2012/07/04

نادية الجندي تفشل في "نازلي ملكة في المنفى"
نادية الجندي تفشل في "نازلي ملكة في المنفى"

   صبري حسنين - ايلاف أثارت الملكة نازلي الكثير من الجدل في مماتها كما في حياتها، وها هو المسلسل الذي يحمل إسمها "نازلي  .. ملكة في المنفي"، يعيد إثارة الجدل من جديد، حيث شنَّ النُقَّاد هجومًا شديدًا عليه، واصفين إياه بـ"الفعل الفاضح في سوق الدراما". القاهرة: أجمع النُقَّاد على أنَّ الفنانة نادية الجندي فشلت في تجسيد شخصيَّة "الملكة نازلي" في المسلسل الذي تلعب بطولته، وفي المقابل أشادوا بأداء الفنانة وفاء عامر لنفس الشَّخصيَّة ضمن أحداث مسلسل "الملك فاروق". ونفوا أن يكون المسلسل يروج لعودة الملكيَّة في مصر، مؤكِّدين أنَّ هذا الكلام يأتي نتيجةً لرغبة المصريين في التغيير، وحدوث تداول للسلطة في البلاد. لمحة تاريخيَّة ولدت الملكة نازلي في 25 يونيو 1894، ووالدها هو عبد الرحيم باشا صبري، الذي كان مديرًا لمديريَّة المنوفية، ثم عيِّن بعد زواجها من الملك فؤاد وزيرًا للزراعة، وأمَّها توفيقة هانم بنت محمد شريف باشا رئيس وزراء مصر، ويعود نسبها من أمِّها إلى سليمان باشا الفرنساوي الذي حضر إلى مصر مع الحملة الفرنسيَّة، ورفض الرحيل معها، وأشهر إسلامه، وعاش بها. وتزوجت نازلي من الملك فؤاد عام 1919، وأنجبت منه خمسة أبناء هم فاروق، وفوزيَّة، وفايزة، وفايقة، وفتحيَّة، وإرتبطت بعلاقة عاطفيَّة مع أحمد حسنين باشا، رئيس الديوان الملكي بعد وفاة الملك فؤاد، ويقال أنَّه تزوجها عرفيًّا، وإستشاط ابنها الملك فاروق غضبًا عندما علم بتفاصيل تلك العلاقة، ومات حسنين مقتولاً في العام 1946. ورحلت هي  مع إبنتيها فايقة وفتحيَّة سرًا إلى فرنسا، واصطحبت معها بعضًا من حاشيتها، ومنها موظف مسيحي يعمل في العلاقات العامة يدعي رياض غالي، ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة وأقامت فيها، وتزوَّج رياض من الأميرة فتحيَّة بعد أنّْ تحوَّلت من الإسلام إلى المسيحيَّة، ليس هذا فقط، بل إعتنقت الملكة المسيحيَّة أيضًا، وعندما علم الملك فاروق بالأمر أصدر أمرًا ملكيًّا بتجريدها من جميع ألقابها الملكيَّة، وحرمانها من جميع أملاكها في مصر. وفي العام 1974 أشهرت إفلاسها بعد أنّ منحت جميع أملاكها في أميركا إلى رياض غالي، وخسرها في إحدى المشروعات التِّجاريَّة، وفي العام 1976 قتل رياض الأميرة فتحيَّة بالرصاص. وفي 2 يونيو 1978 توفيت نازلي عن عمر يناهز الـ83 عامًا، و دفنت في مدينة لوس أنجلوس الأميركيَّة. وكانت الملكة نازلي مادة ثريَّة للعديد من المؤلفات، ومنها كتاب "نازلي ملكة في المنفي" للإعلاميَّة راوية راشد، الَّتي كتبت السيناريو والحوار للمسلسل الذي حمل الإسم نفسه، ويعرض حاليًا. النُقَّاد يجمعون على فشل المسلسل فنيًّا ووفقًا للناقد الفني طارق