2012/07/04

منى واصف: بعد الأزمة..إحساسنا أكبر بالمسؤولية
منى واصف: بعد الأزمة..إحساسنا أكبر بالمسؤولية

خلدون عليا – بلدنا


تجزم النجمة السورية القديرة، منى واصف، أنَّ «حياتها مرتبطة ومعلَّقة بالفن (التمثيل)، وأنه جزء لايتجزَّأ من روحها ووجودها، فلاتستطيع الابتعاد عنه، ولايستطيع الابتعاد عنها».. هذا ما قالته النجمة السورية، صاحبة التاريخ الطويل في الدراما السورية، في بداية الحديث الذي خصَّت به «بلدنا»، رغم ابتعادها عن الحوارات الصحفية خلال الفترة الحالية.

لكن بكلِّ تأكيد لن تكون واصف مبتعدة عن الدراما السورية في الموسم الحالي، رغم قلة الأعمال المنتجة مقارنة بالمواسم السابقة، فصاحبة الشخصيات المؤثِّرة في تاريخ الدراما السورية ستشارك في عدد من الأعمال، التي تتنوَّع بين «الشامي والتاريخي والاجتماعي»، حيث انتهت مؤخراً من تصوير شخصية الجدة «هنيدة» في مسلسل «الصادق إمام الفقهاء»، للكاتب حامد العلي، وإخراج سامي جنادي، والذي يجري تصويره حالياً في مدينة «الفارس الذهبي» للتصوير التلفزيوني والسينمائي، ليكون ضمن الموسم الرمضاني القادم 2012.  و«هنيدة» هي «أمٌّ لعائلة مكوَّنة من شابين وفتاة، وزوجها حداد يعمل في صناعة السيوف، وعندما تقع الحرب الأموية العباسية في نهايات العهد الأموي، يذهب أبناؤها إلى الحرب، ويُحرق محلُّ زوجها في سوق الكوفة، وتناضل هي وابنتها للاستمرار في حياتهما، بعد أن تتحمَّل هي المسؤولية.. وفي النهاية يعود إليها ابناها».

ولن يتوقَّف حضور منى واصف في الدراما التاريخية عند مسلسل «الصادق»، بل ستكون حاضرة أيضاً من خلال مسلسل «الفاروق»، للكاتب وليد سيف، والمخرج حاتم علي. وتجسِّد فيه شخصية امرأة من عصر الإسلام تدعى «شفاء» وعنها تقول: «الشخصية تسلِّط الضوء على الدور المهم للمرأة في تلك الفترة، ومدى إمكانية الاعتماد عليها وعدِّها عنصراً أساسياً في الحياة، إلى جانب الرجل».

وكما جرت العادة خلال السنوات الماضية، سيكون لـ(منى واصف) حضورها في أعمال «البيئة الشامية»، وهذه المرة من خلال مسلسل «ابن الميتة» للكاتب مروان قاووق، والمخرج ناجي طعمي. وتجسِّد فيه شخصية «الداية»، وتدور أحداث العمل في عهد الاحتلال الفرنسي لسورية. وعن «الداية» تقول: «تتعرَّض إلى ظلم شديد لاتستطيع أن تتكلَّم عنه، حيث تكون مُبعدة عن الحارة هي وولدها (زيدو)، الذي يقوم بدوره الفنان وائل شرف، لتبدأ الأحداث وتُكشف الأسرار مع عودتها وابنها إلى الحارة، لتبيِّن أسباب الغياب، بالإضافة إلى المشكلات التي ستظهر نتيجة عودتها، باعتبارها تحمل سرَّاً خطراً»..

وتضيف واصف: «الداية»، شخصية مشرَّدة وامرأة قوية في الوقت نفسه، تعود وفي قلبها أسىً كبير، بالإضافة إلى شعور الانتقام، وهي في الوقت نفسه الذي تعرَّضت فيه إلى الظلم، ظلمت أناساً آخرين.

يشارك واصف في بطولة العمل عدد من نجوم الدراما السورية، منهم:  بسام كوسا، وائل شرف، خالد تاجا، صباح الجزائري، مرح جبر، الخ..

وتؤكِّد صاحبة الصرخة الشهيرة «أسعد»، في النسخة الأساسية لمسلسل «أسعد الوراق»، أنها «شغوفة بأعمال البيئة الشامية». تقول: «أستمتع بها، لأنها تقدِّم تقاليدنا، وتقدِّم الرجل والمرأة بشهامتهما وانتمائهما إلى البيئة والعائلة، على الرغم مما تتعرَّض إليه أعمال البيئة الشامية من الانتقادات التي تطاول طريقة تناولها المرأة والحياة الفكرية والسياسية لمدينة دمشق، وابتعادها عن ملامسة الواقع الفكري والثقافي لأهل المدينة العريقة».

