2012/07/04

محمد الأحمد في حوار صريح وخاص على «بوسطة»
محمد الأحمد في حوار صريح وخاص على «بوسطة»

أنا رجل في هذا المكان منذ زمن ويُطلَب منّي عشرات الطلبات في اليوم الواحد لا أستطيع أن أحققها كلها.


أنا لم أسئ لعمر أميرالاي وقيّمتُ تجربته من موقعي كناقد سينمائي وليس كمدير عام المؤسسة العامة للسينما.


يوجد موسيقيون وأطباء وغير ذلك بين الموقعين على البيان. ما علاقة هؤلاء بالسينما؟


يمكنني الآن أن أصدر بياناً ممهوراً بألف توقيع وأكثر يؤيّد محمد الأحمد ويقول إنّه أعظم مدير عام للمؤسسة العامة للسينما.


من خلالكم أقول: لا يوجد أي سينمائي ممنوع من العمل حتى نبيل المالح الذي يشتمنا ويوقع بيانات ضدنا.


عندما يكون لدى هؤلاء وثائق تثبت اتهاماتهم بالفساد فليتفضّلوا بنشرها وسننحني أمامها.


ليس لديّ وقت للرد على بعض العاطلين عن العمل الذي يجلسون في المقاهي ويطلقون الأحكام على الناس.


مَن عنده مشكلة فليدق بابي ويعرضها أمامي وليطالب بما يريد وكلي آذان صاغية.


راعينا في الصالة الجديدة أن تكون ضمن توضّع سكاني كبير مثل «دمّر» التي يُطلَق عليها اليوم «الشام الجديدة».


تقنية الـ 3D ستكون متوافرة في الصالة بعد حوالي شهر ونصف من الآن.


تعاقدنا مع شركات التوزيع التي تزوّد سينما سيتي بالأفلام بحيث يُعرَض الفيلم في كندي دمّر تزامناً مع سينما سيتي.


هناك 3 – 4 صالات ستفتتح ضمن مولات تجارية قريباً.


حاوره: علي وجيه

حراك لافت شهدته الساحة السينمائية السورية مؤخراً، بدءاً من افتتاح صالة كندي دمّر بفيلم للقطاع الخاص هو «دمشق مع حبّي»، وصولاً إلى عرضه في «سينما سيتي» كأول فيلم خاص بالكامل ينزل الصالات السورية منذ سنوات عديدة، ومروراً برحيل المخرج عمر أميرالاي والنقد الشديد الذي تعرّض له مدير المؤسسة العامة للسينما محمد الأحمد نتيجة حديثه عنه توطئةً لهجوم شرس على المؤسسة ومديرها، من خلال بيان وصفحة على موقع التواصل الاجتماعي Facebook.

موقع «بوسطة»، بصفته جهة محايدة، نقل آراء الجميع، وكان لا بدّ من لقاء مدير المؤسسة العامة للسينما محمد الأحمد للوقوف على رأيه بكل هذه التطوّرات، من خلال حوار صريح ومباشر.

نبدأ من الحدث الرئيسي في المشهد السينمائي السوري مؤخراً. بمَ ترد على البيان المنشور على الـ Facebook والممهور بتواقيع مئات من المخرجين والممثلين والصحفيين والمهتمين بشؤون السينما السورية، الذي انتقد بشدّة المؤسسة العامة للسينما وهيكليتها وأداءها؟

أنا رجل في هذا المكان منذ زمن، ويُطلَب منّي عشرات الطلبات في اليوم الواحد لا أستطيع أن أحققها كلها. إرضاء الناس غاية لا تُدرَك، وأنا متعايش مع ذلك لأنّني في موقع له علاقة بالشأن العام. أشخاص مثل نبيل المالح أو محمد ملص وآخرين، يشهد الله أنّه ليس عندي مشكلة شخصية معهم. نبيل المالح وزّع الأفلام السورية لأقنية فضائية، وعندما طالبناه بالمال رفض إرجاعه لنا، فاستردينا حقنا عن طريق القضاء، وهكذا..

