2012/07/04

نجوم مصر متفائلون بعد الثورة
نجوم مصر متفائلون بعد الثورة

خمس الحواس – دار الإعلام العربية

حالة من الركود تقترب من حد الشلل سببتها ثورة 25 يناير على الساحة الفنية، حتى إن فيلما مثل «365 يوم سعادة»، الذي تصادف في أول أيام عرضه مع اندلاع الثورة، مني بفشل ذريع في ظل انشغال المصريين بثورتهم، فضلا عن فرض حظر التجول الذي يتعارض مع طبيعة عمل دور السينما، لكن وعلى الرغم من كل ذلك أعرب فنانون وكتاب ونقاد عن تفاؤلهم بتحسن أوضاع السينما والدراما المصرية بعد الثورة، مؤكدين أن جميع المصريين بمن فيهم أهل الفن يعكفون حاليا على إعادة ترتيب أوراقهم بما يتناغم مع المستجدات والثورة التي غيرت كل المفاهيم السابقة..

المخرج خالد يوسف، أحد المشاركين في الثورة منذ يومها الأول أبدى تفاؤلا كبيرا بشأن مستقبل مصر، مؤكدا أن اجتثاث الفساد يعد أهم المكاسب التي يمكن أن تقود مصر إلى عصر الازدهار والتقدم بما في ذلك حركة الإنتاج الفنية على اختلاف أشكالها، مشيرا إلى أن من أهم المكاسب تحرر الفن من الرقابة التقليدية التي تتعارض مع حركة التطور، ما يشجع الكتاب وصناع السينما والدراما على إنجاز أعمال من قلب الواقع وتعبر عن قضايا المجتمع وطموحات أبنائه؛ لذلك فإن الكبوة التي تشهدها الساحة الفنية حاليا هي الضريبة التي تشارك بها المصريين ثورتهم، ومن ثم ستستعيد قوتها ومكانتها أفضل ألف ألف مرة مما كانت عليه.

القادم أفضل

في الاتجاه ذاته، أكد السيناريست فيصل ندا، أن ثورة الشباب غيرت كل المفاهيم البالية التي كنا ندور في فلكها، مشيرا إلى أن أحدا لم يكن يتوقع أن النظام الذي قبع على أنفاس شعبه يمكن أن يتهاوى بهذه البساطة وهذه الإرادة والعزيمة التي أبداها شباب مصر، مشيرا إلى أن هذه الروح نسفت كل المفاهيم السابقة عن الشباب وطبيعة تفكيرهم واهتماماتهم، وأكدت زيف ما كان يخدعنا به النظام السابق من أن الشباب مغيبون عن واقعهم ومجتمعهم.. وهذا يفرض على الكتَّاب إنتاج أساليب جديدة وابتكار مفاهيم جديدة تعبر عن الشباب وتتحدث لغتهم، وتعلي مكانتهم لا أن تنال منهم وتظهرهم دوما وكأنهم غارقون في أوكار المخدرات والملذات.. كما يجب علينا أن نعيد الواقعية الصحيحة لأعمالنا، لا الواقعية التي تروج للعشوائيات وسينما الجنس والمخدرات.

وختم قائلا: أعتقد أن القادم أفضل بكل المقاييس مما عشناه طوال الثلاثين عاما الماضية، ويجب على صناع الدراما تصحيح مفاهيمهم وأساليبهم أيضا للتعاطي مع الواقع الجديد.

خسائر فادحة

إلا أن الفنان أحمد راتب، أكد تفاؤله الحذر بالمستقبل، مشيرا إلى أن البساط سحب من تحت أقدام الدراما المصرية منذ أكثر من عامين وليس فقط منذ اندلاع ثورة 25 يناير، والتي جاءت لتعطي الضوء الأخضر لكل من الدراما السورية والخليجية للاستيلاء على جمهور الدراما المصرية ، مشيرا إلى أن السينما تكاد تكون متوقفة تماما، ولا أمل في عودتها بقوة قبل عام أو عامين، أما الدراما التلفزيونية فربما تشهد انهيارا كبيرا، خاصة بعد قرار التليفزيون المصري بالتوقف عن إنتاج أعمال درامية بعد أن تكبد خسائر تصل إلى 11 مليار جنيه.. وفي ظل الأجور الفلكية التي كانت سائدة قبل الثورة اعتمادا على التوزيع الخارجي والإعلانات فإن كل هذا سيتوقف بعد توقف كل ذلك، وهذا يتطلب مبادرة كبار النجوم بتخفيض أجورهم بشكل كبير بدلا من أن يفرض عليهم ذلك، فمثلا تامر حسني الذي أعلن عن تقاضيه 40 مليون جنيه في مسلسله الجديد، وبعد انهيار شعبيته بعد ضربه في ميدان التحرير، عليه أن يبادر بتقاضي مبلغ رمزي لا يتجاوز المليون جنيه، وإن كنت أشك في موافقة شركة الإنتاج على ذلك بعد كل ما حدث.

