2012/07/04

مشاهدون يتساءلون هل ما تقدمه الدراما جرأة أم وقاحة؟!
مشاهدون يتساءلون هل ما تقدمه الدراما جرأة أم وقاحة؟!


لمى طباخة - الوطن السورية


بلغ عدد المسلسلات السورية التي تم إنتاجها للموسم 2011 ثلاثة وعشرين مسلسلاً، تنوعت بين ثمانية مسلسلات اجتماعية ركزّ معظمها على قضايا الفساد، والعشوائيات، وتأثيرات الإنترنت في الجيل الجديد، وطرح بعضها أسئلةً عن السعادة، والحب. هذه المسلسلات هي: «الغفران، السراب، العشق الحرام، الولادة من الخاصرة، سوق الورق، المنعطف، جلسات نسائية، وشيفون»، واثنان من المسلسلات الاجتماعية ذات الطابع الكوميدي: «الجزء الثالث من «صبايا»، و«أيام الدراسة»، وخمسة أعمال كوميدية: الخربة، يوميات مدير عام2، مرايا 2011، بقعة ضوء 8، وصايعين ضايعين.

أما على مستوى مسلسلات البيئة الشامية، فقدّم الأخوان الملا هذا الموسم مسلسل «الزعيم»، من تأليف الفنان وفيق الزعيم، كما تم إنتاج الجزء الثاني والأخير من مسلسل «الدبور»، للكاتب مروان قاووق، والمخرج تامر إسحاق، على حين قدّم المخرج علاء الدين كوكش مسلسل «رجال العز»، عن نص للكاتب طلال مارديني، وأبقى الباب مفتوحاً على إنتاج أجزاء أخرى للمسلسل.

كما سجل موسم دراما 2011 إنتاج مسلسل بعنوان «طالع الفضة»، العمل التاريخي الاجتماعي الذي لا ينتمي بحالٍ من الأحوال لأعمال البيئة الشامية كما وصفه مخرجه سيف الدين سبيعي، ويتحدث عن حارة دمشقية ما زالت قائمةً حتى الآن، ومحتفظة بتركيبتها السكانية الخاصة، التي تجمع بين المسلمين، والمسيحيين، واليهود الدمشقيين، وتدور أحداث المسلسل في دمشق إبان الحرب العالمية الأولى مع نهايات الدولة العثمانية، وتنتهي تلك الأحداث مع دخول القوات العربية للشام مع الإعلان عن انتصار الثورة العربية الكبرى، ويذكر أن المسلسل من تأليف الفنّان عباس النوري مع زوجته عنود الخالد.

وفي هذا الموسم عاد الفنّان أيمن زيدان للإخراج في مسلسل «ملح الحياة» الذي يندرج ضمن قائمة المسلسلات التاريخية الاجتماعية التي تتحدث عن مدينة دمشق بين عهدي الاستقلال، والوحدة مع مصر في عام 1958م.

بينما غادرت المسلسلات التاريخية بمعناها التقليدي قائمة الإنتاجات السورية للموسم 2011، ودخل مسلسل «دليلة والزيبق» على الخط كمسلسل تراثي يستعير أحداثه من حكاية ألف ليلة وليلة الشهيرة، الذي عرض الجزء الأول منه هذا العام، أما الجزء الثاني فيؤجل للعام المقبل، كما تم إنتاج مسلسل بوليسي واحد بعنوان «كشف الأقنعة»، وكان مسلسل «في حضرة الغياب» عمل السيرة الذاتية الوحيد على قائمة العروض الرمضانية لهذا الموسم، هذا المسلسل الذي يتناول سيرة حياة الشاعر الفلسطيني محمود درويش.

خريطة نجوم الدراما السورية 2011

سجل هذا الموسم عودة كبار نجوم الكوميديا السورية للسباق الرمضاني، والفنان ياسر العظمة في «مرايا 2011»، وأيمن زيدان في «يوميات مدير عام2».

