مدير المسرح الشبيبي يوسف المقبل يتحدّث بصراحة

خاص بوسط- علي وجيه

ربما لا يختلف واقع مسرح الشبيبة عن وضع المسرح في سورية عموماً، إلا أنّ الأمر لا يخلو من بعض الالتماعات هنا وهناك، التي تؤكّد مجدداً على أهمية الاعتناء بالمواهب الشابة المتجددة دائماً. ورغم أنّ صوت اتحاد شبيبة الثورة يكاد لا يُسمَع في عدّة مجالات، إلا أنّ المسرح من الوجوه النشيطة لهذه المنظّمة الشعبية. الأمر الذي يدفعنا لمناقشة الوضع بصراحة مع مديره الممثل والمخرج يوسف المقبل، في محاولة لتحديد مواطن الضعف والقوة.

بصراحة، كيف تقيّم أداء المسرح الشبيبي ودوره في الحراك الفني حالياً؟

يختلف مسرح الشبيبة عن مسارح الهواة الأخرى مثل العمّال والطلبة وبعض فرق المراكز الثقافية بأنّه لم ينقطع نهائياً على امتداد السنوات، بعكس تلك الجهات التي توقفت كلها في مرحلة ما. مسرح الشبيبة جزء من وضع مسرحي عام غير مرض في البلاد، وبالتالي من الطبيعي أن يكون مثل البقية. إلا أنّ هناك بعض التجارب الشبابية المبشّرة التي تعيد الأمل للمسرح السوري ككل، وليس المسرح الشبيبي فقط. أخصّ هنا الشباب الذين يعملون في المحافظات، ففي دمشق هناك هجمة تلفزيونية قويّة كما يعلم الجميع.

مسرح الهواة يمنح فرصة جيدة لغير الأكاديميين لتطوير الذات واكتساب الخبرة، بحيث يصبح هذا الهاوي قريباً من قرينه الأكاديمي مع تتالي التجارب والخبرات.

يتحدّث البعض عن توجّه ما أضعف دور اتحاد شبيبة الثورة كمنظّمة شعبية لأسباب مختلفة، والدليل هو ظهور جهات أخرى توجّهت للشباب بنَفَس مختلف أكثر حداثة. هل تعتقد أنّ هذا أثّر سلباً على المسرح الشبيبي في حال صحته؟

ميزة منظمة الشبيبة عن سواها من المنظمات «الأهلية» وغيرها، أنّها تصل لأقصى نقطة في أبعد محافظة، وبالتالي لا أعتقد أنّ أحداً يمكن أن يلغي دور الآخر، مع مراعاة وضع المنظمة ودراسة سبل تطويرها، خصوصاً أننا على أبواب المؤتمر العام الذي يعدّ فرصةً للمراجعة والتقييم.

مسرح الشبيبة جزء من نشاط هذه المنظمة، وهو حالة بدأت، إلى حد ما، بتأسيس قواعد للاستمرارية والتطوّر. منذ حوالي ثلاث سنوات، بدأنا بالتوجّه نحو الشراكة مع القطاع الخاص من خلال شركة «العين الثالثة»، حيث أصبح المهرجان المسرحي الشبيبي حالةً احتفالية عامة ذات وزن إعلامي، ما يتيح تسليط الضوء على تطوّر المسرح الشبيبي. أيضاً فتحنا باب المشاركة للفرق والتجمّعات الشبابية الخاصة، والمفارقة أنّه خلال الدورات الثلاث التي أقمناها مع «العين الثالثة»، كانت فرق المسرح الشبيبي تنال نصيب الأسد من جوائز المهرجان الخمس (أربع جوائز في الدورة الأولى وثلاث في الثانية والثالثة).

بعد انتهاء الشراكة مع «العين الثالثة»، عدنا لتدوير المهرجان المسرحي الشبيبي في المحافظات، خصوصاً البعيدة منها لتنشيط الحراك المسرحي فيها. وركّزنا في الدورة الأخيرة التي أقيمت في دير الزور على مسألة المكافآت المادية عن طريق تأمين (سبونسرات) خاصة، لتعزيز الحافز لدى المشتغلين بالمسرح الشبيبي على تقديم الأفضل. وصلت قيمة الجوائز والمكافآت إلى 400 ألف ليرة، منها 200 ألف للعرض الأول، و25 ألف لأحسن ممثل ومثلها لأحسن ممثلة، و50 ألف لأحسن إخراج ومثلها لأحسن سينوغرافيا. إضافةً إلى مصروف جيب بسيط لكل فرقة مشاركة في المهرجان.

ربما لا تكون هذه الحالة المثلى التي نريد، ولكنّها خطوة على الطريق الصحيح لزيادة دعم القطاع الخاص في الدورات القادمة، وهي محاولات لتخليص رؤوس الأموال الخاصة من عقلية «الدكنجي». الدورة القادمة من المهرجان ستقام في الشهر السابع بدرعا، نرجو أن تكون بالمستوى الذي نطمح إليه.