نقلة كبيرة

لكن الفنان أحمد حلمي، يختلف مع رأي الفنان أحمد راتب، مؤكدا أن الشباب الذين قادوا الثورة هم القادرون على حمايتها، مؤكدا أن هذه المرحلة تتطلب الحذر والوعي فهي ثورة الجميع، ولذلك على الجميع مسؤوليات كبيرة بزيادة الإنتاج والرقابة الصارمة لكل مظاهر الفساد وتطهير الدولة من المفسدين، مشددا على أن مصر ستشهد عصرا جديدا من التطور والازدهار، كما سيشهد الفن أيضا نقلة كبيرة تؤكد بالفعل أن السينما والدراما المصريتين هما الرائدتان للفن العربي فعلا وليس فقط قولا.

ثورة فنية

فيما أكد الفنان عزت العلايلي، أن ثمار هذه الثورة ستنعم بها الأجيال المقبلة، وأن شباب اليوم هم المستقبل، موضحا أنهم استطاعوا أن يتحدوا الصعاب ويحققوا معجزة كبيرة، معربا عن اعتقاده بأن الفن المصري بحاجة إلى استلهام هذه الثورة للقيام بثورة فنية تنهض بالسينما والدراما والأغنية المصرية بعد حالة السبات الطويل التي لازمتها طيلة السنوات الأخيرة.

دور الفنان

أما الفنانة نيللي كريم، فأكدت أن أبناء الشعب المصري كانوا مخدوعين طوال السنوات الفائتة، تحت تأثير الإعلام الرسمي الذي كان يرسم صورة وردية للوضع، وكان ينفق بسخاء على الأعمال التي تجعل الشعب بل والفنانين يعيشون في غيبوبة تامة بعيدا عن الحقيقة.. لذلك طالبت بتغيير شامل يطال كل شيء في المجتمع، كما طالبت الفنانين بأخذ المبادرة لتغيير أنفسهم وتحسين أدائهم، والبعد عن الأعمال التي تثير سخط الجمهور وتتعارض مع قيم المجتمع، وأن يبادروا أيضا بالبعد التام عن كل ما يثير استفزاز المواطنين، خاصة الحديث عن الأجور الفلكية، فكيف يعقل الحديث عن فنان يتقاضى عشرات الملايين في عمل واحد لا يتجاوز تصويره بضعة أشهر، بينما الغالبية العظمى من أبناء الشعب لا يجدون قوت يومهم.. كما طالبت بعودة الدور الاجتماعي للفنان، وأن يتبنى بعض المشاريع الاجتماعية التي يستفيد منها المواطنون محدودو الدخل، وبذلك يتحقق التكامل والمحبة بين الفنان وجمهوره.

اليوم وليس غداً

أخيرا، وصف الناقد طارق الشناوي، المرحلة القادمة بأنها مرحلة الانطلاق، مؤكدا: ليس هناك ما يدعونا للتشاؤم، بل بالعكس علينا أولا أن نتأكد من أن الشعب الذي صنع هذه الثورة وقدم تضحيات كبيرة لن يفرط فيها، وأن دماء شهدائنا تحملنا أمانة فوق طاقتنا، وأشار إلى أن النهضة التي ستشهدها مصر في المرحلة القادمة ستنعكس إيجابا على مستقبل المنطقة ككل، وستعيد للفن المصري مكانته التي كان يلتقي حولها كل العرب، وهذا لا يتأتي إلا بالعمل الدءوب والجهود المخلصة للارتقاء بمستوى الفن المصري على كل مستوياته، وعلى الفنانين أن يبدأوا اليوم وليس غدا في رصد كل تداعيات هذه الثورة وتقديم أعمال جديدة تساهم في إنجاح مهام المرحلة المقبلة

.