2012/07/04

نجمات هوليوود "ملكات الشر"
نجمات هوليوود "ملكات الشر"


محمد رضا – دار الخليج

التعابير التي ترسمها الممثلة تشارليز ثيرون على محياها وهي توزّع الأوامر على طاقم السفينة في فيلم ريدلي سكوت “برومثيوس” هي ذاتها التي تستخدمها في تأدية دور الملكة الشريرة في “سنو وايت والصيّاد” . هي لا توزّع أوامرها على كل من يدخل جناحها فقط، بل الشخصيّتان محدودتا المعالم، وأهم تلك المعالم هي جنوحها إلى التسلّط تبعاً لمصحتها الذاتية وحدها . في نهاية الأمر هي مالكة قرارها، أو كما تقول في “برومثيوس” “هذه سفينتي” وتقصد بذلك المركبة الفضائية التي حطّت على بعد سنوات ضوئية لا تحصى بعيداً عن الأرض .

إذا ما كانت تشارليز ثيرون مسافرة عبر الكواكب في المستقبل البعيد، فإنها في “سنو وايت والصيّاد” تؤم فانتازيا أخرى تدور أحداثها في الماضي: إنها، حسب الرواية التي وضعها الأخوان الألمانيان “غريم”، الملكة التي تصر على أن تبقى أجمل امرأة في العالم، وهي كانت اغتصبت الحكم من “سنو وايت” وقضت بحبسها من طفولتها إلى بلوغها في زنزانة في أعلى القلعة . وحين تخبر الملكة مرآتها السحرية أن “سنو وايت” (او كرستين ستيوارت في الفيلم) هي أجمل منها تسعى لقتلها .

هذه الملكة الشريرة ليست استثناء . في سينما اليوم هناك المزيد من الممثلات الرئيسات اللواتي يجدن مصلحتهن في تأدية الأدوار الشريرة، تلك التي تقوم على أساطير وحكايات فانتازية لتوفّر للمشاهد نوعاً من الشر غير المحدود بمنطق الأشياء . بذلك هي الآمرة بفعل قوّة مركزها او ما تتمتّع به من سحر أسود .

وكما لعبت تشارليز ثيرون دور الملكة في “سنو وايت والصيّاد”، رأينا جولي روبرتس تؤدي الدور نفسه في نسخة أخرى تم إطلاقها في هذا العام من الحكاية ذاتها بعنوان “مرآة مرآة” . روبرتس هي أيضاً الملكة الشريرة التي تود القضاء على الفتاة البريئة لأنها لا تريد أن تخسر مكانتها كأجمل امرأة في العالم .

ولو كان الأمر وقفاً على ثيرون وروبرتس لما شكّل ذلك إلا أهمية محدودة، لكن بمراجعة الأفلام الفانتازية والتاريخية في السنوات الأخيرة، فإن المرأة الأقوى في غالبية هذه الأفلام كانت ملكة أو أميرة أو وليّة عهد أو أم لملك شريرة .

أنجلينا جولي أمسكت بخيوط ابنها كولين فارِل بإحكام ولأجل توريثه الحكم والبقاء في مكانتها كأم القائد الإغريقي ألكسندر، قامت بحياكة مؤامرات انشغل بها النصف الأول في هذا الفيلم الذي تعثرت فيه خطوات المخرج أولير ستون .

ومثلها في عالم أكثر فانتازية هيلينا بونام كارتر حينما منحها زوجها المخرج تيم بيرتون دور “الملكة الحمراء” في فيلمه الأسبق “أليس في أرض العجائب”، وهي كما الحال في نسخ “سنو وايت” تجابه فتاة بريئة لا تشكّل خطراً حقيقياً أو منافسة ولو أن عدوّة “الملكة الحمراء” هي ملكة أخرى (آني هاذاواي) سميّت ب”الملكة البيضاء” . المقارنة بين الملكتين تميل إلى منح الأولى الطاقة الأكبر على الفعل والتأثير وحياكة فصول الشر .

كذلك لا ننسى نيكول كيدمان في دورها الجانح صوب الأذى في الفيلم الفانتازي “البوصلة الذهبية” قبل أربع سنوات . والمستقبل لا يختلف كثيراً في هذا الاتجاه عن الماضي القريب . أنجلينا جولي ستلعب دور الملكة الشريرة في فيلم “ماليفسنت” المأخوذ أيضاً عن فانتازيا أسطورية ظهرت كتباً للصغار وذلك في فليم حي (أي غير كرتوني) للحكاية الشهيرة “جمال نائم” Sleeping Beauty . وإذا ما كانت الأفلام التي تم تحقيقها عن رواية الفرنسي شارل بيرو، وضعت تلك الفتاة الصغيرة في قلب الحدث، الا أن النيّة في الفيلم الجديد هو جعل عدوّة الجميلة النائمة، وأسمها ماليفيسنت، تستحوذ على الموضوع والفيلم، في حين ستتحوّل الأميرة أورورا، التي حكم عليها بالنوم تخلّصاً منها والتي ستقوم بدورها إيلي فانينغ، إلى الصف المساند في الموضوع .

بعد أنجلينا جولي سنشاهد راتشل وايز تؤدي دوراً مماثلاً في فيلم “أوز العظيمة والقوية” الذي يتحدّث عن الساحرة الخبيثة التي شاهدها الصغار في النسخة الكلاسيكية من “ساحرة أوز”، والممثلة ناتالي بورتمن التي ظهرت في دور مزدوج نصفه خيّر ونصفه شرير في “بجعة سوداء” تقول إنها تبحث عن دور داكن آخر تقوم به . نجمات الأمس لم يعمدن إلى لعب أدوار شريرة، لكن ذلك كان عموماً في أفلام محدودة وواقعية وغالباً من باب التنويع، أو لأن الممثلة (كما الحال مع جوان كروفورد وبيتي ديفيز) كبرت على أدوار الحب فقررت الانتقال إلى الجانب الآخر من الخط الفاصل . هذا على عكس جميلات هوليوود المذكورات هنا، ثيرون وجولي وكيدمان وسواهن، اللواتي لا زلن دون سن اليأس ورغم ذلك يسعين لبطولة أفلام تقدّمهن للمعجبين بهن على نحو سلبي .

إلى ذلك، هناك سبب جوهري يغفل عنه معظم المراقبين يقف وراء انتشار هذه الظاهرة: لقد تم اختزال الحاجة إلى ممثلات أدوار الشر المتخصصات . في السنوات الممتدة من عمق تاريخ السينما إلى الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين، كانت هناك ممثلات تعهد إليهن مثل هذه الأدوار (مرسيدس مكبريدج، مرغريت هاملتون، آن سافاج، جان غرير وسواهن) لكن هوليوود وجدت أنها تستطيع استثمار شهرة ممثلاتها في إطار آخر، خصوصاً بعد النجاح الذي حصدته ميشيل فايفر في دورين من هذا النوع: “علاقات خطرة” (1988) و”عودة باتمان” (1992) .