2012/07/04

مظلومة صباح!
مظلومة صباح!


فاديا فهد – دار الحياة

مظلومة صباح في كلّ ما كتب ويُكتب عنها وعن مسلسلها الرمضاني «الشحرورة»، وعن تلك الحلقات التي سجّلتها عن حياتها وتبثّها التلفزيونات اللبنانية والعربية. مظلومة لأن كلّ ما كُتِب ونُشر وسُجّل وبُثّ لم يتطرق لحظة واحدة الى الفنانة: قدراتها الصوتية والتمثيلية العظيمة، وخياراتها السينمائية والمسرحية التي كوّنت شخصيتها الفنّية، وإحساسها المرهف بالكلمة واللحن الذي ضمّنته أغانيها، والتراث اللبناني الذي حملَته بعيداً بصوتها، و «الميجانا» و «الأوف» الممتدان أفقياً بلا كلل، و «عتابا» الضيعة التي صارت أغنية كلاسيكية بامتياز.

مظلومة صباح لأن أحداً لم يذكر إنسانيتها وتواضعها وحنانها وابتسامتها الدافئة، وتفاؤلها العجائبي القادر على الانتصار على كلّ شيء، «فتُحَوِّل بفكرها وقلبها صحراء قاحلة تعيشُها، حديقةً غنّاء تتخيّلها»، كما قالت لي يوماً في أحد الحوارات التي أجريتها معها لمجلة «الشبكة»، ولم أدرك أهميّة ما قالته في حينه، حتى علّمني الوقت قيمة التفاؤل، وأهمية الخيال لامرأة بتجربة صباح ونجاحاتها وانكساراتها.

وقد آلت الى الانهيار وحتى الانتحار كلّ النساء اللواتي عشن مجداً فنّياً وشعبياً مماثلاً للمجد الذي عرفته الشحرورة، في مقابل حياة شخصية غير مستقرّة. وقد يكون أفضل مثلين: النجمة داليدا والأسطورة مارلين مونرو ونهايتهما المأسوية. وكان حرياً أن تلقى «الصبوحة» تهنئة لتجاوزها كلّ المحن التي اجتازتها وحيدة، رغم كلّ الرجال الذين ملأوا حياتها بتقطّع فظيع، وزادوا وحدتها من حيث لا يعلمون، فكان أن جاء المسلسل للإضاءة عليهم وإعادة بعضهم الى الضوء، على خلفية وحيدة: كان زوج «الصبوحة»!

وظهرت الفنانة الكبيرة بمظهر المرأة المزواج غير المستقرة عاطفياً، واللاهثة وراء زواج آخر، على أساس أنها «لا تستطيع أن تعيش من دون رجل»، كما تقول.

وكنت تمنّيت لو أن المسلسل أو حتى الحلقات التسجيلية، أجابت عن سؤال مهمّ يطرح ذاته: على أيّ أساس شخصي اختارت صباح أزواجها، ولماذا لم تتعلم من أخطاء الأمس لتختار زوجاً مناسباً لوضعها كنجمة، فلا ينتهي كلّ زيجاتها بالطلاق، هي المرأة المشهود لها بالذكاء والفطنة والحنكة؟

بعيداً عمّا قيل انه تكريم للسيدة الكبيرة، قد يكون أكثر ما تحتاجه صباح، اليوم وغداً وبعد غد، هو نبش أرشيفها الغنيّ وإعادة ترتيبه وتوزيعه وإحيائه وإصداره وإدخاله المناهج الدراسية، كي تتمكن الأجيال الجديدة من التعرّف إلى صباح الفنانة الكبيرة. فتكريم الفنان يكون بتخليد أعماله قبل أيّ شيء آخر... وهو ما لا يمكن أن نطلبه من المسلسلات والمقابلات التلفزيونية، مهما كانت محترفة.