2013/05/29

محمـد الســعيـد... لـم يكـن «النـاجي الوحــيد»
محمـد الســعيـد... لـم يكـن «النـاجي الوحــيد»


السفير

حتى ساعة متأخرة من فجر أمس الأحد، بقي خبر تصفية محمد السعيد غير مؤكّد، كما أذيع، على يد جماعة النصرة والجهاد، وفق بيان تناوب على نشره عدد من المواقع الإلكترونية وصفحات فايسبوك. وكتب مدير «التلفزيون العربي السوري» معن الصالح على صفحته الشخصية: «رداً على مئات الرسائل التي وردتني من الاصدقاء ومن محبي الزميل محمد السعيد، فإنّ الصورة المنشورة لا يمكن اعتبارها دليلاً مادياً على استشهاد الزميل، لكنها تعتبر مؤشراً لترجيح هذا الاحتمال بسبب ما خبرناه من اساليبهم في القتل والتمثيل». معن الصالح، وغيره من زملاء المهنة، وضعوا صوراً للراحل على صفحاتهم الشخصيّة، وتمنوا ألا يكون خبر مقتله صحيحاً، مؤكدين أنه في حال تأكد الخبر، فسيزفونه شهيداً كما اشتهى وتمنّى وهو ابن الجولان المحتل. فيما تمنى أصدقاء آخرون على مستخدمي فايسبوك عدم استخدام صورة السعيد، كما جاءت في البيان الذي ادعى تصفيته، مطالبين بوضع صوره كما عرفوه على الشاشة.

في هذا الوقت أشار التلفزيون السوري إلى الحادثة على نحو غير مباشر من دون تأكيدها، وذلك في تقرير إخباري، تناول عدة حالات من الاعتداء على الجسم الإعلامي في سوريا خلال الأزمة التي تشهدها البلاد اليوم منها: تفجير مبنى «الإخبارية»، حجب «الدنيا»، وإحراق أكثر من مركز إذاعي وتلفزيوني في المحافظات، إضافة إلى إصابة مراسل الأخبار كريم الشيباني برصاصة في ظهره، واختطاف مصور قناة «الإخبارية» طلال جنبكلي. في المقابل أكدت قنوات تلفزيونية أخرى صحة الخبر، ونعت الزميل الإعلامي، ونددت بقتله.

وفي ردود الفعل الأولى على قتل السعيد، كتب المخرج السينمائي جود سعيد على فايسبوك: «إن ثورة تمارس الاغتيال بحق رجال السياسة والفكر والعلم والثقافة والإعلام، أقلّ ما يقال في حقّها، إنّها ثورة طغاة العصر الجديد». فيما كتبت بيسان أبو حامد المذيعة في قناة «الإخبارية السورية» مستهجنةً صمت التلفزيون السوري إزاء خبر تصفية زميلها السعيد، رغم مرور أسبوعين على اختطافه من منزله في جديدة عرطوز بريف دمشق: «المؤسسة الإعلامية التي يتم خطف أحد العاملين فيها، سواء كان مذيعاً أو محرّراً أو مونتيراً أو عامل بوفيه، وتجدها طنّشت على الموضوع لمدة أسبوعين، تكون مؤسسة لا تحترم نفسها، ولا تحترم موظفيها. محمد سعيد دمُكَ في رقبة من سكتوا على اختطافك قبل أن يكون في رقبة من قتلوك». السيناريست فؤاد حميرة كتب أيضاً في رثاء صديقه: «محمد السعيد، أتلو صلاتي الآن، إنك لم ترحل معذّباً كما عشت حياتك كلها أيها الفقير الطيب».

وأثار الخبر موجةً من الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، من كافة الشرائح الموالية منها والمعارضة للنظام السوري.. فالسعيد يُعتبر من أبرز الأصوات الإذاعية التي سجلت ساعات طويلة من البث لصالح قناتي «ناشيونال جيوغرافيك» و«الجزيرة الوثائقية»، فيما انطبع صوته في ذاكرة الملايين من متابعي المسلسل الكوميدي «ضيعة ضايعة» والذي سجل له السعيد شارة البداية بصوته قائلاً: «وككل المجازر التي تحدث هناك ناجٍ وحيد... أم الطنافس الفوقا»! لكن محمد السعيد لم يكن للأسف ذلك «الناجي الوحيد» حتى الآن.