انتقد البيان حديثك عن المخرج الراحل عمر أميرالاي في مقابلة تلفزيونية على الفضائية السورية وفي حديث سابق لك لموقع «بوسطة». ما ردّك على هذه النقطة؟

أنا لم أسئ لعمر أميرالاي. قيّمتُ تجربته من موقعي كناقد سينمائي وليس كمدير عام المؤسسة العامة للسينما. من حقي أن أقول: أحببتُ هذا الفيلم، ولم أحب آخر. قلتُ إنّني أحب أفلامه الأولى أكثر من أفلامه الأخيرة، كما أحب أفلام شابلن الصامتة أكثر من الناطقة، أين الإساءة في ذلك؟ قلتُ إنّ أميرالاي قدّم لوناً مهماً في السينما التسجيلية، وكان يملك عيناً ثاقبةً في الفيلم التسجيلي، وكان عنيداً في مواقفه وثابتاً على ما اختاره، هل هذه إساءة لعمر أم تحيةً له؟

كل المقابلة كانت لتحية عمر والسينما التي عملها. تحدّثتُ لثلث ساعة عنه، فاجتُزِئ من حديثي كلمات بعينها أدّت لمعنى مغاير تماماً. أنا لم أقل إنّ السينمائيين السوريين لم يستطيعوا نقل بيئاتهم المحلية، بل قلتُ إنّ السينمائيين السوريين لم يوصلوا بيئاتهم المحلية إلى العالم. هناك فارق كبير.

كانت تربطني بعمر علاقة صداقة رغم خلافاتنا، وكل ما قلتُه عنه في لقاء الفضائية السورية، ذكرتُه أمامه في السابق، وكان يؤيّدني في قسم كبير مما أقول. لو كان بيننا، رحمه الله، لما قبل بكل هذا الكلام، ولكن للأسف هناك أناس لديهم مشكلة شخصية مع محمد الأحمد، فيستنبطون كلمة من هنا وعبارة من هناك لتركيب قضية وصنع حدث ما.

هل يمكن أن يكون لدى مئات الأشخاص مشاكل شخصية مع محمد الأحمد لدرجة التوقيع على بيان عام؟

يوجد منهم مئات لم أسمع بهم في حياتي. عدد الأسماء التي أعرفها لا يتجاوز 20 – 30 اسماً. يوجد بينهم موسيقيون وأطباء وغير ذلك، ما علاقة هؤلاء بالسينما؟ في النهاية يمكنني الآن أن أصدر بياناً ممهوراً بألف توقيع وأكثر يؤيّد محمد الأحمد ويقول إنّه أعظم مدير عام للمؤسسة العامة للسينما. هذه ليست قضية وليس عندي وقت لعمل ذلك.

ماذا عن نقاط البيان الأخرى حول أداء المؤسسة ومنع سينمائيين معينين من العمل؟

المؤسسة تنتج أفلاماً، وعددها 5 تقريباً هذا العام، وتقيم مهرجاناً وتظاهرات على مدار السنة، وتحدث سينمات وتصدر كتباً، فأين التعطيل؟ يقولون: هناك سينمائيون ممنوعون من العمل. من خلالكم أقول: لا يوجد أي سينمائي ممنوع من العمل. حتى نبيل المالح، الذي يشتمنا ويوقع بيانات ضدنا، مرحّب به من قبلي ومن قبل وزير الثقافة د. رياض عصمت. فليقدّم مشروعاً سينمائياً إلى المؤسسة.

أنشِئت أيضاً صفحة على الـ Facebook بعنوان «ملفات الفساد الثقافي في المؤسسة العامة للسينما 2000 – 2011»، وهي فترة إدارتك للمؤسسة. ماذا تقول عن ملفات الفساد التي تحدّث عنها القائمون على الصفحة؟

هناك جهات وصائية تتابع عملنا حرفاً بحرف وملفاً بملف، وكل ما يُعمَل في المؤسسة يخضع لرقابة دورية. عندما يكون لدى هؤلاء وثائق تؤيّد كلامهم، فليتفضّلوا بنشرها وسننحني أمامها. عندما تقول لي: هناك فساد في برنامجك، فيجب أن يكون لديك قرائن. أنا لا أخضع لهذا الابتزاز، بل أقوم بالعمل ومتابعة الأفلام والمهرجان والكتب والأجهزة الجديدة التي ستدخل المعمل، وليس لديّ وقت للرد على بعض العاطلين عن العمل الذي يجلسون في المقاهي ويطلقون الأحكام على الناس. شرحتُ بالأرقام ما قدّمتُه للمؤسسة وللسينما. أنا أعطي وهذا مصير مَن يعطي.

من خلال موقع «بوسطة»، ماذا تقول للمنتقدين؟

أقول لهم: أنا متفاجِئ، وليس عندي أي مشكلة شخصية معهم. البيان لا يفيد شيئاً. مَن عنده مشكلة فليدق بابي ويعرضها أمامي، وليطالب بما يريد، وكلي آذان صاغية. ما يهمّني حقاً أن أعمل للمؤسسة. مَن يشتمني فهذا حقه، وتجربتي ستكون مفتوحة ومتاحة للتقييم أمام الجميع. لن أضيع وقتي في الرد على الشتائم وما إلى ذلك، بل نريد صنع أفلام وعمل ما يصبّ في صالح السينما والوطن.