وتتابع: «هذه المآخذ موجودة، وفي معظمهما محقَّة، لكن هذه الأعمال تتناول جزءاً من دمشق كمدينة كبيرة وعريقة، وليس الشام بأكملها وتفاصيل حياتها.. وفي الوقت نفسه، هناك أعمالُ بيئة شامية تتناول الشام فكرياً وثقافياً وسياسياً، من خلال الإشارة إلى وجود الصحف والحياة الديمقراطية التي كانت موجودة في دمشق منذ القديم، ويمكننا القول، إنَّ النوعين لهما حضورهما المختلف عن الآخر، ولهما جماهيريتهما. إذاً، ما المانع من رؤية النوعين؟»..

وتستمرُّ في حديثها عن أعمال البيئة، وعن «باب الحارة» تحديداً، وإذا ما كانت مع إنتاج جزء جديد من المسلسل: «لِمَ لا، فالأعمال الناجحة التي تلقى رواجاً وشهرة تستمرُّ في أجزاء عديدة وكثيرة في كلِّ أنحاء العالم، وبالتالي ما المانع من استمرار باب الحارة؟.. أليس عملاً ناجحاً جماهيرياً وحقَّق نسب مشاهدة كبيرة جداً؟»..

وعن شخصيتها في باب الحارة تقول: «أعشق شخصية أم جوزيف، ومتعلِّقة بها، وهي شخصية مهمة جداً بالنسبة إلي».

وتعلِّق واصف: «لنغلق هذا الموضوع بالقول، إنَّ للجمهور أذواقاً مختلفة، وهو أحبَّ باب الحارة، أو على الأقل تابعه بشغف، فلماذا لانقدِّمه إلى الجمهور؟»..

ومع إصرارنا على السؤال عن الانتقادات التي وُجِّهت إلى العمل الشهير، تكمل واصف: «العمل اسمه باب الحارة، وليس باب الشام، وبالتالي هو يتكلَّم عن حارة شامية، وليس عن الشام بأكملها، وبالتالي هو قدَّم نموذجاً صغيراً عن مدينة كبيرة، وكان تركيزه منصبَّاً على إظهار العادات والتقاليد والقيم النبيلة.. وكما قلتُ، هناك أعمال قدَّمت الوجه التاريخي والفكري والثقافي والسياسي لمدينة دمشق».

لن يتوقَّف حضور «واصف» في رمضان 2012 عند العملين التاريخيين والعمل الشامي، بل ستكون حاضرة أيضاً في عمل اجتماعي من خلال الجزء الثاني لمسلسل «الولادة من الخاصرة»، للكاتب سامر رضوان والمخرجة رشا شربتجي.. «حضور شخصية أم جابر سيكون أكبر وأقوى»، بهذه الكلمات تعلن واصف من خلال «بلدنا» تطوُّرات الشخصية.. وتضيف: «سيحصل تطوُّر كبير في إحداث العمل بجزئه الثاني، وسنشهد أحداثاً متسارعة جداً، وشخصيتي ستُعايش هذه التطوُّرات، وستتقدَّم وتكون أكثر فاعلية وحضوراً مما شهدناه في الجزء الأول».

ولاتُخفي منى واصف إعجابها الشديد بالعمل: «المسلسل أحدث ضجة كبيرة لأنه مسلسل متميِّز، ويأتي تميُّزه وأهميته من جرأته وحقيقته، كما أنه خاض في مواضيع تجاوز من خلالها الخطوط الحمراء، عبر استغلال بعض الأشخاص الذين يشغلون مواقع حساسة، لنفوذهم وتأثير ذلك في الناس والبلد».

وتتابع: «عدد كبير من المتابعين توقَّع أنَّ العمل تمَّت كتابته أثناء الأزمة التي تمرّ فيها البلاد؛ لما تضمَّنه من جرأة كبيرة. لكنه في حقيقة الأمر مكتوب قبل الأزمة بفترة لا بأس بها، ومع ذلك فقد تجاوز مقصَّ الرقيب، ولم نشهد اعتراضاً عليه».

وتبدو منى واصف مؤمنة ومتيقِّنة بقدرة الدراما السورية على الاستمرار. تقول: «الدراما السورية لها جمهورها وقاعدتها العريضة التي نحتها الفنانون السوريون بالصخر».. وتشدِّد واصف: «الدراما السورية لن تموت، لأنها مؤسَّسة منذ الخمسينات، ونجاحها ليس مجرد فورة، بل مبنيٌّ على ركائز حقيقية، أهمها الإيمان بأهميتها والعمل بإخلاص وحب».