على ذكر الدعم المادي، يشكو المخرجون من قلة الميزانيات المصروفة على العروض وعدم وجود أماكن مناسبة للتدريب، مع ملاحظة أنّهم متعاقدون مع المسرح الشبيبي بشكل خاص. كيف يمكن أن تحلّ هذه المسائل العالقة منذ زمن طويل؟

لا يمكن لمسرح الشبيبة أن يأخذ دور المؤسسة الرسمية المعنية بالشأن المسرحي عموماً. ولا يمكننا أن نصرف على 10 عروض، مثلاً، في كل محافظة، أو على التجارب غير الناضجة بالشكل الكافي. بالمقابل، المخرجون الذين ترشّح عروضهم للمشاركة في المهرجان المركزي، يحضرون لمناقشة متطلبات عروضهم ونتفق معهم على هذا الأساس.

الذي يحصل، أنّك تجد مدير فرع شبيبة محب للفن، فيكون الفرع نشيطاً في المسرح. في حين أنّ مدير فرع آخر لا يكترث لمثل هذه الأنشطة. هذه المقارنة تنسحب على الجميع، وعلى عشرات المراكز الثقافية المنسية في البلاد، التي أكلها الإهمال والرطوبة والعفن. عندما يكون مدير الفرع الشبيبي نشيطاً، ومدير الثقافة متعاوناً ومرحّباً بفتح صالات المراكز الثقافية للتدريب والعروض، يكون الوضع جيداً والمشاكل محلولة.

بصراحة، نحن لم نصل إلى مستوى المحاسبة بعد. بمعنى أنّ الفرع غير النشيط فنياً يُحرَم من المشاركة في المهرجان المركزي فقط، ولا تصل الأمور إلى محاسبة مدير الفرع على تقصيره. المحاسبة تحصل في حال عدم تجاوب مدير الفرع مع مخرج عرض مشارك في المهرجان المركزي.

من جهة أخرى، بعض مدراء الثقافة لا يبادلوننا الحب بمثله. فنحن نلبيهم عندما يحتاجون الشبيبة، في حين يقفلون مراكزهم المنسية أصلاً عندما نحتاج إليها. وبالتالي يبقى بعضها مقفلاً ومتروكاً للحشرات، وبعضها مخرّباً لأن الشباب لا يشعرون بأن هذا المكان لهم أو لخدمتهم.

هناك انتقادات عديدة تطال بعض ترشيحات الفروع لعروض متدنية المستوى. لماذا لا تشاهد لجنة مختصّة كل العروض الفرعية قبل ترشيحها للمهرجان المركزي؟

كما قلت سابقاً، هذا يتبع لنشاط الفرع ومدى اهتمامه، وكثيراً ما أرسلنا اختصاصيين إلى مختلف المحافظات لمشاهدة العروض وتقييمها. ما نفعله هو اختيار العروض النوعية فقط للمشاركة في المهرجان المركزي، حتى لو اقتصر المهرجان على خمسة عروض فقط كما حصل مؤخراً.

دائماً نحثّ الفروع على تدبير عروض للمسرحيات الجيدة على مسارح المحافظة، وأن تكون مأجورة. ولا مانع لدينا من مشاركة مخرج أو عرض في أي مهرجان أو تظاهرة خارج المسرح الشبيبي، لأنه في النهاية الكل يعمل ضمن البلد وليس لصالح غواتيمالا أو تشيلي.

حقق المسرح الشبيبي اختراقاً دولياً مهمّاً بالمشاركة في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي العام الفائت، بعرض "ظل رجل القبو" تأليف وإخراج سعيد حناوي. كيف تمّ الموضوع؟ وكيف تفكّرون باستغلاله والبناء عليه؟

قبلها كنّا قد شاركنا في مهرجان الربيع لهواة المسرح بحمام سوسة في تونس بعرض "رباعية الموت" لفرع حماة إخراج يوسف شموط، ونال جائزة أفضل عرض في المهرجان. بالنسبة لمهرجان القاهرة، تمّت المراسلات معهم بالبريد الإلكتروني، ورشّحتُ لهم ثلاثة عروض، اختاروا منها "ظل رجل القبو" الذي حقق حضوراً لطيفاً هناك.

حالياً نتواصل مع عدد من المهرجانات العربية، ولدينا ترشيح لعرض "سوناتا الانكسار" إخراج وليد عمر من فرع الحسكة للمشاركة في مهرجان المسرح الحر في الأردن. أيضاً لدينا مهرجان في المغرب وآخر في تركيا، فالمشاركة الدولية حافز آخر للشباب العاملين في المسرح الشبيبي.

شكراً لك.