2012/07/04

لول (LOL).. اختلاف حول المضمون           وإجماع على الشكل
لول (LOL).. اختلاف حول المضمون وإجماع على الشكل

رامــي بـــاره

رغم اختلاف آرائنا حول البرنامج الترفيهي لول  LOLالذي تعرضه محطة OTV اللبنانية، إلا أن معظم انتقاداتنا تمحورت حول مضمون البرنامج، وإن كنا أكثر دقة، فإن انتقاداتنا تناولت مسألة الطرح الإباحي في النكات على شاشات التلفزيون، وتناول الرموز الدينية والمقدسة بأسلوب متهكم. أما الاختلاف في التسميات والصفات في توصيف مضمون البرنامج، فلم يكن إلا جزءاً  من الموقف الذي اتخذه الناقدين على اختلاف مشاربهم... فمن أيّد هذه (الجرأة غير المسبوقة) في الإعلام العربي، وصف (الجرأة) على أنها حرية وتحرر من العُقد المتخلفة والتحجر والخوف المبالغ الذي لا يحمل أي مبرر، واعتبر هذا النوع من التسلية محاولة كشف عفوي لما نحكيه في السر خلف الأبواب المغلقة،  يُعلمنا ألا نخشى مما يُضحكنا... كما أن المؤيدين وجدوا في البرنامج متنفساً للمواطن العربي الذي سئم من شاشته التي ملأتها الأخبار الساخنة والبرامج التربوية الجادة، وخُطب الواعظين والسياسيين، وهذا ما أكده مخرج البرنامج "شادي حنا" في مقابلة تلفزيونية حين صرح «بأنه يبتعد في برامجه عن أسلوب الوعظ والإملاء والتربية الذي ملأ فضائياتنا، والذي يُشعر المشاهد دائماً أنه في مرتبة أدنى ويعاني من عقد النقص...». ويرى المؤيدون أن تناول رجال الدين في بعض نكات البرنامج هو أمر طبيعي، فرجل الدين بالنهاية إنسان وهو معرض للخطأ، والمزاح بهذا الجانب يقربنا منه ويكسر الجمود والحواجز بين العامة ورجال الدين. أما نقيض التوصيف السابق فهو الموقف الذي تبناه معارضو البرنامج، حيث اعتبروا أن هذه الجرأة إسفاف وإنحدار ولا أخلاقية وتخلٍ عن مستوى رفيع من العادات التقاليد والحياء  ساد في تلفزيوناتنا العربية على فترات طويلة من الزمن، فالبرنامج –برأيهم- هو تطرق رخيص لكل ما هو إباحي وجنسي ومثير دون مراعاة الأطفال والأسرة التي تجلس سوية وراء الشاشة، رافضين المساس بالمكانة الأخلاقية لرجال الدين بغرض الإضحاك والتسلية. وبغض النظر عن رأي هذا أو ذاك، فإننا لم نقل كلمة حق تنصف البرنامج من حيث الشكل أو أسلوب العرض الذي ظهر به، على ألا تُفهم قراءتنا للشكل على أنها موقف سلبي أو إيجابي من مضمون البرنامج. لول LOL كسر الكثير من القواعد الإعلامية التي كانت متعارفة في صناعة برامج الترفيه العربية، فقد أثبت أولاً أن صناعة الترفيه لا تحتاج (دائماً) إلى رؤوس أموال عملاقة لتحقيق الجماهيرية، فطاولة مستديرة وبعض الموهبة تصنع الكثير. لقد حوّل البرنامج ما كان يُعتبر سابقاً (عيباً أو خطأً) في العرض إلى عنصر أساسي (مضحك) في صلب عملية العرض، ولا ننسَ هنا أن (الإضحاك) هو القالب الأساسي في البرنامج، فالعلاقة المتوترة بين مقدم البرنامج ومخرجه والعاملين في كواليسه، غالباً ما كانت علاقة مستترة لإنجاح العرض، ومجرد ظهورها دون قصد ضمن لحظات العرض كانت تعتبر عاراً لا يُغتفر على المخرج والمصورين. هشام حداد، مقدم البرنامج، استطاع أن يحوّل تلك الأخطاء إلى مواقف مضحكة دون الخروج عن قالب البرنامج، فقد أصبح الحديث مع المخرج وسؤاله عن مواضع الكاميرا والأمور الأخرى الخاصة بعملية التصوير جزءاً طبيعياً من عملية العرض . ومن المؤكد أن هذه العفوية هي موهبة تمكن المقدم من ضبط البرنامج دون الحاجة للفواصل، ودون شعورنا بارتباك المذيع أمامنا دون مبرر، والسبب هو إطلاق المخرج لعشرات الأوامر في أذن المقدم باللحظة التي يتكلم فيها المقدم مع الضيوف...، فقد يطلب المقدم من جمهور الاستديو الصمت وعدم إثارة الضجيج، أو يطلب من ضيفة البرنامج الدائمة، أرزة شدياق، إطلاق أية (نكته) لاستحقاق أجر الحلقة بأسلوب فكاهي يثير الضحك لدينا دون أن نشعر بأن تلك الأخطاء كانت تحتاج في البرامج الأخرى لفواصل اضطرارية يتمكن المخرج من خلالها حل العديد من العقبات الفنية إعادة بعض الإرشادات للمتواجدين داخل الاستديو. عفوية هشام أخرجتنا لأول مرة من سلطة المعلن التي كانت دائماً عبئاً على المتفرج، فطريقة هشام وضيوفه  في السخرية بتناول السلعة المعلن عنها، بأسلوب مبالغ وفج يثير الضحك، لا تشعرنا بتلك السلطة التي يمليها صاحب السلعة المعلن عنها على البرنامج، وبنفس الوقت لا تحمّل المعلن أي عتب على صانعي البرنامج، فهم قدموا السلعة بأسلوب فكاهي ضمن سياق وقالب البرنامج. إن تلك العفوية في صناعة لول  LOL مكنت معدي البرنامج من التأقلم السريع مع الشكل الأنسب في العرض، فعندما بدأ البرنامج بتقسيم الفقرات إلى عناوين عريضة، كتناول موضوع محدد في النكات بكل فقرة، وتناول نكات الرزنامة في فقرة منفصلة، وفشلت الحلقات الأولى في ضبط المواضيع والفقرات، تم التخلي عنها بسرعة قسوة وحدسية تستوعب ما أحبه الجمهور وتستبعد ما كبّل الضيوف. تلك العفوية والتلقائية في التعامل مع الكاميرا والحديث بين الضيوف، لم تظهر واضحة إلا بعد اشتراك عدد من الفنانين السوريين في البرنامج، فرغم محبتنا لهؤلاء النجوم في الأعمال الكوميدية التي قدموها، لم يكونوا قادرين على الإضحاك عندما أعطت لهم الحرية على شاشة الـOTV، والسبب ببساطة أنهم لم يعهدوا تلك العفوية في الإضحاك. فرغم الانتقادات التي وجهت للبرنامج علينا أن نعترف أن لول LOL قدم لنا درساً في صناعة الكوميديا بغض النظر عن مواقفنا الشخصية من مضمون البرنامج.