وتلفت منى واصف إلى أنها لم تكن تتوقَّع أن يصل عدد الأعمال الدرامية المُنتجة إلى الرقم الذي وصل إليه: «الحمد لله، الرقم جيد رغم الأزمة، ومع ذلك أدعو المنتجين إلى عدم التردُّد والخوف، لأنَّ الدراما لن تُحارب تسويقياً، فهي دراما مطلوبة، ولها جمهورها».

وبناء عليه، تستنتج واصف أنَّ مستوى الدراما السورية هذا العام سيكون أكثر جرأة وقوة، وتعلَّل بقولها: «لأنني أتصوَّر أنَّ الأزمة خلقت لدينا حالة من الحزن وفي الوقت نفسه، تولَّد لدينا إحساس أكبر بالمسؤولية».

وترى واصف أنَّ مستوى الدراما السورية في موسم 2011 كان «جيداً بشكل عام»، مشيرة إلى أنَّ الموسم الماضي شهد العديد من الأعمال المهمة والمتطوِّرة وذات المستوى اللافت، بالإضافة إلى تنوُّع المواضيع والقراءات التي تمَّ طرحها» .

وبخصوص القرار المثير للجدل الذي أصدرته نقابة الفنانين مؤخراً، والمتعلِّق بتحديد رسوم أذونات العمل، والذي لاقى اعتراضاً كبيراً من الفنانين والمخرجين السوريين، فإنَّ موقف «أم جوزيف» واضح وصريح؛ بأنها ليست مع القرار، هكذا تقول: «الفن مهنة إبداعية إنسانية، والموهبة، والحضور والتطور؛ كلها تحدِّد مدى مشاركة الفنان أو المخرج في الدراما، وليس أيّ جهة أخرى».. لاتريد واصف أن تتوسَّع في الإجابة عن هذا السؤال، تصمت قليلاً، ثم تقول: «ليس وقته الآن».

ولصاحبة المشاركات العديدة في السينما رأي في غيابها المستمر منذ عدد لا بأس به من السنوات، من خلال العدد المحدود من الأفلام السينمائية التي تنتجها المؤسسة العامة للسينما: «ربما حالياً لاتوجد أدوار تناسب عمري، وهذا أمر طبيعي جداً. بالنسبة إليَّ، بعد مسيرة 33 عاماً في الفن، قدَّمت خلالها عدداً كبيراً من الأفلام السينمائية، أنا مقتنعة بهذه التجربة، رغم أنني لاأستطيع أن أقول سوى إنني مازالت أعشق السينما وتجربتها المختلفة عن الدراما».

وبكلِّ تأكيد،  القاصي والداني يعترف لمنى واصف بجهدها الكبير في المساهمة في بناء الدراما السورية وتطوُّرها، لتؤكِّد: «كلنا أسهمنا في بنائها وتطوّرها، وربما أنا أقل المساهمين».. بتواضعها المعهود تقول ذلك.. وتتابع: «الجميع أسهم في ذلك، كلّ بجهده ووقته وروحه وعشقه لهذه الدراما وتطوّرها، عبر مراحل عديدة»..

وعلى الرغم من أنها، كما أسلفنا، من أعمدة نجاح الدراما، ومن أكثر نجومها شهرة، إلا أنَّ منى واصف تقول: «الآن أنا لست نجمة، أنا ممثلة فقط، أعشق الفن وأحسًّ بأنه حياتي كلها، ولاأستطيع العيش من دونه»..

وعندما سألناها عن سبب عدم اعتبار نفسها نجمة، وعن معايير النجومية المعتمدة في الوسط الدرامي السوري، قالت: «النجومية، كما هو معروف حالياً، هي أن يُباع مسلسل للمحطات الفضائية على اسم بطله أو بطلته.. أما معايير النجومية بالنسبة إلي، فهي ليست معايير آنية ظرفية، بل النجومية تأتي من خلال التراكم الفني والإبداعي عبر الزمن والتطوّر والأداء المتجدِّد والخلاق والبحث عن التجدُّد والتجديد، وبالتالي نستطيع أن نقول عن فنان ما إنه نجم إذا استمرَّ ظهوره بشكل دائم في أدوار جميلة ومشغولة بحرفية فنية، وليس مجرد ظهور جيد منفرد، ومن ثم غياب، فحضور عادي، وبعده أقل من عادي»..

بهذه الكلمات تختم منى واصف حديثها لـ«بلدنا»، متمنِّية أن يعمَّ الخير والسلام والحبّ بلدنا الحبيب سورية.