2013/05/29

منى واصف للبعث ميديا: لا أشعر بالدفء إلا في سورية
منى واصف للبعث ميديا: لا أشعر بالدفء إلا في سورية


البعث ميديا - مِلده شويكاني


لم تكن منى واصف ملكة على خشبة المسرح والدراما فقط، وإنما ملكة تربعت على عرش الحب، الذي لا يحدد بزمان ومكان ولا يخضع لضوابط وقوانين ، فحصلت مؤخراً على لقب "أم الدراما السورية " ولقب أفضل ممثلة لعام 2012 بعدما فازت بأعلى نسبة تصويت في الاستطلاع الذي أجراه موقع "بوسطة"، للمرة الثانية على التوالي بعد الاستطلاع الذي أجرته مجلة سيدتي في العام الماضي وحصلت على اللقب ذاته، وهذا ليس بغريب على الفنانة منى واصف التي لم تختفِ وراء ستار النجومية وتسكن في برج عاجي، إذ بقيت أسيرة

حبّ الناس الذين تتواصل معهم بأشكال مختلفة، وتساهم بكثير من الأنشطة التي تساند ما يقوم به المجتمع الأهلي، وقد كُرّمت سابقاً في الولايات المتحدة الأمريكية من قِبل بان كي مون تقديراً لإسهاماتها بالأعمال الخيّرية والإنسانية، وفي منحى آخر لم تتوانَ ذات يوم عن التعاون مع الإعلاميين السوريين والعرب، في حين يبتعد كثير من الفنانين الذين لم يحققوا جزءاً مما حققته عن التواصل الإعلامي معدّين ذلك نوعاً من النجومية.

وفي تصريح خاص للبعث ميديا أكدت السيدة منى واصف بأنها لم تكن تتوقع نتيجة الاستطلاع لاسيما أن دراما 2012 اعتمدت على البطولة الجماعية ولأنها حصلت على اللقب في العام الماضي، فكانت مفاجأة غمرتها بأريج الحب وعبّرت عن آراء مجموعة شرائح تختلف طبقاتهم الاجتماعية ودرجة ثقافاتهم وطبيعة أذواقهم.

ومن المعروف أن الفنانة واصف قدمت على مدى عقود أهم الأدوار المعقدة والمركبة على اختلاف مستوياتها وتنوع أدائها وتمكنت من تحويل الصياغات البصرية إلى صور من لحم ودم تأسر المشاهد بحضورها القوي وإحساسها الصادق ونبرة صوتها المتغيرة وملامح وجهها المعبرة ونظرات عينيها الثاقبة حيناً والحانية حيناً آخر، وأثارت في ذات المتلقي جملة تساؤلات من وحي حواراتها المشهدية العميقة. فشُغفت حباً بالأعمال التاريخية لأنها تتواصل مع الناس باللغة العربية الفصحى وتنقل صورة مشرقة عن تاريخنا المضيء، ومنها انطلقت نحو العالمية بعدما اختارها المخرج مصطفى العقاد لتؤدي دوراً هاماً في فيلم الرسالة العالمي الذي لاقى نجاحاً على مستوى العالم ، ورغم كل النجاحات التي قدمتها واصف في الأعمال التاريخية إلا أنها مازالت تبحث عن الأدوار التاريخية وكما قالت فإنها تجد صعوبة في إيجاد الأدوار لعدم توافر نصوص تعتمد على البطولات النسائية ،لذلك كانت سعيدة جداً بأداء أدوارها في عمر بن الخطاب وإمام الفقهاء .لكن الناس تعلقوا بأدوار الفنانة منى واصف في أعمال البيئة الشامية التي أدت من خلالها صورة المرأة الدمشقية المقاومة فكانت أم جوزيف في باب الحارة علامة فارقة في أعمال البيئة ارتبطت بأذهان الكبار والصغار، ثم تتالت أدوارها من خلال الزعيم ورجال العزّ، التي قدمت فيها مفردات جديدة بأداء مختلف ،فكان آخرها دور أم زيدو في طاحون الشر المرأة القوية رغم فقرها التي ساندت ابنها في العمل مع الثوار وساعدته على إخفاء الأسلحة في منازل الحارة، ووقفت في وجه كل من يحاول أن يضر بابنها فتتابع: الأعمال الشامية تجعلني أعيش أجواء الحارة وأقترب من جدران وأحجار المنزل الكبيرالذي يروي أحاديث الجدات وذكريات الماضي، وألامس فيه أشجار الليمون وأزهار الياسمين والبنفسج والأهم أننا نجسد قوة الارتباط العائلي والتلاحم الاجتماعي في ظل الفسيفساء الملون الذي تعيشه سورية ويضم مختلف الطوائف والأديان.

في السنوات الأخيرة اقتربت منى واصف من دواخل الأفراد الذين يعيشون على حافة الفقر ويعانون من قسوة الحياة ومرارة العيش ويقعون ضحية الاستغلال والانتهازية فيسحقون دون رحمة ،فأدت ببراعة دور الأم المسحوقة التي تحاول لملمة أشلاء عائلتها الذائقة ألوان الشقاء وأنواع العنف الجسدي والنفسي، فقدمت أقوى الأعمال التي صوُرِت بالعشوائيات مثل قاع المدينة وبكرا أحلى ...، لكن لا يوجد أقسى من المشاهد التي أدتها أم جابر في الولادة من الخاصرة وقد عدتها أهم شخصية في أعمالها الاجتماعية.

بقيت منى واصف طوال الأزمة في سورية ورفضت أن تغادرها كما فعل كثيرون وأكدت بأن كل ما يتعرض له الشعب السوري يطالها فتضيف: أنا مقتنعة بموقفي فلا يوجد مكان في العالم يمنحني الحب مثل سورية ولا أشعر بالدفء إلا في ربوعها  ، أقرأ أرق المشاعر الوجدانية في عيون ناسها ،فيها خيالات أشخاص يسكنونني (أمي –أبي- زوجي_أصدقائي )غابوا عن عالمنا لكن روحهم معي ،كل ركن فيها يشكل جزءاً من حياتي فمن مسارحها انطلقت وحققت نجاحاتي وتابعت مساري في الدول العربية ووصلت إلى العالمية ،فكيف أبتعد عن أزهار ياسمينها التي ألتقطها كل صباح لترافق أيامي وأشي لها بأسراري وهواجسي ،وكيف أبتعد عن عصافيرها التي تزقزق حولي وتأكل من راحة يدي.