2014/08/12

 

خاص بوسطة – علي المحمد

من "عيلة ست نجوم" (1995) إلى "ضبو الشناتي" (2014) كان ولا يزال ممدوح حمادةالكاتب الأبرز للكوميديا السورية،عبر قصص ومفارقات وكاراكترات جذابة عصية على النسيان،"سعيد النايحة" و "مرزوق" "أسعد خرشوف" و "جودة أبو خميس" إلى "أبو نايف"و"أبو نمر"، استطاع من خلالها صاحب"أم الطنافس" أن يدخل إلى عمق مأساة السوريين ويقدم كوميديا تحاكي همومهم ومجتمعهم.
"بوسطة" أجرت اللقاء التالي مع د. ممدوح حمادة :

اخترت نهاية سعيدة لـ "الخربة" ومن ثم نهاية مأساوية للحقائب، هل ما جرى في العامين الماضيين دفعك لتعتقد أن نهاية الخربة أصبحت من الماضي؟

عند الحديث عن مسلسل "الخربة" غالباً ما يحدث لبس في ربطه بالواقع السوري، ولكن الحقيقة التي ربما لا يعرفها إلا القليلين هي أن مسلسل "الخربة" كتب قبل أن تبدأ الأحداث في سوريا، وما له علاقة بالأحداث كان قد تم استقاءه مما كان يحدث وقتها في مصر وتونس، ولذلك كان في حلقاته الأولى يتصور حدوث الأمر في سوريا
وليس حديثاً عن سوريا، وقد أضيفت بعض العبارات أثناء التصوير لجعله على علاقة مباشرة بما يجري، النهاية في الخربة كانت دعوة للإصلاح قبل فوات الأوان، وقد أظهرنا أن المستبدين في العمل )أبو نمر وأبو نايف) فقدا السلطة بسبب تأخرهما  بالإصلاح، إذاً فالنهاية كان المغزى منها طرح هذه المقولة.

في "ضبو الشناتي" النهاية تحمل عدة دلالات .. أولها خروج أهل البلد الحقيقيين عبر ممر آمن رافعين الأعلام البيضاء والثاني هو الغرق في البحر، بمعنى آخر هي تنبيه إلى نهاية محتملة لما يجري.. أي أن نخسر أنفسنا وبلدنا.

 

إلى أين ترى أن الأمور تتجه سياسياً واجتماعياً؟

هذا ما لا أجرؤ على التنبؤ به، أعتقد أننا جزء من صراع عالمي يهدف الى إعادة توزيع النفوذ وتقسيم السوق والاستيلاء على ثروات الشعوب وكل من يريد أن يقول غير ذلك فهو حر، ولكنني شخصياًلا أرى غير ذلك، في الواجهة على الأخص، وكيف ينتهي هذا الصراع  العالمي ستنتهي الأمور عندنا.

 

نصوصك عادةً تحمل طابعاً سياسياً ولو مبطناً،إلى أي مدى تضع الرقابة في حسبانك أثناء كتابةالنص؟

عندما أكتب لا أفكر في الرقابة نهائيا، لأنني بكل بساطة إن فكرت بذلك لن أكتب.

 

هل كان النص سيبدو مختلفاً لو لم تكن هناك رقابة نهائياً في سوريا؟

قلت في غير مكان أن الرقابة اختراع غبي معاركها خاسرة، لأن ما تريد منعه؛ عندما تمنعه يحصل على شعبية مضاعفة، ولكنها من جهة ثانية تضع العصي في العجلات وفي أحيان أخرى تقف عائقا أمام ظهور العمل الى الشاشة، وبشكل عام أرى أن الرقابة مؤسسة تنتمي فكرياًإلى المرحلة العثمانية.

 

هل تعمدت هذا العام إرسال الحلقات "أول بأول" للتهرب من موضوع الرقابة؟

لا،أنا ببساطة لم أكن قد انتهيت من الكتابة عند الدخول في مرحلة التصوير، وهذا ما حصل في معظم ما قدمته.

 

أنت مقيم منذ سنين في بيلاروسيا مع ذلك نرى أن نصوصك مشابهة إلى حد كبير لما يجري في الواقع،  من أين تستقي المادة الخام (إذا جاز التعبير)لعملك حتى بدت أدق مما يكتبه كتاب الداخل ؟ كيف تصل إلى هذه الدقة في تصوير ما يجري؟

 في الحقيقة لا أدري كيف أجيب على هذا السؤال الذي يوجه دائماً لي ولكني سأقول لك من أين استقي معلوماتي:

أولاً: التحليل المنطقي والاستنتاج، حيث يمكن لك أن تتصور ما الذي يمكن أن يفعله الإنسان عندما يتعرض لهذا الموقف أو ذاك.

ثانياً: التجربة الشخصية، فأنا سبق لي وعشت ظروفاً تشبه إلى حد ما؛ الظروف التي أكتب عنها،فقد عشت طفلاً تجربة النزوح عبر الأحراش من الجولان المحتل،وخدمتي العسكرية التي استمرت لأكثر من ثلاث سنوات مضت كلها تقريباً في حالة حرب، وجعلتني اطلع عن قرب على معاناة الناس سواء في سوريا أثناء الأحداث التي جرت أوائل الثمانينيات أو في لبنان أثناء الحرب الأهلية والاجتياح،والكثير من التجارب الأخرى، هذا كله أوجد عندي مخزون يمكن أن أبني عليه.

