2012/07/04

محمد صبحي: كانوا يتعمدون عرض أعمالي بعد نوم المشاهدين
محمد صبحي: كانوا يتعمدون عرض أعمالي بعد نوم المشاهدين

ميرفت الخطيب - دار الخليج

رفض الفنان محمد صبحي تصنيفه ضد معارضي النظام السابق في مصر، مؤكداً أنه كفنان، كان كشافاً فقط عن مواطن الخلل . وأشار إلى أن بث أعماله في أوقات متأخرة كان أمراً مقصوداً حتى لا تشكل وعياً لدى الجمهور، وقال صبحي، في حوار نظمه المكتب الثقافي بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة، إن من العيب الآن أن يقلد الرئيس المصري السابق حسني مبارك، بعد أن فعل ذلك في عصره وأثناء وجوده بين الجمهور .

ويوجد محمد صبحي في الدولة ضيفاً على أيام الشارقة المسرحية، وكرمه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة .

وأدارت الحوار الذي تمحور حول موضوع “الدراما التلفزيونية وقضايا الأسرة” المذيعة في إذاعة الشارقة عائشة الرويمة بحضور الشيخة عائشة بنت محمد القاسمي، عضوة المجلس الاستشاري بحكومة الشارقة، وصالحة غابش المستشارة الثقافية في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، وحشد من القيادات النسائية والإعلاميات، وذلك في مقر نادي سيدات الشارقة .

وفي مستهل حديثه، أشار محمد صبحي إلى ارتباط تواريخ مهمة في حياته بالكثير من الأزمات والحروب، بدءاً من عام الولادة ،1948 والذي كان عام النكبة وضياع فلسطين . وقال إنه لذلك وجد نفسه مهتماً بالقضايا العربية والوطن العربي، وليس فقط ببلده مصر، وآمن منذ البداية بأن الوطن العربي الكبير لن يحميه إلا الطفل الصغير . ودعا إلى أن تكون الميزانية المخصصة للطفل كبيرة، وألا نكون مقصرين بحقوقه، لأنه من سيقود الأمة بعد عشرين عاماً .

وقال: عندما بدأت رحلتي مع الفن كنت أعي تماماً بوجود فن يهدم وآخر يبني، واخترت الأخير انطلاقاً من الأسرة التي هي النواة لكل شيء، خاصة في مسلسلي يوميات “ونيس” .

وحول تأثير ثورة 25 يناير على الفنانين في مصر، قال “نحن حالياً في مأزق كبير جداً، لغاية الآن لا أحد يعيه، كوننا كنا نعمل على قضايا الفساد والقهر والحريات وكتم الأفواه، ولكن الآن انتهى هذا الزمان، ولم أعد أستطيع أن أقلد حسني مبارك، كما فعلتها سابقاً، وهو حاضر بين الجمهور، فعيب إن فعلتها الآن .

والفنان يجب أن ينظر إلى الثورة ليس فقط لكونها شيئاً عبقرياً، ومن العيوب أن تكتب سيناريوهات وقصص وروايات عما حدث “ما زال جديداً”، بل يجب أن نبتعد عن اللحظة أو الموقف لنتأمله بروية وبدراسة معمقة، لنجد أموراً خطرة بحاجة إلى معالجة، منها على سبيل المثال وجود 22 مليون مصري أمي علمياً وسياسياً، كانوا يبيعون أصواتهم في عمليات الانتخاب، وهؤلاء يجب أن نعلمهم أن هذا الأمر لن يتكرر، ولن يُدفع لهم بعد ذلك .

وأضاف: إذا كنا صنعنا ثورة كي نغير نظام الحكم والسياسة، ونؤسس عدالة اجتماعية، فنحن نحتاج أيضاً ثورة أخلاق وأخلاق ثورة، خاصة في وجود من ينافق هذه الثورة، ويدعي العدل ومكافحة الفساد، في حين أنه كان من أنصاره وأبطاله، لذا على الفنان أن تختلف رؤيته للأمور، ويجب أن يكون الفن الذي يقدمه يبني ولا يهدم، وهذا ما عملت عليه طوال فترة عملي في يوميات ونيس .

