2013/06/21

ماذا يقول السوريون عن «أراب أيدول»؟
ماذا يقول السوريون عن «أراب أيدول»؟


طارق العبد – السفير

ليست المرّة الأولى التي ينافس فيها شباب سوريون على لقب أحد برامج الهواة، من رويدا عطيّة في برنامج «سوبر ستار» إلى نور عرقسوسي في «ذا فويس»... لكنّ الاهتمام بفرح يوسف وعبد الكريم حمدان المشاركين في «آراب أيدول 2»، بدأ ينكشف عن حالة انقسام واضحة، ذات معالم سياسيّة. من جهة، يسود التجاهل التام لعبد الكريم حمدان والاحتفاء بفرح يوسف، يقابله على الضفة الأخرى تخوين واتهام بالمتاجرة بالدماء السورية. كلّ ذلك لم يمنع حمدان ويوسف من الغناء لبلدهما، وإمتاع الجمهور والمشاهدين بأصوات جميلة، فرضتهما منافسين على اللقب في الحلقات النهائية.

بدأت مشاركة حمدان ويوسف تثير الجدل، بعد موال «حلب» الذي أدّاه حمدان خلال الحلقات النهائية الأولى. حصد الموّال شعبيّة هائلة، خصوصاً في حلب، مسقط رأسه. كما توجّهت الأنظار إلى زميلته فرح، حين أدّت بدورها موالاً لسوريا. هذه المرّة، راحت الإذاعات المحلية في دمشق تبثّ الأغنية، كما وصلت رسائل قصيرة إلى هواتف السوريين تحثهم على التصويت لابنة مدينة طرطوس، مع تجاهل تام لعبد الكريم. هذا الأخير لم يسلم من حملات التخوين في أوساط المعارضين والموالين على السواء. وبلغ الأمر حدّ إطلاق تهديدات صريحة بتصفيته وعائلته. في المقابل، اعتبر معارضون أنّه «يتاجر بدماء السوريين»، رغم إعلان الشاب أكثر من مرّة عبر صفحته على فايسبوك، أنّه بعيد عن السياسة.

ويقول مجد (24 عاماً؛ طالب جامعي) إنّ صوت عبد الكريم نقي وصافٍ، «لكنَّ تكرار المواويل عن سوريا أصبح مسألة مستهلكة إلى حد بعيد، ويمكن للمشاركين السوريين الغناء من دون الحاجة للعزف على الوتر السوري». ويرى زميله علي (23 عاماً) أنّ «مسؤولية التركيز على الحالة السورية تتحملها لجنة التحكيم»، مستشهداً بإحراج أحلام لفرح يوسف، من خلال ذكر أصالة أثناء تقييمها لأداء المتسابقة، ما عرّض فرح لهجوم حاد في أوساط المؤيدين. بينما تحدث راغب علامة عن «المؤامرة على سوريا» أثناء تقييمه للمشترك الحلبي، ما ضاعف الهجوم عليه. وتقول ديانا (27 عاماً؛ مدرّسة) إنّ الموضوع أعطي حجماً أكبر من حجمه. وتقول إنّ المشاركين في برنامج «ذا فويس» غنّوا للعراق ومصر وسوريا، «لكنّ أحداً لم يسيِّس المتسابقين، ولم يطلق عليهم الاتهامات، وخصوصاً المشتركة السوريّة نور عرقسوسي التي غنّت «على العقيق»، وحظيت بدعم كبير حينها». وتقول مدرسة اللغة الإنكليزية: «تهدف هذه البرامج إلى تقييم الأصوات والاحتفاء بالصوت الجميل فلمَ تسييس الموسيقى ؟ يكفي الاستمتاع بأغنية وأداء مميّز، رأي المتسابق السياسي لن يقدِّم أو يؤخِّر».

بعد مشاركته في تصوير بعض سهرات البرنامج في استوديوهات «أراب أيدول 2» في بيروت، يؤكّد أيمن (24 سنة؛ مدرس) أنّ المنظمين يمنعون الجمهور من رفع العلم السوري الرسمي، وعلم المعارضة أيضاً، كما يتمنون على الحضور عدم إطلاق هتافات منحازة لأي طرف من الأطراف. في المقابل، يرى أيمن أنّه من «حقّ المتسابقََين السوريَيْن أن يغنيا لوطنهما، ومن الطبيعي جداً أن يغنيا بحرقة عن الجرح السوري في ظلّ القتل والدماء والمجازر».

على المقلب الآخر، فإنّ العديد من السوريين لم يصوّت لأيّ واحد من المشاركين، ولم يبدوا أيّ اهتمام بالسجال الدائر حولهما. والحديث هنا ليس عمّن تطالهم نيران الحرب بشكل مباشر فقط، بل أيضاً عن أفراد ما زالت حياتهم تدور بشكل «عاديّ» إلى حدّ ما، ولم تلتهمها أصوات القذائف بالكامل بعد. هكذا، فإنّ الجزء الأكبر من الشارع السوري كان يتمنى لو أنّه استطاع الاستمتاع بغناء فرح وعبد الكريم في «أراب أيدول 2»، بعيداً عن جنون الحرب التي تعصف ببلادهم.