2012/07/04

(نرجع كالريح).. أو لعناصر العرض غير المكتمل!!
(نرجع كالريح).. أو لعناصر العرض غير المكتمل!!

  بوسطة - علي وجيه تواصلت عروض الدورة الرابعة من مهرجان الشام المسرحي بمسرحية (نرجع كالريح) تأليف د. محمد قارصلي وإخراج رفعت الهادي، في محاولة لتناول الهموم الوطنية ومفاهيم التشبث بالأرض والأحبّة بأسلوب إنساني مختلف..  تبدأ القصة بعودة عادل (ثائر حذيفة) وخليل (منذر أبو راس) إلى حبيبتهما سلمى (عتاب نعيم) في الوطن بعد حوالي أربعين عاماً، فيصبح المجال مفتوحاً أمام الإسقاطات والرموز المختلفة، استناداً إلى النص البسيط، ربما أكثر من اللازم، الذي كتبه د. محمد قارصلي ذات شتاء بارد، وهو الذي يكتب لنفسه عادةً لكنّه يتعاون هذه المرة مع المخرج رفعت الهادي. هي قضية العودة والظرف العربي والفلسطيني التي قُدّمت عشرات المرّات سابقاً، تظهر هنا برمزية بسيطة تحاول التركيز على حالة إنسانية من خلال ثلاثية الرجلَين والمرأة الواحدة، فسلمى التي تمثّل الحبيبة والقضية والمكان بكل دلالاته القومية والإنسانية، تنشد عودة محبّيها ولو بشكل خاطف، يشير للنوايا الطيبة التي أدّت إلى فعل خاطئ كالهجرة بعد زواجها من رجل لا يحبّها.. خليل الذي تبع مجداً نضالياً وألقى بنفسه إلى الموت في عشرات العمليات ضد الأعداء الصهاينة (وليس اليهود)، يستحضر «شاعره» محمود درويش بشكل دائم، ويجد نفسه بعد العودة أمام صديق عمره عادل الذي دفعته الحاجة والربح بالقمار إلى التوجّه لكاراكاس الفنزويلية، ليكوّن ثروة هناك ويرجع هو الآخر مع أشعار نزار قبّاني، فدرويش وقبّاني أو «رفقاتنا»، كما يرى العرض، خير معبّرَين عن ضمير الأمة وأوجاعها المختلفة.. هكذا يحاول العرض تعرية الواقع العربي منذ هزيمة 1967 النكراء حتى هذا الزمن، الذي تحوّل فيه كل شيء إلى «تراب» بما في ذلك ماء البئر المهمل وقيم الحب والتشبّث بالأرض، ولا بدّ من التضحية بأي شيء لمنع الأجيال الجديدة «الأحفاد» من الهجرة ونبذ طعم البيوت وجمال الخبز البلدي، فتلبية حاجة الأرض لأبنائها والحبيبة لعاشقيها خير من التحوّل إلى مناضل عتيق متعلّق بأمجاده أو سكّير لم تسعفه الثروة والنساء في نسيان البلد البعيد! ولكن.. ما الجديد الذي حمله العرض حقاً بعد عشرات الأعمال المشابهة؟! وهل من المناسب إقران الهزيمة بجيل بأكمله (جيل الهزيمة كما يسمّيه البعض) أم هي الأنظمة والقيادات التي سمع بعضها باحتمال الحرب ولم يحرّك ساكناً؟!! هل هذا هو نوع التعرية أو المكاشفة الذي نريده حقاً ولو بإطار إنساني خفيف؟ هي مجرّد أسئلة للقائمين على العرض الذين لهم مطلق الحرية في قول ما يشاؤون بالتأكيد.. عناصر العرض الأخرى كانت بسيطة للغاية عن قصد، فالأمكنة (فضاء العرض) لم تخرج عن ساحة عامة وشارع وحافّة بئر، حدّده ديكور بسيط وإضاءة زائدة عن الحاجة توزّعت بشكل عشوائي مشتّت للانتباه، ومقطوعات مارسيل خليفة المتكررة كادت تطغى على الحالة بأكملها .. كل ذلك في إطار حلول إخراجية فقيرة، وليست بسيطة، لتوفير شروط مسرحية ضعيفة نقلت النص من الورق إلى خشبة المسرح بشكل وظيفي بحت، مما أفضى إلى خلل بيّن في إيقاع العرض برمّته، على الرغم من المسحة الكوميدية اللطيفة التي تُحسب له كونها لم تخل بالحالة الإنسانية التي حاول إيصالها، وهنا لا يمكن إغفال اجتهاد الممثّلين ضمن الشروط المتاحة أمامهم، فكان الحل الأفضل باللجوء إلى روح خفيفة الظل تستطيع التواصل مع الجمهور.. (نرجع كالريح) يمكن أن يوصف بالعرض غير المكتمل على مستوى النص (احتاج لأفعال شخصية وليس مجرد حوارات متبادلة) والإخراج (حلول فقيرة وسينوغرافيا عشوائية)، وهو بحاجة إلى مزيد من التطوير والصبر للخروج بنتيجة مختلفة تماماً عمّا شهده مسرح الحمراء في ثالث أيام مهرجان الشام المسرحي الرابع. بطاقة العرض: الاسم: نرجع كالريح. تأليف: د. محمد قارصلي. إخراج: رفعت الهادي. ديكور: أكرم الحمزة. موسيقا: منذر أبو راس. إضاءة: منى الهادي. مساعد مخرج: منيرة الشماس. تمثيل: ثائر حذيفة - منذر أبو راس - عتاب نعيم.