2013/05/29

 مايز البياع لـ «الديار» : معظم أغاني اليوم «مونولوج» والأغنية الشعبية ليست بـ «الطبل والزمر»
مايز البياع لـ «الديار» : معظم أغاني اليوم «مونولوج» والأغنية الشعبية ليست بـ «الطبل والزمر»


يوسف بلوط - الديار

غاب عن الساحة الفنية لسنوات لكنه ظل حاضرا في ذاكرة جمهوره ومحبيه بأغنيات ما زالت رائجة حتى اليوم، وكانت «أحلى كلمة» قالها لمن يعشقون صوته وأغانيه «والله غاليين علينا»، إنه الفنان المتميز مايز البياع الذي لا يزال محافظا على الرقي والذوق في اغانيه التي يختارها بعناية وإحساس مرهف إحتراما للجمهور الذي «يعطي الفنان حبه بلا مقابل».

وفي حديث لـ«الديار» تحدث البياع عن واقع الأغنية وعن أسباب ابتعاده عن الساحة الفنية وعودته التي توجها بألبوم غنائي بعنوان «أعزك» تعاون فيه مع عدد من الشعراء والملحنين من لبنان ومصر والسعودية.

ورأى البياع أن تحقيق الشهرة والنجومية بات اليوم أصعب بكثير من ذي قبل بسبب كثرة الأصوات الموجودة بفضل الإنفتاح الإعلامي الهائل الذي كانت له أيضا آثاره السلبية وقال: «الكل يريد أن يغني وقد أتاحت كثرة وسائل الإعلام المتنوعة إنتشارا لكل الأغاني حتى وإن لم تكن بالمستوى المطلوب، كما أن الإذاعة اليوم لا يمكن أن تقبل ببث أغنية مهما كان مستواها جيدا ما لم يدفع المطرب مبلغا كبيرا لقاء ذلك، عكس ما كان سائدا في السابق حين كنا نطرح العمل الغنائي ونعطيه للإذاعة التي كانت تبثه بكل تقدير ورحابة صدر».

وأشار إلى أن «معظم أغاني اليوم صارت «مونولوج» تعتمد على الطبل والزمر تحت شعار ما يسمى «الأغنية البلدية الشعبية» مع أن الأغنية الشعبية ليست كذلك وإلا ففي أي خانة نضع أغاني نصري شمس الدين ووديع الصافي وصباح والرحابنة؟ لقد اختلفت القواعد والمعايير وأصبحنا نسمع الجملة اللحنية نفسها في أكثر من أغنية، لكن في النهاية الأغنية الجيدة وحدها ترسخ في ذاكرة المستمع مهما حاولت وسائل الإعلام إجراء غسيل دماغ للمستمع وفرض الأغاني ذات المستوى الرديء من خلال بثها على مدار الساعة».

وفي الختام أعرب الفنان مايز البياع عن قلقه حيال الوضع في لبنان قائلا: أنظر إليه بقلق شديد وأشعر بالأسف لأن اللبنانيين لم يتعلموا من دروس الماضي، هم يتغنون بالوطن ولا يخافون عليه، يقفون للنشيد الوطني واضعين أيديهم وراء ظهورهم ويخبئ كل منهم خنجرا ليأخذ قطعة من هذا الوطن الجميل الصغير.ليس هناك شعب في لبنان بل مجموعات طائفية ومذهبية متناحرة على المقاعد والمصالح والوظائف بسبب النظام الطائفي الذي لا يخدم إلا الزعماء السياسيين وأبناءهم وأحفادهم».

* ما هو سبب إبتعادك عن الساحة الغنائية؟

- لقد واجهت الكثير من المشاكل والمتاعب في حياتي الشخصية، وقد بلغت هذه المشاكل ذروتها عندما اضطررت لتصفية شبكة المطاعم التي كنت قد أسستها في وسط بيروت في العام 2005 بسبب الوضع السياسي والأمني الصعب الذي مر به لبنان في تلك الفترة مما أدى إلى خلل في حياتي ولم أكن في وضع نفسي يسمح لي بأن أصدر أي عمل فني أو أطل في مقابلات إعلامية إلى أن عدت إلى الفن في العام 2010 في ألبوم غنائي بعنوان «عم بشتقلك».

