2013/05/29

مضامين الدراما قد تؤثر سلباً على المُشاهد
مضامين الدراما قد تؤثر سلباً على المُشاهد

  بلدنا لايعتقد بعض صنّاع الدراما أنَّ للدراما تأثيرها على المشاهدين من خلال ما تقدِّمه من مضامين سلبية، وذلك من مبدأ أنها لا تشبه ما تقدِّمه الدراما والأفلام الغربية من ابتذال وعنف. بل ويعتبر الكثيرون منهم أنَّ فيها ملاذاً ممَا تقدِّمه الأفلام والأعمال الأجنبية.. وعلى الرغم مِن أنَّ بعضهم يذهبون بجدّية في الحديث عن تأثير الأعمال الغربية بالمُشاهِد سلباً، إلا أنهم يغضُّون النظر عن أنَّ الدراما العربية بشكل عام، والسورية خصوصاً، قادرة أيضاً على التأثير بالمتابعين الذين يتأثَّرون وينبهرون، فيقلدون، بل ويثقون تماماً بما تقدِّمه الشاشة.. فقد بدا واضحاً تأثُّر بعض المشاهدين بالدراما السورية، بما أنّها تطرح مشاكل من قلب المجتمع، وتخاطبهم من هذا المنطلق، ولأنها أيضاً تنطق بلغتهم، ما يجعل تأثيرها السلبي أقوى.. النية ليست في أن تؤثِّر الدراما سلباً، إلا أنَّ جهل بعضهم بأهمية الدراسة، بل والتدقيق في كلِّ ما تقدِّمه الدراما، قد غاب.. وللرقابة دورها حين تمنع ما تشاء وتسمح بما تشاء، ليكون في الدراما، بما تحتويه من سلبية، جرعة كبيرة من التأثير الخفي، وبما يكفي لدفع بعض البسطاء إلى التفكير كما تفكِّر شخصيات العمل؛ فقد يثقون بشخصيات، وينفرون من شخصيات أخرى في الواقع تشبه الشخصيات المُقدَّمة؛ كأن يأخذ الأبوان حذرهما من أبنائهما ويتعاملان معهم على أنهم متهمون، بعد مشاهدتهما شخصية ابن عاقّ يتصرَّف تصرفات غير سويّة، كما حدث لإحدى السيدات حين تأثَّرت بمسلسل "الخبز الحرام" فتعاملت مع بناتها على أنهن قد يتصرَّفن كالشخصيات السلبية في العمل.. وقد يتجنَّب بعضهم شخصية تعمل بنفس مهنة شخصية درامية سلبية، خشية الوقوع في ما وقع فيه الممثل.. وقد يصبح كلُّ مَن يشابه الشخصية الدرامية متَّهماً حتى تثبت براءته.. وهذا يحدث حين تطرح الدراما فكرتها بطريقة بدائية وغير مدروسة أبداً، لتعطي نتيجة تخالف ما سعت إليه، هذا إذا ما تأثَّر الأشخاص فعلاً بالشخصيات السلبية وقاموا بتقليدها. "الخبز الحرام" ليس المسلسل الوحيد الذي قدَّم قصصه بطريقة بدائية، وإن كانت بعض النماذج فيه موجودة فعلاً، إلا أنَّ الأمر كان يستحقُّ أن يقاس بطريقة أفضل، حفاظاً على عدم تشتُّت أفكار المُشاهِد، مع الأخذ في الاعتبار أنَّ الذين يشاهدون المسلسل هم من كافة الفئات العمرية، والأعمال المشابهة كثيرة. كان على الدراما أن تكون أنيقة أكثر في التعامل مع قضايا المجتمع، وأن تتناولها بطريقة لبقة، فلا تؤثر سلباً ولا تدفع إلى التقليلد، ولا تكون درساً مباشراً في الوقت ذاته، وهو ما لا يستطيع الكثير من الكتَّاب أن يتعاملوا معه بديناميكية (أي الموضوع المطروح).. والأمر لا يقع على عاتق الكتَّاب فحسب، حين لايقوم الكثير من المخرجين بالتعاطي مع النص بطريقة مرنة، فقد يحمل النص فكرة قوية ومحكمة الكتابة، إلا أنَّ المخرج يذهب ويشطح بها بعيداً عن سياقها الأساسي بالمبالغة أو المباشرة. قُدِّمت أعمال لا تخلو من العنف، كأعمال يوسف رزق و"باب الحارة" وغيره من دراما البيئة الشامية؛ حيث بتنا نرى الكثير من الأطفال واليافعين يمسكون بعصا معتز ويضربون بعضهم، مستخدمين عبارات يستخدمها الممثلون في المسلسل ذاته.. وإن كان ذلك لايقارن بما تقدِّمه الشاشة من أعمال غربية، إلا أنَّ الفرق بينها هو في كون درامانا تنطلق من بيئاتنا وتنطق بلساننا ولهجتنا، ولكن لا يمكن لنا أن ننسى أيضاً التأثير الإيجابي لبعض الأعمال الدرامية.