2013/05/29

محمـد الشــيخ نجــيب فـي حضــرة الغيــاب
محمـد الشــيخ نجــيب فـي حضــرة الغيــاب


ماهر منصور – السفير


رحل المخرج السوري محمد الشيخ نجيب، من دون صخب، عن 59 عاماً. أغمض عينيه مساء الجمعة الفائت، وذلك بعد صراع مع المرض، دام أشهراً عدة، خضع خلالها للعلاج في بيروت، وشيّع السبت إلى مثواه الأخير في مقبرة باب الصغير في دمشق.

ولج الراحل عالم الفنّ، من بوابة المسرح الاستعراضي. كان في السادسة عشرة، حين انتسب إلى فرقة «أسرة تشرين»، إلى جانب دريد لحام ونهاد قلعي وآخرين. وقال الراحل في حوار سابق مع «السفير»: «تعلمت في تلك المدرسة الرقص والالتزام. وقتها لم يكن يتوافر لجيلنا أكاديميات مسرحية خاصة أو حكومية، بل كان حب الفن هو ما يدفعنا مبكراً للتعلم والعمل». وسط ذلك الجو الفني الأسري الذي مثلته الفرقة في بداياتها، نشأ الراحل، وتزوج خديجة العبد، زميلته في الفرقة ذاتها، وأنجبا النجم التلفزيوني قيس الشيخ نجيب، والمخرج الشاب سيف الشيخ نجيب.

دعّم تجربته بدراسة الإخراج أكاديمياً، وعلى أكتاف جيله من خريجي الدفعات الأولى من المعهد العالي للفنون المسرحيّة، قامت الدراما السوريّة في الثمانينيات والتسعينيات. شارك ممثلاً في أعمال أشهرها «المحكوم»، «أبو كامل». ومع انتشار المسلسلات السوريّة على الفضائيات العربية ونجاحها في منافسة المصرية، انتقل الشيخ نجيب إلى مقعد الإخراج، حيث قدم عدداً من الأعمال المهمة، منها ما شكل علامة فارقة في الكوميديا السورية مثل مسلسل «بكرا أحلى» (2005)، ومنها ما أثار جدلاً في ميدان الدراما الاجتماعية مثل «صدى الروح» (2006) و«ممرات ضيقة» (2007).. وكان آخر أعماله الإخراجية مسلسل «زلزال» العام 2010. ومن أعماله الشهيرة أيضاً «ألو جميل ألو هناء» (2001). وفي لقاءات سابقة عديدة مع «السفير»، كان الشيخ نجيب يؤكّد أنّ مشروعه الفنّي معني منذ البداية «بالكشف عن قهر الإنسان». اهتمّ محمد الشيخ نجيب بالبحث عن النص الجيد، أما أسلوبه الإخراجي في تجسيد هذا النص، فكان يقوم على «فطرة اللقطة، وفطرة أداء الممثل»، بحسب تعبيره. وكان يقول: «لست من المخرجين المقيدين بحركة ما أمام إحساس الممثل، وكل حدث يفرض عليك إيقاعاً ونوعاً من كوادر الكاميرا». ولطالما أكّد الراحل: «إنني لا أعمل للاستعراض، ولست ممن تستهويهم لقطة على حساب المشهد».

خلال السنوات الأخيرة عاد المخرج الراحل إلى أمام كاميرا للعمل كممثل، فظهر كضيف شرف في مسلسل «الصندوق الأسود» (2011) لابنه سيف الشيخ نجيب، وشارك في مسلسل «في حضرة الغياب» (2011) للمخرج نجدة أنزور، وكانت آخر إطلالة له في موسم 2012، كضيف شرف في مسلسل «أرواح عارية» للمخرج الليث حجو.