الشناوي، فإنَّ مسلسل "نازلي ملكة في المنفي"، لم يحقِّق نجاحًا لافتًا، ولم يحظ بنسبة مشاهدة عالية، وأرجع ذلك إلى وجود أخطاء كثيرة في مراحل صناعته، بدء من النَّص، مرورًا بالديكور، واختيار الممثلين، وإنتهاءًا بالتصوير. مشيرًا إلى أنَّ النص به الكثير من الثغرات والمشاكل، وكان يحتاج إلى المزيد من الجهد والمراجعة التَّاريخيَّة، وتوثيق أحداثه. وأكد الشناوي أنَّ أداء نادية الجندي كان دون المستوى بشكل واضح، وقال: بدت في المسلسل، وكأنَّها تقدِّم شخصية الملكة نادية الجندي، وليس شخصيَّة الملكة نازلي، وأضاف أنَّ هذه الشَّخصيَّة كانت تحتاج إلى ممثلة أخرى غيرها، وتكون في مرحلة عمريَّة أصغر منها. منوهاً بأنَّ الفنانة وفاء عامر جسَّدت الشَّخصيَّة نفسها في مسلسل "الملك فاروق" بإقتدار، وأقنعت الجميع بأنَّها حقًّا الملكة نازلي، ودعا الشناوي نادية الجندي إلى الإعتراف بأنَّها أخفقت في تجسيد تلك الشَّخصيَّة حتَّى تتمكَّن من إصلاح أخطائها في المرَّات القادمة. وحول ما يقال من أنَّ "الملك فاروق" و"نازلي ملكة في المنفى" عملين يروجان لعودة الملكيَّة في مصر، أوضح الشناوي أنَّ هذا الكلام يحمل في طياته الكثير من المبالغة، لافتًا إلى أنَّ السبب في ترديده هو ما يعانيه المصريون من مشاكل في كافة المجالات، والرغبة في التغيير و تداول السلطة، لكنَّهم لا يتمنون بأن تكون الملكيَّة هي البديل للنظام الحالي. عمل منغلق على نفسه فيما يري الناقد كمال رمزي أنَّ مسلسل "نازلي ملكة في المنفى"، لم يلق قبولاً لدى الشَّارع، ولم يحظ بالمشاهدة الَّتي توازي ما أنفق عليه، حيث يقال إنَّه تكلف مبلغاً ضخماً جدًّا، وأرجع ذلك إلى أنَّه "عمل منغلق على نفسه، ولم يقدم للمشاهد حال المصريين في الفترة الَّتي تدور فيها أحداثه، وإذا كان قد ابتعد عن المواطن العادي في الفترة الَّتي يتناولها، فمن الطبيعي أن يعزف عنه المشاهد، لأنَّه لا يرى نفسه فيه". ولفت إلى أنَّ نادية الجندي لم تكن موفقة على الإطلاق في تجسيد شخصيَّة الملكة نازلي، وطوعتها لها، وأصبغت عليها من شخصيتها هي، مؤكِّدًا أنَّ وفاء عامر قدَّمت الشَّخصيَّة ضمن أحداث مسلسل "الملك فاروق" بنوع من التوازن، ولم تكن هناك مبالغة فيها، مشيرًا إلى أنَّ العمل لا يتلامس مع الحقائق التَّاريخيَّة. فعل فاضح في سوق الدراما ووصف الناقد سمير الجمل "نازلي ملكة في المنفى" بأنَّه "فعل فاضح في سوق الدراما"، وأوضح أنَّ شخصيَّة الملكة نازلي بما هو معروف عنها تاريخيًّا من أنَّها ملكة مستهترة، ولم تقدم شيئًا لوطنها أو للعروبة، لا تستحق انتاج عمل درامي يتكلف ملايين الجنيهات، مشيرًا إلى أنَّه كان من الأولى انتاج أعمال عن رموز سياسيَّة أو علميَّة مثل عالمة الذرَّة المصريَّة سميرة موسي، أو عائشة بنت الشاطيء. وتابع القول: المسلسل مصنوع من أجل نادية الجندي