افتتحت المؤسسة منذ فترة أحدث صالاتها في مشروع دمّر «كندي دمّر»، حدّثنا عن أهمية هذه الصالة الجديدة.

هي فعلاً أحدث صالة للمؤسسة، راعينا فيها أن تكون ضمن توضّع سكاني كبير مثل «دمّر» التي يُطلَق عليها اليوم «الشام الجديدة». قدّر عدد سكان هذه المناطق التي تشمل مشروع «دمّر» وما حولها من أحياء سكنية كبيرة بحوالي مليون ونصف، وهؤلاء بدون صالة سينمائية.

إحداث هذه الصالة يأتي ضمن نشاط المؤسسة التي حدّثت كندي اللاذقية وحمص ودمشق، وبعد ثلاثة أو أربعة شهور سنفتتح كندي طرطوس، وسيكون هناك صالة كندي في حلب قريباً بعد أن خسرت المؤسسة الصالة السابقة بحكم قضائي. نحاول إعادة طقس المشاهدة في السينما، رغم انتشار أقراص الـ DVD بكثرة. أنا دائماً أراهن على أنّ مَن يشاهد الفيلم في الصالة لا يشاهده على DVD، سواءً من حيث جودة الصوت والصورة وضخامة العرض والمؤثرات.

ما هي أهم تجهيزات الصالة الجديدة من الناحية التقنية؟

في الحقيقة، استقدمنا لهذه الصالة معدّات حديثة جداً، ولكن التطور التقني اليوم يسير بسرعة خارقة. كان التعديل على الآلة يتم كل 5 – 6 سنوات في السابق، بينما يتم اليوم كل 6 أشهر. نحن، كجهة حكومية، مضطرون لاتباع خطوات روتينية من استدراج عروض وإجراء مناقصات وما إلى ذلك، على عكس القطاع الخاص المتحرر من كل ذلك. تقنية الـ 3D غير موجودة في الصالة الآن، ولكن ستكون لدينا بعد حوالي شهر ونصف من الآن.

ماذا عن الأفلام المعروضة؟ هل ستُعرَض أفلام حديثة أسوةً بـ «سينما سيتي» مثلاً؟

بالتأكيد. تعاقدنا مع كبريات الشركات العالمية لعرض أحدث الأفلام في كندي دمّر. جميع الخبراء الاقتصاديين والسينمائيين الذين درسوا الجدوى الاقتصادية لهذه الصالة، أكّدوا قدرتها على جذب عدد كبير من الحضور إذا قامت بعرض أفلام حديثة ضمن شروط تقنية جيدة. وهذا لاحظناه أثناء العمل في سؤال أهل المنطقة الدائم عن موعد الافتتاح والأفلام.

ما الذي كان يمنع الحديث عن عرض أحدث الأفلام في صالات الكندي الأخرى؟ ما الذي استجدّ مع كندي دمّر بالذات؟

هذا سؤال مهم. الفيلم الحديث بالنسبة لنا هو الفيلم الذي ما زال يٌعرَض في العالم حتى الآن. تطوّر الاتصالات وتعدد الوسائل المتاحة لمشاهدة الأفلام جعل الفيلم يعدّ قديماً بعد ثلاثة أشهر فقط على بدء عرضه. القنوات المتخصصة مثل «أوربت» و«شو تايم» تعرض الفيلم بعد أربعة أشهر فقط من نزوله الصالات العالمية، لذلك أصبحت مجالات المنافسة كبيرة. نحن، كدولة، عندما نريد استقدام فيلم معين، لا بدّ أن نمرّ بإجراءات روتينية معينة. مثلاً، لا بدّ من انتظار جلسة القطع الأجنبي للحصول على الرقم، ثم التعاقد في بيروت على النسخ وانتظار وصولها وتخليصها من المطار وما إلى ذلك من خطوات تستهلك شهرين أو ثلاثة ليصبح الفيلم لدينا.

ما استجدّ بالنسبة لكندي دمّر هو أننا تعاقدنا مع شركات التوزيع التي تزوّد سينما سيتي بالأفلام، بحيث يُعرَض الفيلم في كندي دمّر تزامناً مع سينما سيتي، فلا مانع من ذلك طالما أنّ المكانين متباعدَان ولكل منهما جمهوره المختلف.