ثالثا: الإعلام ، فأنا أقرأ دائماً  وأشاهد ما يجري.

كل تلك الأمور مجتمعة هي التي تتشكل منها معلومتي.

 

هل قمت برسم شخصياتك لتناسب أي من الممثلين في "ضبو الشناتي"؟

 إطلاقا فأنا أنجزت ثلث العمل قبل أن يتم اختيار الممثلين، وحتى بعد أن بدأ التصوير فقد كان هناكأدواراً فوجئت بأن هذا الفنان أو ذاك يؤديها، وبشكل عام فإن عدم ربط الدور بهذا الفنان أو ذاك هو لمصلحة الدور، ويجعل الكاتب أكثر حرية، والفنان الذي سيؤدي الدور كذلك.

 

في "الخربة" كان النص متجهاً لإسقاط التقسيم والتبعية العمياء والتركيز على الوحدة مهما كانت الانتماءات، ما الرسائل التي حاولت إيصالها من خلال "ضبو الشناتي"؟

حاولت القول أن ألم ووجع المواطن السوري وأي إنسان على العموم، أكبر وأهم من فذلكتي وفذلكة غيري.

 

 في مسلسل "ضيعة ضايعة" كان هناك طرح جريء إلى حد ما "ضد الدولة"، بـ"الخربة" كان النص موجهاً لعلاقة الشعب ببعضه أكثر أما في "ضبو الشناتي" فكان النص مؤيد للدولة نوعاً ماهل تغيرت وجهة نظرك  تجاه ما يجري ؟

 عندما بدأت كتابة العمل كنت أدرك أنني أدخل في حقل ألغام  فقد كنا سابقاً أمام استبداد واحد وصرنا الآن أمام استبدادين أو أكثر، كنت أدرك أنه إذا لم أتبن وجهة نظر معينة بشكل كامل فإن أصابع الاتهام ستتوجه إلي، ولذلك حرصت على التركيز على مشاكل وهم المواطن السوري بمعزل عن رغبات هذا الطرف أو ذاك، لأن كل طرف من الأطراف يريد بكل بساطة أن تشعل له العشرة،  وهذا ما لن أفعله وإن فعلته يوماً ما فسيكون تحت تهديد السلاح.

بالنسبة لموقفي فأنا لا أتقافز بين الخنادق، موقفي كان ولا يزال مبنياً على عدة ثوابت أعتبرها بوصلة أهتدي بها، أهمها رفض الاستبداد بكل أشكاله بدءاً من حرمان الشخص من حق العمل والتعبير عن الرأي، وانتهاءً بحرمانه من حريته الشخصية وحقه بالحياة، رفض الطائفية بكافة أشكالها من أي طرف كان وبأي شكل كان حتى تلك المستترة منها فأنا لا أقبل أن أكون مواطناً من الدرجة الثانية في وطني بناءً على الطائفة التي ينتمي إليها أهلي بالولادة، فأما وطن أو لاوطن، وكل من يقول بغير ذلك فهو دليل سياحي إلى عصر الانحطاط الذي تدوم فيه الرحلات طويلاً.


 ومبادئ أخرى متعارف عليها، من يقترب منها فهو يقترب مني ومن يبتعد عنها يبتعد عني وهي تنطبق على الجميع السلطة والمعارضة فكما لا يمكنني أن أقف مع سلطة مستبدة لا يمكنني أن أحترم معارضةًأكثر استبداداً،"ضبو الشناتي" لم يكن مؤيداً للدولة والقضايا التي تحدث عنها كانت معاناة المواطن السوري سواء من جهة الدولة أو من جهة المعارضة ببعض أشكالها، وما لم يطرح في العمل من آراء سياسية سببه أن العمل بشكله ومضمونه، لا يحتمل طرحه ليس إلا، ومع ذلك فقد طرحت جميع الآراء تقريباً بهذا الشكل أو ذاك، أما الختم على بياض لهذا الطرف أو ذاك فهو غير وارد.

 

ما تقييمك لمستوى الأعمال الدرامية السورية لهذا الموسم ؟

مع الأسف لم أشاهد أي من الأعمال بسبب انشغالي بكتابة النص ومن ثم تفرغي لمشاهدة عملي بعد ذلك، الآن سأشاهد بعض الأعمال تباعاً، وأنا ليس من عادتي تقييم أعمال زملائي وإذا ما فعلت ذلك فإننيأفعله عن طريق القنوات الخاصة، بشكل عام لا أستطيع الإجابة على هذا السؤال حتى ولو بيني وبين نفسي قبل أن أشاهد.

 

ماذا تحضر حالياً .. للموسم القادم؟

هناك عدد من الاعمال مرتبط بها منذ سنوات سأبدأ بأحدها قريبا ولكنني لم أحدد بعد.