2013/05/29

مــــــؤمــــــن المــــــــلا حمـــــــــام شــــــــامـــــي.. امتحـــــان عســــــير !!
مــــــؤمــــــن المــــــــلا حمـــــــــام شــــــــامـــــي.. امتحـــــان عســــــير !!


عمر محمد جمعة – البعث


لم يشهد تاريخ الدراما السورية جدلاً كبيراً حول عمل درامي بمستوى الجدل –اتفاقاً واختلافاً- الذي شهده مسلسل "باب الحارة"، وصل بعض الأحيان حدّ التشهير والاتهام بالانفصام عن الحارة الدمشقية والإساءة لها وإعطاء المشاهد العربي صورة مشوّهة عن طبيعة المجتمع الشامي ولاسيما شخصية المرأة، بل غالى البعض وذهب إلى اعتبار الأعمال الشامية سلعة تجارية فارغة المضمون، تختزل تاريخ دمشق بمجرد "خنجر وقتل واغتيالات وثرثرة نسوان لا تنتهي"، أو اعتماد العمل على أحداث وفانتازيا وتهويلات مختلقة لا تمتّ أساساً إلى هذه الحارة بأي صلة، فيما رأى البعض في هذا العمل إحياء للفضائل والقيم والمآثر النبيلة التي ميّزت الدمشقيين في حقب زمنية غابرة، ضمن قوالب وحكايات مبرّرة درامياً، انطلاقاً من أن الفن يجب ألا يكون صورة طبق الأصل عن الواقع، أو أن يقول كل شيء كما هو، وألا ينزاح عن الوقائع والتعامل معها على أنها مسلّمات أبدية أو مقدسات أزلية.

> وعلى الرغم من هذا الجدل المتناسل والاتهامات المتبادلة، فإن عجلة إنتاج أعمال البيئة الشامية لم تتوقف، وهي التي قدّمت لنا في الموسم الماضي 2012: زمن البرغوت، الأميمي، طاحون الشر، حارة الطنابر.. وسواها، وتَعِدُ اليوم بتقديم مسلسلات أخرى منها: ياسمين عتيق، قمر الشام، طوق البنات، خوابي الشام، بنت الشهبندر، وعودة "باب الحارة 6 و7"، فضلاً عن الجزء الثاني من "زمن البرغوت" و"زنود الست"، ويبقى اللافت بزعمنا من بين هذه التجارب تجربة مؤمن الملا الذي اشتغل مطولاً في هذا النوع من الأعمال، وغامر هذا الموسم ونقل الحارة الدمشقية برمتها إلى أبو ظبي لتقديم عمل شامي جديد من هناك.

فبعد تجربتيه الإخراجيتين في "الزعيم" و"باب الحارة ج5"، وتصريحاته مؤخراً بأن الحارة الدمشقية والعربية بصورة عامة قادرة على استيلاد تفاصيل درامية جديرة بالمعالجة والاستمرار، خصوصاً مع الحاجة الماسة إلى تجسيد جانب أصيل من قيم تلك الحارة، بدأ المخرج مؤمن الملا في أبو ظبي تصوير أولى مشاهد مسلسله الجديد "حمام شامي" الذي كتبه السيناريست كمال مرة، وتنتجه شركة الأدهم للإنتاج الفني ليصار إلى عرضه في شهر رمضان من العام الحالي.

ويتناول العمل –بحسب منتجيه وصنّاعه- أحداثاً وحكايات واقعية وخيالية جرت في النصف الأول من القرن الماضي، وتدور في ساحة حمام شعبي بإحدى الحارات الدمشقية الصغيرة، بسرد وصيغة مختلفين.

إذاً نفهم من كلام فريق "حمام شامي" أن العمل يسعى إلى اختبار ذائقتنا وتقديم شيء مغاير لما قدّمه "باب الحارة" وما يوازيه من أعمال شامية أخرى، وأن الديكورات البديلة التي بُنيت في أبو ظبي ستكون قريبة جداً من روح دمشق وملامحها العامة وصورة مركبة عن حكايات حماماتها القديمة والعريقة، وأن المخرج الملا يجهد تحت مقولة (بسرد وصيغة مختلفين) إلى نسف أي ادّعاءات ومزاعم بتناسخ وتكرار عناوين وحكايات وشخصيات ومحاور أعمال البيئة الشامية؟!.

ولئن كنّا نجهل حتى اللحظة طبيعة الحكايات والشخصيات التي سيقدّمها المسلسل، غير أن ما رشح من أخبار خلال الأيام القليلة الماضية ربما يدعونا إلى التوقف عند ظاهرة أرهقت دراما البيئة الشامية وأربكت المشاهد وحيّرته، وهي مسألة غاية في الخطورة يبدو أن صنّاع هذا النوع من الدراما لم يدركوها أو ينتبهوا إليها بعد، ونعني بذلك تكرار الوجوه والممثلين أنفسهم، حتى لتظنّ أن حصرية "الزعامة والمخترة" حكر على نجوم الصف الأول، وأن أي عمل ناجح ينبغي أن تكون فيه صباح جزائري زوجة المختار أو الزعيم أو العكيد، أو وائل شرف هو "زكرت" الحارة، وأن الحارة لا تصلح إلا بوجود الفنان عادل علي "شيخ الجامع".. الخ.

وحتى نضيّق الدائرة أكثر سنذكر –وتبعاً للأخبار المسرّبة من كواليس العمل- أن الفنان مصطفى الخاني مثلاً سيجسّد شخصية خرطوش الشاب الذكي والمتمتّع بالدهاء والمكر المتلازمين مع الطيبة، حيث يترك له جده كل ما يملك من أموال وذهب لدى أبو صخر صاحب الحمام دون أن يعلم خرطوش بذلك، وبعد أن يخرج من السجن يعمل في الحمام كأجير عادي ويوقع العمال والزبائن في مآزق عديدة كما يوقع في مقالبه رجال الحارة، وكل ذلك لكي يجمع بعض المال للزواج من حبيبته! متمنين من الفنان المبدع بحق مصطفى الخاني ألا يقع تحت غواية نجاح شخصية "نمس باب الحارة" ويكون خرطوش بكاريزماه نسخة معدلة عنه، ولاسيما أن الملامح العامة تشي بذلك.

باختصار.. وللمقارنة والمقاربة لا أكثر لابد من أن نذكر أن "حمام شامي" سيؤدي الأدوار الرئيسية فيه كلّ من: مصطفى الخاني، عبد الهادي الصباغ، أحمد الأحمد، ديمة الجندي، ديمة بياعة، مها المصري، زهير رمضان، مرح جبر، واحة الراهب، علي كريم، وفيق الزعيم، وسليم صبري وغيرهم، وهي دعوة صريحة للمشاهد أن يقف عند أداء هؤلاء النجوم ويستدعي من ذاكرته القريبة شخصيات جسّدوها سابقا.

ولاسيما في الأعمال الشامية، ليدرك خطورة تكرار الوجوه والممثلين في أعمال تنتمي إلى حقل درامي واحد. ونزعم أن هذا اختبار شاق وحقيقي لا يقلّ عن الامتحان العسير الذي يخوضه المخرج مؤمن الملا في عمله الجديد.