* وهل تغيرت شخصيتك الفنية وأسلوبك في تقديم الأعمال الجديدة خاصة أنك أصبحت تنتج لنفسك؟

- بالتأكيد، ففي بداياتي وخلال مسيرتي الفنية كان ينقصني التخطيط والإدارة والرؤية الصحيحة ورغم أنني تعاملت مع أكثر من شخص في إدارة أعمالي لكن لم يتمكن أحد من تحقيق هذه النقاط الهامة بالنسبة لأي فنان، وقد وفقت منذ العام 2010 في التعامل مع شركة إعلان وتسويق هي «Mirror Advertising and Management » التي تولت الإدارة والتسويق لأعمالي وكان لذلك الأثر الإيجابي الكبير.أما بالنسبة لشخصيتي الفنية فأنا أشعر اليوم بأن موهبتي قد صقلت وأنني صرت أكثر وعيا وخبرة وعمقا عند التفكير بطرح أي عمل أو الظهور في أي مقابلة، أصبحت أكثر تقديرا لنفسي وللآخرين وللجمهور الذي يمنح الفنان حبه دون أي مقابل وأنا أعتبر أن التواصل الأمثل يكون من خلال تقديم أعمال جيدة تحترم ذوقه.

* هل تعتبر أن تحقيق الشهرة اليوم بات أمرا صعبا؟

- بالتأكيد ففي السابق كان عدد الفنانين محدودا جدا ولم يكن الفنان ملزما بأن يصدر ألبوما غنائيا في كل عام، بالإضافة إلى ذلك فإن الفنان كان يخضع لاختبارات صارمة وكانت الإذاعة اللبنانية هي الوسيلة الوحيدة التي تبث الأغاني وتسوقها أما اليوم فالكل يريد أن يغني وقد أتاحت كثرة وسائل الإعلام المتنوعة إنتشارا لكل الأغاني حتى وإن لم تكن بالمستوى المطلوب، كما أن الإذاعة اليوم لا يمكن أن تقبل ببث أغنية مهما كان مستواها جيدا ما لم يدفع المطرب مبلغا كبيرا لقاء ذلك، عكس ما كان سائدا في السابق حين كنا نطرح العمل الغنائي ونعطيه للإذاعة التي كانت تبثه بكل تقدير ورحابة صدر.

* تلقيت عرضا من شركة «روتانا» لإنتاج أعمالك ورفضته، ما هو سبب رفضك؟

- لأن العرض لم يكن منطقيا، فقد اقترحت الشركة المذكورة أن تنتج لي عملا غنائيا وتطرحه في الأسواق وتراقب نسبة المبيع وبناء على هذه النسبة تحدد المبالغ التي أتقاضاها وهذا ما شعرت بأنه يقلل من شأني كقيمة فنية لذلك رفضت، فأنا لا أعتمد على أغنية أكمل من خلالها بل على أرشيف غنائي كبير يعرفه الجمهور وما زال يحفظه حتى الآن.

* كيف تصف واقع الأغنية اليوم؟

- للأسف فإن معظم أغاني اليوم صارت «مونولوج» تعتمد على الطبل والزمر تحت شعار ما يسمى «الأغنية البلدية الشعبية» مع أن الأغنية الشعبية ليست كذلك وإلا ففي أي خانة نضع أغاني نصري شمس الدين ووديع الصافي وصباح والرحابنة؟ لقد اختلفت القواعد والمعايير وأصبحنا نسمع الجملة اللحنية نفسها في أكثر من أغنية، لكن في النهاية الأغنية الجيدة وحدها التي ترسخ في ذاكرة المستمع مهما حاولت وسائل الإعلام إجراء غسيل دماغ للمستمع وفرض الأغاني ذات المستوى الرديء من خلال بثها على مدار الساعة.

* هل تفكر في تجديد أغنياتك القديمة؟

- الفكرة واردة لدي بشكل كبير وأنا أفكر بتجديد حوالى 27 أغنية اخترتها من أرشيفي الغنائي، لكنني أنتظر الظرف المناسب وكما تعلم فإن عملية التسجيل مكلفة جدا، أضف إلى ذلك أنه لم يعد هناك عائد مالي للألبوم الغنائي في هذا العصر الذي أصبحت فيه الملكية الفكرية مستباحة، فقبل أن يطرح الألبوم في الأسواق تكون الأغاني قد تسربت عبر الإنترنت.