كما عاد الفنّان رشيد عساف بعملين: «رجال العز» و«الخربة»، على حين سجلت سلاف فواخرجي غيابها عن الدراما المصرية للموسم 2011 لتلعب دوراً رئيسياً في مسلسل «الولادة من الخاصرة»، وتحل ضيفةً على مسلسل «في حضرة الغياب» بدور «ريتا» عشيقة محمود درويش الشهيرة.

كما شاركت الفنانة أمل عرفة بصورةٍ رئيسية في مسلسلي «الزعيم» و«بقعة ضوء 8»، وتحل ضيفةً على مسلسل «كشف الأقنعة».

أما كاريس بشار فلعبت دور البطولة في مسلسل «دليلة والزيبق»، وضيفةً على مسلسل «كشف الأقنعة»، وسلافة معمار دخلت موسم 2011 بطلةً لثلاثة مسلسلات هي «الغفران»، «السراب»، و«توق»، ونسرين طافش لعبت دوري البطولة في مسلسلي «السراب»، و«جلسات نسائية»، وأجلت مسلسل «رابعة العدوية» للموسم المقبل.

أما أبرز الغائبين عن هذا الموسم فكان الفنان تيم حسن الذي آثر انتظار عرض مسلسله المؤجل من العام الفائت «عابد كرمان»، على حين اكتفى الفنان جمال سليمان بالمشاركة في عشرة مشاهد فقط بمسلسل «طالع الفضة» يجسد فيها شخصية المفكر د. عبد الرحمن الشهبندر الدمشقية التاريخية، وذلك إلى جانب بطولته للمسلسل المصري «الشوارع الخلفية». وأن الفنانون الأكثر ظهوراً على قائمة العروض الرمضانية للموسم 2011 فهم: باسم ياخور، عابد فهد، قصي خولي، حيث يؤدي كل منهم أدواراً رئيسية بخمسة مسلسلات، وباسل خيـّاط في أربعة أعمال، بالتوازي مع سلوم حداد، وثلاثة مسلسلات لكلٍ من سامر المصري، أيمن رضا، وعبد المنعم عمايري، ومسلسلان لمصطفى الخاني.

تشابه ونمطية وظواهر جديدة

تقول هبة وهي طالبة في الجامعة: إن اللافت في الأعوام الأخيرة هو التشابه والنمطية في الأعمال الدرامية ويكاد يكون هذا التشابه تاماً بين المسلسلات فموضوع الخيانة إن كان من صديقة لصديقتها أو من الزوج لزوجته، وفوات سن الزواج المبرر المشترك لجميع حالات الخيانة، كما أن جميع المسلسلات تحاكي القضايا الاجتماعية ذاتها، من فقدان الفتاة لعذريتها إلى الرشوة والفساد وعمليات النصب والتهريب ومشهد الديسكو الذي أصبح مألوفاً في أغلب المسلسلات الاجتماعية ولعل السبب في هذا التشابه يعود إلى الطريقة المتبعة في تصوير الواقع التي تتجه إلى نقل الصورة بحذافيرها وبطريقة فوتوغرافية مع تغيب شبه كامل لطرق تحليل الواقع.

ومن جهتها نادية مدرسة تقول: «برأيي إن ما تتم ملاحظته تنميط الدراما بأسلوب معين فهي تركز على قيم ومفاهيم وظواهر جديدة، إن وجدت في مجتمعنا وجدت بشكل نادر، وخاصة ما يتعلق بطرحها لموضوع الإرهاب في السنوات الأخيرة وربطه وتأكيده بالشخصية المسلمة، وهي وإن حاولت معالجة مشكلات مجتمعنا فإنها مع الأسف تعالجه بطرق مغلوطة دون الأخذ بالحسبان لما ستحدثه على المشاهد والجيل، وما ستعكسه هذه الصورة للمجتمعات الأخرى التي تشاهد هذه المسلسلات وفكرتها عن المجتمع السوري، فمعظم النصوص تأتي من دون أدنى معالجة تربوية نفسية هادفة واعية لما ستحدثه لدى المشاهد من أثر فإذا كانت الدراما معبرة عن الحراك الفكري والثقافي كما قيل فإن هذا الحراك يكاد يكون معدوماً أو مصابا بالشلل داخل هذه النماذج من الدراما.

