2012/07/04

محمد الأحمد يقيم عمر أميرالاي عبر «الفضائية السورية»: «سياسي أكثر من مخرج.. وأفلامه بلا جمهور.. وتكشف نزقه!»
محمد الأحمد يقيم عمر أميرالاي عبر «الفضائية السورية»: «سياسي أكثر من مخرج.. وأفلامه بلا جمهور.. وتكشف نزقه!»

سامر محمد اسماعيل - السفير

«هو الوحيد الذي درس السينما في فرنسا بين أصدقاء دربه من السينمائيين السوريين، حيث ساعده وجوده فـي

باريس العام 1968 على الانخراط في أحـداث ثورة الطلاب. وهذا بدوره خلق لدى عمر أميرالاي مشكلة أساسية لم

ينتبه أحــد إليها من الذين قيّموا تجربته، فهو شخص تاه بين السياسي وبين المخرج التسجيلي..» هكذا بدأ المدير

العام لمؤسسة السينما محمد الأحمد حديثه عن المخرج السوري الراحل في برنامج «صباح الخير»، الثلاثاء الماضي،

على الفضائية السورية. ثم يخلص الأحمد إلى ما يلي:« أنا قلتُ لعُمر أن لديه مشكلة أساسية لم ينتبه إليها أحد،

قلتُ ووافقني عليها. وهي أنه ظل في منطقة فضائية عديمة الجاذبية، فلم يستـطع أن يصعد نحو السياسة، ولا

العودة إلى الواقــع المعيش المتمثل في السينمائي التسجيلي. ولذلك كان سياسياً أكثر من كونه مخرجاً سينمائياً، هذه حقيقة، وهذا كلام يجب أن يقال».

طبعاً تهز المذيعة السورية رنا ديب رأسها مومئة بالموافقة، ومن دون أي تدخل في حديث المدير العام، الذي اكتشف

فجأةً أن أميرالاي الراحل صباح السبت الماضي إثر جلطة دماغية لم يكن سينمائياً فحسب. ثم يقول: «السينما

التسجيلية التي توجه الراحل إليها، نخبوية شديدة الخصوصية وغير مشاهدة إلا من قبل فئة قليلة جداً من الناس، وهذا الأمر معروف حتى في أوروبا والغرب».

وبالطبع لا نشاهد في اللقاء الصباحي أي مشاهد من أفلام أميرالاي، وليس هناك من ضيف آخر يتكلم عن أعماله،

فالأحمد يتحدث على هواه، مُصراً على وجود مشكلة في تجربة المخرج السوري فيستطرد على حين غرة:

«المشكلة في أفلام أميرالاي هي مشكلة كل السينمائيين السوريين، حيث أخفق هؤلاء في نقل البيئة السورية

المحلية كتجربة الياباني كيروساوا أو روسليني الإيطالي أو بونويل الإسباني، الذين حققوا أفلاماً شديدة المحلية

استطاعت الوصول إلى العالمية. لكن السينمائيين السوريين لم يستطيعوا أن يفعلوا ذلك، ومن بينهم أميرالاي -الله يرحمو- لكنه كان الأكثر وسامة والأكثر أناقة بين زملائه!

وهكذا يخرج الأحمد عن الموضوع، بعد تصنيفه المخرج الراحل «بالسياسي، والأكثر أناقة ولطفاً بين زملائه»، فعيده

سؤال المذيعة الى أميرالاي المخرج، ليقول رداً على سؤالها: «لا لم يصل إلى العالمية مع أنه أقام في فرنسا وعرضت

أفلامه في مهرجانات دولية، ولا يوجد سينمائي سوري استطاع الوصول إلى العالمية باستثناء مصطفى العقاد، فعمر كان شديد المحلية مغرقاً في واقعيته».

وتطلب ديب من ضيفها تقييم تجربة الراحل، فيعود للحديث عن «إتقان أميرالاي لعدة لغات أجنبية، ولذلك قُيّمت تجربته

عاطفياً.. ففي سوريا وفي جزء كبير من العالم المتحضر لا توجد عروض للسينما التسجيلية، ومن هنا كانت تجربته

على نطاق ضيق جداً، ولم تُتح لأفلامه فرصة العرض. فهذا النوع من السينما ليس له جمهور، فمواضيع أفلامه كانت شديدة الخصوصية».

وهكذا ينسى الأحمد في غمرة «تشييعه» لأميرالاي، أن المخرج الراحل كان قد قدم تجارب سينمائية هامة جداً،

عكس جوهر الواقع السوري والعربي المعاصر، كأفلامه «محاولة عن سد الفرات»، و«مصائب قوم» عن الحرب الأهلية

اللبنانية، و«عن ثورة» الذي رصد ثورة جبل ظفار اليمنية، ونال عليه جائزة السيف الذهبي في مهرجان دمشق

السينمائي، و«الحب الموؤود» عن واقع المرأة المصرية، و«رائحة الجنة» الذي تناول واقع المخيمات الفلسطينية. كما

ينسى أن «مؤسسة السينما» هي من منعت عرض أفلام أميرالاي، وأن في سوريا تظاهرة كبيرة اسمها «دوكس

بوكس» مختصة بالسينما التسجيلية، وتشهد حضوراً منقطع النظير لا سيما من جيل الشباب. كما ينسى أن أفلام أميرالاي استطاعت أن تكون بمثابة وثائق عن الحياة السورية المعاصرة.

صورة المخرج الراحل مبتسماً وحدها كانت تظهر الى يسار الشاشة، كأنه يريد أن يتكلم، إلا أن الأحمد يتابع: «تجربة

عمر أميرالاي مع بداية التسعينيات بدأت تضيق ولم تدخل أمداء واسعة، فقد اتجه إلى تصوير بورتريهات سينمائية أخذت

شكل تقارير صحافية عن شخصيات عربية وأجنبية كتلك التي حققها المخرج الراحل عن سعد الله ونوس وميشيل

سورا وبيناظير بوتوززز» ثم يوجه «ضـربة معــلم» إلى فيلم «الطوفان» بقوله: «الطوفان الذي يصنفه البعض على أنه

الأقوى بين أفلام أميرالاي، كان منطلقاً من مشاعر شخصية ضيقة

ولا يتردد الأحمد في الإشارة الى أن الراحل «تأطر ضمن مواضيع ضيقة للـغاية، كشفت نزقه، وانطلاقه في تحقيــق

أفلامه من مواقف مسبقة وذاتية، طغت على الهم العام المفروض توافره في الفيلم التسجيلي». ولتبرئة ذمته يقول:

«عليـنا قول ذلك من أجل أن نكون صادقين مع الأخوة المشاهدين