إذاً، سنشاهد نفس الفيلم في سينما سيتي وفي كندي دمّر، ولكن ليس في أي صالة كندي أخرى..

هذا مبدئياً. الشركة وافقت على هذا الأساس كون الفيلم يُعرَض في مدينتَين مختلفتَين تقريباً.

ماذا عن الأسعار؟

بالنسبة للأفلام المتزامنة مع سينما سيتي سيكون السعر نفسه في الصالتين، أي 300 ليرة حتى لا يكون هناك مضاربة. هذا كان شرط سينما سيتي للموافقة، وأعتقد أنّهم محقون في ذلك. نحن لا نريد أن نضارب، بل نريد تشجيع ودعم القطاع الخاص، لأنّ المشروع السينمائي الوطني لا يمكن أن يكتمل دون تلاحم القطاعَين.

الفيلم الذي نقوم نحن بجلبه سيُعرَض بسعر مخفّض بالتأكيد.

تتميز هذه الصالة بأنّها ملك خالص لوزارة الثقافة دون استئجار أو تداخل مع جهات أخرى. كيف سنحافظ عليها خصوصاً أننا رأينا ما آلت إليه صالات الكندي في بعض المحافظات؟

هذا صحيح. الصالة مملوكة بالكامل لوزارة الثقافة ضمن مشروع الأبنية الثقافية. الصالة كالبيت يجب المحافظة عليها وصيانتها عند أدنى خلل أو تلف. أنا أبلغت السيدة رشا بركات مديرة الصالات في المؤسسة العامة للسينما أنّ ورشة التنظيف ستكون دائمة العمل في الصالة. بالنسبة للصيانة، أفكّر بإغلاقها كل ثلاثة أشهر لمدة 15 يوماً لصيانة أي تفصيل مهما كان صغيراً. تعبنا على هذه الصالة لتخرج بصورتها الحالية، ونعد بالمحافظة عليها حديثةً كما هي الآن.

تفتتح الصالة بفيلم للقطاع الخاص هو «دمشق مع حبي»، سيناريو وإخراج محمد عبد العزيز وإنتاج د. نبيل طعمة، ما أهمية هذه الخطوة في المشهد السينمائي السوري؟

أنا متفائل بحركة الإنتاج السينمائي الخاص التي بدأنا نتلمسها في السنوات الأخيرة. شاهدنا بعض التجارب لهيثم حقي، وتجربتين لـ د. نبيل طعمة وأخرى لنادر الأتاسي. هذا ما أنادي به دائماً، لأن المشروع السينمائي الوطني لا ينهض على كتف المؤسسة العامة للسينما بمفردها، فلا بدّ من تلاحم القطاعين.

العملية كلها مرتبطة ببعضها. إذا أنتجتَ فأين ستعرض؟ الصالات هي سوق تصريف الأفلام، واليوم بدأنا نشهد نشاطاً على هذا الصعيد. الآن لدينا صالتا كندي في دمشق، وصالتا سينما الشام، ومثلهما في سينما سيتي، وهناك 3 – 4 صالات ستفتتح ضمن مولات تجارية قريباً. هذا كله يبشّر بحراك سينمائي أكبر في المستقبل.

ألا تعتقد أنّ مركز المدينة بحاجة إلى تدعيم أكبر من ناحية الصالات، خاصةً أنّ الصالات موجودة ولكنّها مهملة ولا تضيف شيئاً مثل السفراء وراميتا؟

حاولنا عمل ذلك بشتى الوسائل. أصدرنا قانوناً مثالياً برأيي لتشجيع أصحاب الصالات على تنشيطها وإحيائها. اجتمعتُ مع أصحاب الصالات وقتها وطلبوا السماح لهم بحرية التصرّف في منشآتهم، على أساس إقامة مطاعم وفنادق وفعاليات أخرى إلى جانب صالة السينما. عانينا الأمرّين حتى حققنا ما طلبوه، فلم يكن هناك تجاوب وبقيت هذه الصالات على حالها.

تنطلق قريباً الدورة الجديدة من مهرجان «أيام سينما الواقع» Dox Box. ما طبيعة رعايتكم لهذا المهرجان؟

نحن نقدّم الصالة ونساهم في الجائزة والتجهيزات التقنية. نقدّم كل ما نستطيع للقطاع الخاص، ونحن سعيدون بذلك.

كلمة أخيرة من خلال موقع «بوسطة»..

شكراً جزيلاً لكم، وأتمنى أن نلتقي دائماً.