خصيصًا، فهو أشبه ما يكون بعرض أزياء لها، و الهدف منه غير واضح، وتبدو البطلة وكأنَّها تحاول أن تقول إنَّها مازلت في سن الشباب والتفجر الأنثوي، ونراها تتصابى بشكل فج، وفي رأيي لا الملكة نازلي تستحق هذا المسلسل، ولا نادية أجادت تجسيد شخصيَّتها على الشاشة، وعلى العكس منها جاءت وفاء عامر الَّتي قدَّمتها بشكل جيِّد، وكان أداؤها هادئًا ومقنعًا، بدون مبالغة أو مهرجانات زائفة. وحسبما يرى الجمل فإنَّ الدراما العربيَّة عمومًا سواء المصريَّة أو السوريَّة أو الخليجيَّة، غير مرضية، ولا تعبر عن مشاكل وقضايا العالم العربي، موضحًا أنَّه من الخطأ الإفراط في انتاج مسلسلات عن تجارة المخدرات، أو تعدد الزوجات والأزواج، أو المشاكل العائليَّة التافهة، داعيًا الجهات الإنتاجيَّة بالدول العربيَّة إلى تبني انتاج عمل أو أكثر بتكلفة كبيرة، ويكون موجهًا إلى الغرب لتصحيح صورة الإسلام والمسلمين المشوَّهة، أو توضيح موقف العرب من القضية الفلسطينيَّة، منوهًا بأنَّ تركيا بدأت تدرك أهمية الفن في غزو المنطقة العربيَّة، فأنتجت مسلسلات صدرتها إليها، وهو نفس النهج الذي تستخدمه أميركا في غزو العالم من خلال السينما والدراما. مغالطات تاريخيَّة وتلفيق الدراما الَّتي توصف بأنَّها تاريخيَّة لا علاقة لها بالتَّاريخ، لأنَّها تحمل الكثير من المغالطات والتلفيق، ومنها مسلسل "نازلي ملكة في المنفى"، والكلام للناقد الفني عصام زكريا، الذي يستطرد قائلاً: من الأفضل لصنَّاع الدراما التركيز في انتاج مسلسلات جيِّدة فيها فن وإبداع، دون اللجوء إلى التاريخ، لأنَّهم لا يجيدون اختيار الشَّخصيَّات الَّتي يجب تقديمها على الشاشة، ولا يجيدون توثيق المعلومات الخاصَّة بها، وبالتَّالي فهم يساهمون في تكوين ذاكرة تاريخيَّة مشوَّهة أو مغلوطة لدى الأجيال الجديدة، وعليهم التنبه إلى ذلك، وعدم الإنسياق وراء الإثارة الدراميَّة. الجندي فشلت في الإمساك بخيوط الشَّخصيَّة وعلى العكس من سابقيه، يقول زكريا إنَّ وفاء عامر و نادية الجندي فشلتا في تجسيد شخصيَّة الملكة نازلي، وأرجع ذلك إلى عيوب في سيناريو "الملك فاروق" و"نازلي ملكة في المنفي"، وأضاف: كلاهما سقط في فخ تقليد الشكل من حيث الملابس والإكسسوارات والجلوس وسط الخدم والحشم في أبهة مبالغ فيها، لكن سقوط نادية الجندي كان أكثر وضوحًا، فهي تظهر كل 3 دقائق بفستان جديد، وبشخصيَّة مختلفة، ولم تنجح في الإمساك بخيوط الشَّخصيَّة على الإطلاق. وبرر زكريا ما يقال حول أنَّ المسلسل يروج للعودة للملكيَّة، بأنَّه جاء نتيجة لتدهور التَّعليم في مصر، إلى الدرجة الَّتي جعلت الكثيرين غير قادرين على تكوين عقيدة سياسيَّة خاصَّة بهم من خلال القراءات التَّاريخيَّة والسياسيَّة في كتب ومؤلفات لمتخصصين، وليس من خلال المسلسلات الدراميَّة أو الأفلام السينمائيَّة.