* لمن يطرب مايز البياع؟

أسمع القديم بمجمله كما أنني في هذه الفترة أستمع إلى ألبومات لمطربين أتراك وإيطاليين وللمطربة المصرية الشعبية بدرية السيد التي تتمتع بأسلوب مميز في أداء المواويل، وصالح عبد الحي الذي أسميه المطرب المتمرد على النغم وقد تعلمت منه كثيرا لا سيما التنقل بين المقامات الفنية المختلفة والعودة إلى القاعدة التي انطلقت منها .

* بعد هذه المسيرة الفنية الطويلة هل حققت ما كنت تصبو إليه؟

- أنا راض عما حققته وسعيد بأنني لم أقدم ما هو مخالف لقناعاتي، لقد قدمت الكثير من الأغاني الناجحة التي حجزت لي مكانا في ذاكرة الناس وقلوبهم، وكل ما أتمناه اليوم هو أن يمنحني الله الصحة لكي أستطيع إكمال رسالتي الفنية وتقديم الأعمال الجيدة بالمستوى الذي اعتاده الجمهور مني.

* ما هي أعمالك الجديدة؟

- طرحت مؤخرا ألبوما غنائيا بعنوان «أعزك» وهذه الأغنية هي من كلمات الشاعر السعودي محمد سعد وألحان جورج عطية، وقد تعاونت في هذا الألبوم مع عدد من الشعراء مثل سليم عساف الذي كتب ولحن «حبك ردلي روحي»و «عم إشتقلك»، والشاعرة عايدة الخطيب اللبنانية، ومن مصر تعاونت مع الشاعر والملحن محمد مرسي. وقد تم تصوير «حبك ردلي روحي»، وقريبا سأصور «أعزك» و«وينك يا عمري» على طريقة الفيديو كليب. بعد ذلك سأعتمد أسلوب الأغنية المنفردة وسأصدر في عيد الحب أغنية بعنوان «أحلى كلمة» من كلمات الشاعر جمال العزاف ومن ألحاني.

* هل لديك أصدقاء مقربون من الوسط الفني؟

- ليست هناك صداقات حقيقية في الوسط الفني، لكن هناك زملاء مقربون إلي أتواصل معهم دائما مثل وائل كفوري الذي يتصل بي دائما ليهنئني على الأعمال الجديدة وأنا أيضا أتصل به لأثني على أعماله المميزة، ومؤخرا التقيت بوليد توفيق الذي أكن له كل إحترام وتقدير وراغب علامة وهو متميز دائما في فنه وعلاقاته مع زملائه الفنانين وفضل شاكر هو أيضا فنان متميز لكننا لم نلتق منذ مدة.

* كيف تنظر إلى الوضع في لبنان؟

- أنظر إليه بقلق شديد وأشعر بالأسف لأن اللبنانيين لم يتعلموا من دروس الماضي، هم يتغنون بالوطن ولا يخافون عليه، يقفون للنشيد الوطني واضعين أيديهم وراء ظهورهم ويخبئ كل منهم خنجرا ليأخذ قطعة من هذا الوطن الجميل الصغير.ليس هناك شعب في لبنان بل مجموعات طائفية ومذهبية متناحرة على المقاعد والمصالح والوظائف بســبب النظام الطائفي الذي لا يخدم إلا الزعماء السياسيين وأبناءهم وأحفادهم. والمضحك المبكي هو أن الدولة لا تسـتقوي إلا على الضعفاء والفقراء ولا تفرض قوانينها إلا على المسحوقين الذين يكافحون ليحصلوا على قوت يومهم، بينما يتربع الزعماء في قصورهم فوق ثروات لم يجمعوها بعرق الجبين.

* وإلى الحراك العربي؟

- لست ضد الثورة والتغيير لكنني أفضل أن تكون الثورات من صنع الشعوب وليست دول خارجية توقتها وفقا لمصالحها وأهدافها. ما أشبه الماضي البعيد باليوم حيث تخاض الحروب التي تحمل في ظاهرها طابعا دينيا وفي باطنها أهداف بعيدة كل البعد عن الدين والأخلاق. لقد قامت الثورات في العالم عبر وسائل التواصل الإجتماعي مثل «الفايسبوك» و»تويتر» في حين أن ثلثي الشعب في بعض الدول العربية «أمي». على أي حال إن كانت هذه الثورات حقيقية أم غير حقيقية فإن الخريطة السياسية العربية قد تستغرق عقودا قبل أن ترسم من جديد.