2012/07/04

مسلسل تركي طويل (3)
مسلسل تركي طويل (3)

شكري الريان

شهاب الدين وأخوه..
بما أني أتوقع أن لا تقل أعمار قراء هذه الصفحة عن الثمانية عشرة عاماً، أو ربما لا تقل عن الثمانين، لذلك سأكون مرتاحاً في التصريح وليس التلميح دون أن أخاطر بأن أصبح متهماً بإفساد أخلاق الجيل الناشئ. في كل الأحوال ناشئونا وشبابنا لم يعودوا ينتظرون مقالاتنا ولا حتى درامانا وهم هاجروا ومنذ زمن طويل عبر أدوات وفرها لهم عصر الاتصالات الذي نعيشه الآن. هاجروا إلى ثقافات أخرى ووسائل تعبير تنتمي إلى تلك الثقافات بما تيسر لهم من معرفة أو حتى عدم معرفة، محاولين تلمس طريقهم عبر أدغال الشبكة والأقمار ليصلوا إلى ما يريدون، أو ما يتوهمون للحظة أنهم يريدونه ولا يلبثوا أن يتركوه متجهين إلى هدف آخر.. في كل الأحوال موضوع الشباب ليس هنا مجاله وله مقام ومقال آخرين. موضوعنا ما زال في مسلسلنا التركي الطويل وبالذات في جانبه الـ "مفسد للأخلاق" أو بعبارة أخرى "الحرية" التي يدعي البعض أنها متاحة للمنتج التركي وممنوعة عن المنتج السوري خصوصاً والعربي عموماً. ومرة أخرى أضطر لاستخدام المزدوجتين لأني حقيقة لا أعرف بالضبط ما تعنيه هذه الكلمة "الحرية" عندما نحاول ملاحقتها مستشهدين بالدراما التركية.. دعونا نستكشف معاً عسانا نصل إلى نتيجة.. العنوان الأبرز لهذه الـ "حرية" هو العلاقة خارج إطار الزواج.. بل وبوجوده أحياناً.. بمعنى الزوجة أو الزوج الـ "خائنين".. أضفت مزدوجة جديدة، ومضطر لها أيضاً لأن المرجع الأخلاقي للعمل يبرر تلك "الخيانة" ضمن السياق الدرامي بحيث تفقد الكلمة شحنتها الأخلاقية النابذة لتصبح أمرا "مقبولاً" من قبل المُشاهد. كلمة مشاهد توقفت قليلا قبل أضعها بين مزدوجتين هي الأخرى وفضلت إبقائها هكذا لأن المشاهد، المعنيين به في كل الأحوال، هو مشاهدنا العربي ولديه ما يكفيه من مزدوجات تحاصره حتى نضيف له واحدة أخرى.. وكي لا أُتهم بأنني أكيل بمكيالين بمعنى أنني أبرر العلاقة خارج إطار الزواج إن كان طرفا العلاقة غير مرتبطين ولا أبررها إن كانا مرتبطين لذلك قصرت كلمة "خيانة" على المتزوجين، أقول أن موقفنا الأخلاقي تجاه مختلف أنواع السلوكيات أوافقنا عليها أم رفضناها أمر يعنينا وحدنا ولا يلغِ حقيقة أن هذه السلوكيات ممكن أن تكون موجودة في مجتمعاتنا وفي أي مجتمع بشري آخر، ولكن وجودها على شاشاتنا وبهذه الطريقة يجعل الجميع مستفزاً ومضطراً لأن يدلي بدلوه سواء أَوصف كل أنواع العلاقات خارج إطار الزوجية بأنها خيانة أم اكتفى بجزء منها أم وافق عليها كلها وبدون أي تحفظ... فما يعرض وضعنا في مواجهة مفهوم عجيب غريب للحرية جعلها تقتصر على الجانب الجنسي منها دوناً عن سواها مما يجعلنا نفهم لم استفز الجميع.. وبالعودة إلى هذا الجانب من الحرية تحديداً.. كون تناوله مأموناً أكثر من غيره!!!.. أقول بأننا من ناحيتنا لم نفتقد كثيراً إلى تلك "الحرية" المطلوبة. نعم لم نتحدث عن علاقات خارج إطار الزواج "كثيراً"... ولكننا بدورنا لحقنا بموجة التركي أو رافقناها أو حتى سبقناها بابتكارات فاقعة أكثر.. مثلاً لو أردنا الحديث عن موضوع الاغتصاب وسألنا أنفسنا عن عدد الأعمال الدرامية التي تناولت هذا الموضوع من جانبنا لوجدنا أنفسنا أمام أكثر من عمل.. دون الحديث عن الإيدز والإدمان والسرقة والعصابات والفساد... و.. و.. القائمة تطول لنقول أننا لم نكتف بتناول بند واحد مما اعتدنا على تسميته "محرماً" وتناولناه على هذا الأساس بل تناولنا كل البنود تقريباً.. نعم نحن بدورنا راعينا "رقيبنا" وشجبنا كل هذه السلوكيات ولم نبررها كما حاول جيراننا خصوصاً في جانب العلاقة خارج إطار الزوجية، ولكننا بدورنا تناولناها وفي أحيان كثيرة كدنا نفصل، وبعبارة مختصرة لم نقصر، ولكننا كنا وفي كل مرة نكرر، بل وفي بعض الحالات نافسنا جيراننا الأتراك ببؤس المعالجة وسطحيتها. إذاً لمَ اعتب على جمهورنا الذي التفت بدوره إلى شيء جديد من ناحية الشكل وليس من ناحية المضمون؟. الجديد يجذب دائماً ولو إلى حين. وحتى يأتي ذلك الحين علينا أن نشير ومن باب إعادة الفضل إلى أصحابه أن أعمال مميزة من إنتاجنا بقيت محافظة على جمهورها دون الاضطرار لتناول مفهوم "الحرية" بالشكل المستفز الذي تم تناوله به من خلال الأعمال التركية أو تلك التي شابهتها من طرفنا، بحيث يمكن أن نقول للمتشكي من افتقادنا إلى الحرية التي يتمتع بها شهاب الدين التركي بأننا من هذا الجانب كنا أخوته.. وفهمكم كفاية.. وللحديث تتمة.. 
للمزيد من الموضيع ذات الصلة  تابع الربط التالي   http://www.alriyadh.com/2008/08/03/article364589.html
http://www.nesasy.org/content/view/6436/100 /