس لدينا طلعت حرب آخر لينقذها، وما يقدم حالياً هو اجتهادات منتجين، وكما قلت المنتج

يبحث عن المكسب والعمل المضمون الذي يحقق المكاسب سواء في السينما أو التلفزيون ويضع أمواله للنجم الذي يأتي بها أكثر، فالمشكلة ليست في

المؤلفين، فالأفكار موجودة ولدينا العديد من المواهب الجيدة في الكتابة مثل وليد يوسف وعبدالرحيم كمال وناصر عبدالرحمن وغيرهم

من أول شخص يقرأ ما تكتبينه؟

الحقيقة أنا صدمت عندما بدأت أكتب مقالات في بعض الصحف، حيث كنت أتوقع أن ولديّ شادي وطارق سيكونان من أول قرائي لكن للأسف مع أول مقال

قرأه شادي توقف ثم عاد يقرؤه عندما بدأ يقرأ الجرائد على الإنترنت، أما طارق فلا يقرأ على الإطلاق

ولكن يحيى حبيبي الوحيد الذي لا يزال مستمرا في قراءة مقالاتي ، ضاحكة وأعتبر ذلك تبادل مصالح بيننا فهو يقرأ لي وأنا أتابع مشاهد أعماله فكلانا ينتفع

من الآخر

ما أغرب تعليق قاله لك الفنان يحيى الفخراني؟

ذات مرة علق على أحد المقالات التي كتبتها، وكان مقالا معارضا شديد اللهجة، فقال لي على فكرة أنتِ عندك مرض اسمه المعارضة من أجل المعارضة

فقط، وكل الأشياء لا تعجبك.. لا شيء يعجبك أبدا؟

فجعلني بهذا التعليق أرد عليه بمقال آخر في العدد التالي، قلت له «المعارض ليس إنسانا سيئا، لكنه يحب بلده ومقهور من أجله؛ لأنه يرى أشياء خطأ

وعندما أرى الخطأ وأطالب بإصلاحه فهذا لأنني أحب بلدي وأريده أن يكون أحسن البلاد

وزيرة للثقافة

أخيراً شكّل حزب الوفد وأنت أحد أعضائه حكومة الظل وتم اختيارك وزيرة للثقافة فيها، ماذا عن ذلك؟

كنت في تلك الفترة أغلقت هاتفي المحمول لكي أركز في كتابة المسلسل، ووجدت عليه أسئلة من د.علي السلمي من حزب الوفد يقول لي «تم

اختيارك وزيرة للثقافة في الحكومة التي شكلناها في الوفد»، الحقيقة فوجئت بهذا الأمر، ولكنني عندما ذهبت إلى الاجتماع وجدت أشخاصا كثيرين ذوي

مكانة كبيرة جدا ودرجات علمية متعددة ولديهم الثقافة والمعرفة الهائلة، وأتمنى أن تحقق هذه الحكومة شيئا مما لا تستطيع الحكومة الحقيقية تحقيقه

في الدولة

وما هدف هذه الحكومة؟

حكومة الظل تهدف إلى تداول السلطة وتغيير الرؤية، حيث إن الحكومة التي تنتخب تحاول أن تحل مشكلات الناس وتكسبهم «وهذا بمنطق المصلحة»،

حيث على الأقل عندما ترشح نفسها فيما بعد مرة أخرى تجد تأييدا من الناس وتضمن نجاحها

وماذا تنوين فعله في وزارة الثقافة؟

أولاً سأطالب باستقلالية هيئة المسرح عن ميزانية الدولة، وأعين رئيسين للهيئة رئيسا إداريا وآخر فنيا وأختارهما ممن يهتمون بالمسرح مثل سميحة أيوب

ونور الشريف وعزت العلايلي ومحمود ياسين، وبالنسبة للسينما أنا لا أفهم في إدارتها تجارياً لكن على الأقل سأصدر قرارات بعدم هدم دور العرض

السينمائي أو المسارح لتحويلها إلى منشآت أخرى