2012/07/04

مقالة اليوم _          حوارات رمضانية
مقالة اليوم _ حوارات رمضانية

شكري الريان

في زحمة الإعداد لرمضان ورغبة من الأقنية بانتزاع ما يمكن انتزاعه من الجمهور المسكين، فإن معظم الأقنية العربية تسعى "للتبهير" فيما تقدمه من برامج. بمعنى أنك ترى (بروموشن) جذاب فعلاً ويثير الفضول لبرنامج ما، وتقرر أن تلقي نظرة عساك تعثر على ضالتك. ولكن وما أن تشاهد البرنامج المقصود، حتى يتبخر كل شيء ولا يبقى أمامك إلا الملل والتثاؤب والعودة إلى الزر السحري للبحث عما هو أفضل. وفي حال وفقت، وهذا نادر الحدوث، تنسى المقلب الذي أكلته في البرنامج الأول. أما في حال لم توفق، وهذا غالباً ما يحدث، تقلل من نقمتك على المحطة الأولى التي أكلت فيها المقلب الأول وتقول "الحال من بعضه"، وتتابع لعب دورك كـ "مستوعَب" لمقالب "الإعلام" العربي.. وفي الفترة الأخيرة صارت هناك طفرة في البرامج واستبشرنا خيراً وقلنا أن النمط سيتغير، ولكن لم نلبث أن عدنا إلى خيبتنا القديمة إذ كل شيء على حاله. فالبرامج الحوارية ما تزال السيدة على كامل الأقنية، والأمر لا يقتصر على رمضان وحده، بل يتعداه إلى معظم شهور السنة. وكأن البرنامج الحواري هو النوع الوحيد من البرامج الذي وجد على وجه الكرة الأرضية منذ وجدت "أوبرا وينفري"!!.. موضة البرامج الحوارية ليست جديدة. ولكن الاستناد إليها كـ"نوع" رئيسي للبرامج بات فعلا أمرا يتطلب إعادة نظر، فقناة واحدة جديدة (القاهرة والناس) تقصفنا يومياً بثلاثة برامج حوارية على التتالي.. وهذا مثال.. والمشكلة الأكبر أن البرامج الحوارية في معظمهما تختلف بالاستناد إلى ما يطلقون عليه "هوية البرنامج". وبسبب الزحمة لم نعد نميز لا في الهوية ولا في سواه. فبعد أن نشاهد النجم المحبوب في أحد أعماله على شاشة ما، نضغط الزر ليقفز لنا من شاشة أخرى متحدثاً عن عائلته وأصدقائه وعاداته الرمضانية ولون القميص الذي يحب أن يرتديه وهكذا.. نعم بعض البرامج تبتعد عن "النجوم" إياهم لتستقبل "نجوماً" من نوع آخر وفي قطاعات أخرى لا تطل علينا صبحا وعشية عبر الشاشات. ولكن أيضاً الاقتصار على "الرغي" وحده كمادة للبرنامج يجعل الناس تصاب بالصداع، في وقت تبحث الناس فيه عن متنفس ولو "ملطوش" من نوع آخر من البرامج، حيث لم نعد نفكر بأصالة الفكرة ونسبتها إلى أصحابها أو إلى المحطة التي تبثها، فهذه نسيناها في الزحمة التي حوصرنا بها. كل ما نريده وقتا للترفيه الخفيف والبريء في كل هذا الثقل الذي يحيط بنا من كل جانب.. بالمناسبة.. مهنة العاملين في القطاع التلفزيوني تصنف تحت خانة رئيسية يقال لها باللغة الإنجليزية Entertainment وترجمتها الحرفية إلى العربية هي "الترفيه" أي صناعة الترفيه.. وعندما تريد الترفيه على أحدهم فعليك لتحقيق النجاح في مهمتك أن تحترم عقله وذائقته.. ولكن ومن هذه الناحية بالذات، يبدو أن كلمة "ترفيه" ترجمت خطأً، إذ تم استبدال حرف الراء في تلك الكلمة بحرف السين!!!..