ومن جهتها لبنة 24 عاماً تقول: تابعت مسلسل الغفران لكن إلى الآن لم تظهر الفكرة الأساسية للمسلسل فالفكرة المحورية والأساسية غير واضحة وكل ما يعرضه من موضوعات كلاسيكية ومكررة اعتاد المشاهد السوري أن يراها، كما أني أرى أن هناك تشابهاً كبيراً وتكراراً في المواضيع المطروحة في الدراما السورية في السنوات الأخيرة فجميعها تتناول المواضيع نفسها كالحمل دون زواج والخيانة الزوجية والاستغلال العاطفي والمادي، وأما مسلسل ولادة من الخاصرة فيعتبر مسلسلاً جريئاً لطرحه موضوعات وقضايا جريئة إلى درجة مقززة فهناك مشاهد في المسلسل عنيفة جداً ـ كالمشهد الذي قطع به سلوم حداد لسانه ـ أرى أنه ليس من الضروري عرضها على شاشة التلفاز لأنها قضايا تشكل مشكلات أسر قليلة في المجتمع.

وأما سمر وهي سيدة في الأربعين من عمرها فتقول: أنا أعتقد أن المشكلة الكبرى التي تعاني منها الدراما عامة والدراما السورية خاصة باعتبارها الأكثر استقطاباً وجذباً للمشاهدين تكمن في أن جميع المسلسلات تركز على شخصية واحدة هي شخصية البطل التي تفقد دائماً الاعتدال والوسطية فهي إما أن تكون غاية السوء والانحطاط وإما أن تكون مثالاً في النبل والشرف والرفعة الأمر الذي يجرد هذه الأعمال من مصداقيتها، فضلاً عن ابتعاد الكثير من المسلسلات ذات الطابع الاجتماعي عن مزاولة المنطق والخروج على العادات والتقاليد وتجاهل شرقية المجتمع العربي فنحن نشاهد مثلاً في كثير من الأعمال أن علاقة الزملاء الجامعيين من كلا الجنسين (الشاب والفتاة) تتعدى إطار الدراسة وسور الجامعة لنرى أن الصديق يزور صديقته في منزلها وعلى مرأى من أهلها وجيرانها وأن الصديقة تزور صديقها في منزله وإن كان يعيش وحده وربما نراها تعد بنفسها طعاماً أو شراباً لهما متسامين فوق نظرة المجتمع والدوافع الداخلية لدى كل منها..... فمثل هذه الصورة لا يمكن طرحها بهذه المثالية الحمقاء والمزايدة على الشفافية المزيفة لأن في ذلك استغباء للمشاهد وابتعاداً عن الحقائق وتزويرا للقيم والضوابط الأخلاقية للمجتمع وفي كل ذلك يحدث تناسي إنسانية الإنسان فمثل هذه الأعمال تكون براقة في مظهرها الخارجي وغنية في مادتها ولكنها تشكو من ضيق في الرؤية لأنها مجوفة من الداخل وفارغة من المغزى والجوهر.

