2012/07/04

مغنيات الإثارة في مهمة وطنية
مغنيات الإثارة في مهمة وطنية

البيان

حالة من الاستياء الشديد اجتاحت الأوساط الفنية والجماهيرية في نفس الوقت الذي كثرت فيه الأغاني الوطنية؛ والمشكلة لم تكن في هذه النوعية من الأغاني ولكن تكمن في من يقوم بتقديمها، ومعظم المتجهات إلى هذا اللون من الأغاني الهادفة ذات المشاعر الدفينة والفياضة هن من ظهرن عرايا في كليباتهن والمشهورات بأنهن مطربات خلاعة ورقص، فهل يستمع الجمهور لأغان وطنية من مطربات أراد فقط أن يشاهد إثارتهن ورقصهن؟!.. وما الهدف الذي تسعى إليه هؤلاء المطربات من التوجه نحو الأغاني الوطنية؟

المشكلة بدأت مع تصريحات نشرت أخيرا للمطربة اللبنانية دوللي شاهين في الصحف بأنها ستغني أغنيتين وطنيتين إحداهما لمصر والأخرى للبنان؛ وهنا ثارت الصحافة، وتساءلت: كيف لمطربة ى حد تعبير بعض الصحف المصرية، أن تغني أغنية وطنية لمصر ولبنان. هذا وقد سبقتها الممثلة والمطربة المصرية روبي حينما قدمت هي الأخرى أغاني وطنية وكانت صدمة للكثير، حيث قامت بتقديمها بعد أن قدمت أدوار الإغراء والكليبات الساخنة للغاية، ما جعل المشاهد المصري والعربي يقف مذهولاً مما تقوم بتقديمه روبي من أغان ذات طابع وطني عازفا عن سماعها، لكن هناك من استمع لها لمجرد أنها للموسيقار الكبير ياسر عبد الرحمن.

كما سبق وقامت المطربة بوسي سمير بعمل أغنية وطنية لمصر، بعد فوز المنتخب المصري ببطولة كأس الأمم الافريقية الأخيرة إلا أنها قامت فقط بغنائها في استوديو الصوت ولم تظهر للنور حتى الآن، خاصة في وجود العديد من فطاحل الغناء آنذاك الذين غنوا للمنتخب المصري، فقررت أن تؤجل إذاعتها لحين أي نصر مقبل.

الفنانة زينة أيضاً نالت العديد من الانتقادات الحادة بعد غنائها احدى الأغنيات الوطنية في فيلم «واحد صفر» للنجمة إلهام شاهين، حيث قامت بغنائها بشكل غلبت عليه الخلاعة والاستهتار وتعاملت معها على أساس أنها أغنية رقص وليست أغنية وطنية كما تقول كلماتها أو فكرتها.

رصد بعض مطربات الإثارة اللائي قمن بغناء أغان وطنية، إلى جانب بعض المطربات الأخريات اللاتي يحضرن لأغنيات أخرى، وعلى رأسهن اللبنانية ماريا والسورية سوزان نجم الدين وآخرون، كان من الضروري استطلاع آراء المهتمين بحال الموسيقى العربية لنعرف وجهة نظرهم في اتجاه مطربات الإثارة إلى غناء الأغنيات الوطنية، وهل سيستمع لهن المستمع ويصدقهن أم سيعزف عن سماعهن، وعن إذا كان هذا الموضوع موضة سيسير عليها الكثير من مطربات الإثارة.

سمك لبن تمر هندي

كانت البداية مع الملحن حلمي بكر الذي بدأ كلامه مستنكرا ما يحدث، وأكد أن ما يحدث على الساحة الغنائية يعتبر كلاما فارغا، على حد وصفه، لا يصلح الحديث فيه، وقال: يجب ألا نركز في هذا الكلام الفارغ، فكيف لواحدة مثل دوللي شاهين أو كما يطلق عليها «مطربة المايوه» أن تغني أغنيات وطنية.

واستطرد في كلامه قائلا: الغناء في مصر بل والوطن العربي أصبح بالفعل «سمك لبن تمر هندي» والكل يغني أغنيات وطنية بل وامتد الأمر للغناء الديني أيضا، لكنني في نفس الوقت أرى أن الفترة المقبلة ليس لها سوى حلين فقط؛ إما أن تنتشر تلك الموضة والكل يغني كيفما يشاء وأينما كان، وإما أن يعود الموضوع لما كان عليه وكل شخص يلزم حدوده ويعرف ما يمكنه غناءه من ما لا يمكنه غناءه.