وعن موقفه أيام الثورة المصرية، قال محمد صبحي: بعد اندلاع الثورة، وتحديداً الأول من فبراير/شباط الماضي، كنت طريح الفراش، وممنوع من الحركة لمشكلة في العمود الفقري، وكنت أتابع ما يحدث في ميدان التحرير، وأكثر ما كنت أفكر به هو إحساس من كان ينافق النظام . وراجعت نفسي أولاً لمعرفة إذا ما أخطأت في يوم من الأيام أو نافقت أو حابيت ووجدت الإجابة، أن أعمالي التلفزيونية كانت تذاع الساعة الثالثة فجراً، أي عندما يكون الجميع نياماً، وكان الأمر مقصوداً كي لا تحدث وعياً لدى الجمهور . وبالتالي لا أعتبر نفسي أني كنت ضداً أو معارضاً بقدر ما كنت كشافاً لما يحصل للشعب المصري، وأنا منه، وأؤمن بأن هذا هو دور الفنان بشكل عام، وكانت حصيلة هذه المراجعة الشعور بالراحة .

وحول العمل الذي يمكن أن يقدمه اليوم بعد الثورة أجاب محمد صبحي: كتبت مسرحية كانت على وشك العرض، لولا اندلاع الثورة، وكان اسمها “خيبتنا”، وبدأت بكتابتها في العام ،2003 لكنني اليوم لن أستطيع تقديمها، لأنها “كانت تتكلم عن التغير الجيني للإنسان المصري، وأن الشعب المصري لا يمكن أن يطالب بحقه ويثور، وأن شبابه ضائع لاهٍ، وأذكر يومها أني قلت لمن حولي إنه لو حدث توريث في مصر، فسوف أرحل إلى أي مكان .

وحول تأثير الإعلام وخطورته في تكوين المجتمعات، قال محمد صبحي: أنا مندهش كثيراً من أفلام الكرتون التي توجه لأطفالنا، كونها أخطر ما يعرضهم للخطر، وأعرف أنه في منطقة الخليج هناك مجهودات لصنع كرتون عربي يحمي تراثنا وأخلاقنا، ولكن المنفذ مفتوح في دولنا لعرض أي شيء من الكرتون، الذي يسيء إلى أطفالنا، بل يُحدث لديه انفصاماً في الشخصية، بين ما يراه من عادات وتقاليد ليست موجودة في مجتمعه وما يراه على الشاشة .

وأضاف: هناك خطورة أخرى مما يعرض من كليبات الأغاني، التي طالبني الكثير من أولياء الأمور أن أناقشها وأطرحها في “يوميات ونيس”، لكنني رفضت لأنه لا ينفع أن أعرضه في مسلسلي والجمهور يراه، بل طرحته خلال الحوار بيني وبين أحفادي .

ورأى محمد صبحي أن الفنان يجب أن يضع حلولاً للمشاكل ولا يكتفي بأن يطرحها في أعماله .

وأكد أن رسالة الفن مهمة جداً، وتؤثر في كافة النواحي بالحياة، وقال “الفن هو ثقافة وتوجه ويكمل الأدوار الأخرى للإنسان، أياً كان شأنه ومستواه، كون الثقافة بشكل عام لا تتعارض مع الدين . والمسؤول الذي يريد أن يكون شعبه واعياً وفاهماً يرسخ فيه هذه المفاهيم، وإذا أراد العكس فهو أغلق فكره وتكوينه الثقافي وجعله متقوقعاً وجاهلاً .

وأعلن صبحي أن مشروعه المقبل، الذي يتمنى تحقيقه جمع مليار جنيه مصري من داخل مصر، وليس خارجها، كي يحقق الرحمة والتراحم، وأكد أنه سيجمع هذا المبلغ خلال ستة أشهر لتوزيعه على الذين يعيشون بين جدران بلا سقف ولا ماء ولا كهرباء .

وعن المسرح المصري وتأثره بالأوضاع التي كانت سائدة في مصر، أشار إلى أن عدد المسارح بمصر كان يتجاوز ال35 مسرحاً، ولكن على مدار 30 سنة الأخيرة خسر 28 مسرحاً، إما بتحويلها إلى محلات أو جراجات، وعبّر عن سعادته بما رآه في مسارح الشارقة، لكنه رأى أن ما ينقصها هم الممثلون . وقال: بالرغم من وجود فرق مسرحية كثيرة، إلا أنها لا تعمل، ومن الضروري تنمية هذا القطاع