وتقول سوزان: لم أستطع أن أشاهد جميع المسلسلات لكثرتها في رمضان لكني شاهدت مسلسل جلسات نسائية وأنا أراه يقدم المرأة العربية بصورة فارغة همها وشاغلها الوحيد قصص الحب والغرام التي تشغل بال المراهقات، فلست أرى من جديد بقصة الزوجة العاقر، أو الفتاة العانس التي تبحث عن عريس أو الزوجة المطلقة التي ندم طليقها، فباعتقادي أن للنساء العربيات مشكلات أعمق وأكبر بكثير من الموضوعات التي يطرحها مسلسل «جلسات نسائية»، كما شاهدت مسلسل «سوق الورق» وأنا أراه يحتوي على مبالغة في الطرح فنحن نعلم أن الجامعة تحوي الكثير من الفاسدين وأن هناك مواد تشترى من مدرسيها وأموراً عديدة أخرى، لكن كان باستطاعة الكاتبة أن تتحدث عن كل ذلك بطريقة ألطف للمشاهد، لأن هناك العديد من الأسر البسيطة التي تابعت المسلسل أصبحت تخاف من إرسال بناتها إلى الجامعة لإكمال دراستهن خوفاً عليهن من دكاترة الجامعة ومن رسوبهن وأعتبر ذلك نقطة رجعية وتسهم بنشر التخلف، والأفضل لو أن الكاتبة تطرقت للمشاكل التي يعاني منها الطلاب وحاولت إيجاد حلول لهم.

أحاطت بجميع جوانب الحياة

أما ليان في الثامنة عشرة فتقول: الدراما السورية أحاطت بجميع جوانب الحياة الاجتماعية تقريباً وعالجتها سواء بطريقة جدية أم هزلية المهم أنها أوصلت الفكرة وبسطتها للمشاهد وهذا برأيي ما لم تحققه الدراما المصرية ولا التركية فالدراما السورية لامست الواقع بنوع من التطابق التام، وأنا في هذا الشهر تابعت مسلسل جلسات نسائية والخربة وطالع الفضة وأيام الدراسة بشكل كامل وأحببتها جميعها إضافة إلى مقتطفات من مسلسلات أخرى كالزعيم، ورجال العز، والغفران.

ومن جانبه يقول أحمد: تشهد الساحة الدرامية اليوم تنافساً حاداً بين المسلسلات الاجتماعية التي استطاعت خلال السنوات الماضية أن تنقل الواقع السوري بأغلب مضامينه الاجتماعية وتسلط الأضواء على قضايا باتت جزءاً من المجتمع السوري ومشكلاته ولعل براعة هذه الأعمال تكمن في قدرتها على نقل الصورة بأحاسيسها ومشاعرها الذي يساعد المشاهد بلا شك على الرؤية بشكل أفضل.

وترى لينا أن الدراما السورية قدمت أعمالاً ضمن فئات مختلفة ومتنوعة (البيئة الشامية، الرومانسي، أعمال اجتماعية معاصرة، البدوي، التاريخ القديم والحديث، الكوميديا، أعمال مأخوذة من أصل أدبي، سير ذاتية)، (إرهاب، فساد، علاقات مشبوهة..) ما يشهد أن الدراما السورية تحاول عاماً بعد آخر قراءة تجربتها بتمعن لتكون أكثر تنوعاً وقرباً من المشاهد.

وبما يخص الجانب الكوميدي للدراما يقول أمجد: الدراما الكوميدية لهذا العام كمسلسل «الخربة» و«بقعة ضوء» مسلسلات خفيفة ومهضومة ومادة خفيفة للضحك. أما مسلسل «صبايا» فسطحي ويعطي انطباعاً سيئاً عن الفتيات السوريات، ولا يحوي قصة ليكون له جزء ثالث.

وتقول دانا وهي موظفة في القطاع الخاص: ليس لدي وقت لأحضر التلفاز لوقت طويل لذلك لم أشاهد سوى مسلسل «الغالبون» لكونه مسلسلاً حقيقياً ويطرح قضايا وأفكاراً جديدة لم تطرحها الدراما من قبل، كما أنه يطرح القيم والعادات والأخلاق ويشعرنا بشيء مختلف عن المسلسلات الأخرى التي طرحت موضوع الرشوة والفساد بشكل مبتذل.