وأكمل بكر أن الغناء الوطني له أصوله وناسه فلن ننسى كبار من غنوا للوطنية وهم كثيرون ومعلومون للجميع ولا يصح أن نقارن الدخلاء على الغناء الوطني بكبار المطربين.

وأضاف بكر عن كلمات وألحان تلك الأغنيات التي ستطل علينا في القريب العاجل فهي لن تحتاج لكلمات تعبر عن الوطنية فهي فقط تحتاج لشيء «يتلووا عليه».

وعن وجهة نظره في المطربات اللاتي قد يصلحن لغناء أغنيات وطنية قال المطربات والمطربون الحقيقيون أصبحوا مثل أهل الكهف ولن يخرجوا مرة أخرى، فأرى أنه لم يعد أحد قادر على غناء تلك الأغنيات بحماس ووطنية مثل الكبار وتحديدا أصحاب زمن الفن الجميل.

متاجرة باسم الفن والغناء

أما الشاعر سيد حجاب فقد علق قائلا: إن هناك اتجاها يظهر بين الحين والآخر في نوعية الأغاني وميل البعض إلى المتاجرة باسم الفن والغناء، وهذا ما يحدث حاليا مع بعض المطربات اللاتي يتراقصن خلف الكاميرات ثم يتاجرن بحب الوطن والناس ليقدمن أغاني تثير أشجانهم الداخلية على الرغم من أنهم لا يصلحون إلا لإثارة الغرائز الخارجية للإنسان، وقال: إن معظم مصائب الغناء تأتي من منتجي تلك الأغنيات الذين ينساقون وراء الربح واللعب على مشاعر المواطنين.. مطالبا نقابة المهن الموسيقية أن تتخذ قرارا حاسما يمنع هذا الهزل من الفن، فلا يصح أن يكون الجمهور قد تذوق أغاني وطنية لكوكب الشرق أم كلثوم وبعدها يسمع أغاني وطنية لمطربات مثل هؤلاء.

وأضاف حجاب أن هؤلاء يغنين من أجل المال ويريدن أن يغيرن من وجهة نظر الجمهور إليهم بعد أن عرفهم بأنهن مطربات إثارة وبالتالي لا يصح إلا أن نطلق عليهن اسم مطربات الفيديو كليب ليس أكثر من هذا ولا ينصاع الجمهور لهن.

حق شرعي

خلافا للآراء السابقة، قال الموسيقار هاني شنودة: من يفكر أن يغني أغنيات من تلك النوعية فبالتأكيد سيعفو عنه الجمهور فكلنا مصريون وعرب ونفخر بوطنيتنا وحبنا لبلادنا، والكل يرجو الغناء في مناسبات وطنية، وقال: لا أرى عيبا في غناء أي مطرب أو مطربة لأغنية وطنية؛ لأنه في النهاية مطرب ولديه مشاعر وأحاسيس مثله مثل أي مواطن أو شخص عادي، حتى لو كن من مطربات الإثارة كما تقولون فهذا لن يجعل الجمهور يعزف عن سماعهن ومشاهدة ما يقلنه مادام ما يقدمنه خال من العري والإسفاف والابتذال، فالمطرب كالممثل يقدم أدوارا، فمن الممكن أن تراه لصا في فيلم أو مسلسل ومرة أخرى تراه ضابطا ومستشارا في فيلم آخر.

وأكمل شنودة: أرى أن أي مطرب مصري أو عربي من حقه الغناء في المناسبات الوطنية الهامة ولحظات النصر سواء للمصريين أو للأمة العربية أجمع حتى لو كانوا مطربين شعبيين يغنون أغنيات مثل ما نسمعه هذه الأيام من ابتذال، فهذا حق لهم بل وحق شرعي أيضا وأرى أن الجمهور سيتعاطف معهم ويستمع لهم ولن يعزف عنهم إلا إذا قاموا بإقحام جمل أو مواقف ومشاهد مبتذلة في الشكل أو المضمون الغنائي.

«سبوبة» الغناء

الموزع الموسيقي طارق مدكور علق قائلا: كل شخص يظهر في كل مناسبة سواء كانت مباراة لكرة القدم أو السلة أو مناسبة وطنية مثل حرب أكتوبر مثلا، نجده يقوم بالغناء لمصر ويذكر مصر في كل شيء، وأعتقد من وجهة نظري أن معظم هؤلاء يغنون لمجرد السبوبة، أي ليس لمجرد الانتماء، لكن هذا يعفو عن بعض المطربين الذين يقومون بالغناء؛ لأنهم يشعرون بإنجازات بلدهم ومنتمون لها ويقدمون تلك الأغنية بإحساس عال وليس لمجرد السبوبة.