2012/07/04

نورا مراد مخرجة مثيرة للجدل
نورا مراد مخرجة مثيرة للجدل

دمشق صحيفة تشرين ثقافة وفنون الثلاثاء 5 كانون الثاني 2010 جوان جان على الرغم من الكثرة النسبية لعدد العاملين في مجال الإبداع المسرحي لدينا، إلا أن عدد من استطاع منهم أن يوجد لنفسه بصمة خاصة به تميزه عن الآخرين وتضعه في خانة أصحاب المشاريع يبدو قليلاً، ومن بين هذا القليل تبرز تجربة الفنانة نورا مراد، هذه التجربة التي تجاوز عمرها الآن عشر سنوات كانت زاخرة بأعمال مسرحية لم يتجاوز عددها عدد أصابع اليد الواحدة لكنها استطاعت أن تلفت النظر إليها باعتبارها تحمل معها لغة خطاب مسرحي غير تقليدي يعتمد بالدرجة الأولى على لغة تواصل تحلّق خارج فضاءات الحوار المسرحي سواء بين اللاعبين على خشبة المسرح أو بتعبير أدق مكان العرض الذي اختارت مراد أن يكون مجاله غالباً خارج إطار الشكل المسرحي التقليدي، أو بين العرض بحد ذاته والمتلقين الذين تعودوا على الأسلوب الذي تتبعه مراد في عملها كأسلوب يحاول أن يحلق خارج السرب، وربما في الاتجاه المعاكس أيضاً. تعتمد عروض نورا مراد بالدرجة الأولى على الجسد كواسطة اتصال وتعبير، يقوم الممثل- العارض- المرسل خلالها بإرسال رسائل مرئية تتمحور حول موضوع لايخرج من سياقاته العامة كي يغوص في التفاصيل بل يمعن في كتابة عناوين عريضة وماعلى المتلقي- المتفرج سوى تلقفها ومحاولة صياغتها من جديد بالاتساق مع درجة تفاعله مع العمل، وهذا التفاعل لايكون بطبيعة الحال على درجة واحدة، إذ يتفاوت ارتباطاً بمدى الاختلاف الطبيعي في درجة الانجذاب بين مشاهد وآخر لهذا النمط من العروض المسرحية، وهو نمط على درجة من الخطورة قد تؤدي أحياناً إلى رفضه رفضاً جذرياً من قبل طيف واسع لامن الجمهور العادي فقط بل ومن جمهور المسرح ومتابعيه أيضاً على أساس أن هذا النمط ذا الصبغة المغرقة في تجربتها يحتاج إلى مخزون مسرحي ثر وثقافة مسرحية غنية لم يتوفرا عندنا بعد وقد لايتوفران لسنوات عديدة قادمة. ‏ وقد أتى العمل الأخير لمراد والمعنون بـ «ألف مبروك» والذي قدم قبل فترة وجيزة على مدى عدة أيام في أروقة قلعة دمشق وممراتها كآخر فصول التجربة المرادية (إذا صح التعبير) وفيه تؤكد مراد بما لايدع مجالاً للشك انحيازها التام للغة الجسد في نقل الحالات النفسية وتصوير الحياة الاجتماعية للعناصر العاملة في العرض (ولا أقول الشخصيات بالطبع) اعتماداً على ماورد في بروشور المسرحية من إشارة إلى مضمونها، وهو أسلوب يتبعه عادة المسرحيون العاملون في مجال المسرح المعتمد على لغة الجسد كمحاولة منهم لإدخال مشاهدهم في جو العمل على صعيد المضمون والفكرة، وهو أسلوب ضروري ولاشك.. لأن عدم وجوده يؤدي في أغلب الأحيان إلى وصول المتفرج إلى حالة من الإبهام والغموض التامين واكتفائه بالوجبة الفنية التي يقدمها العمل وهي وجبة غير كافية بالتأكيد لأن العنصر الأهم فيها هو مايريد العمل إيصاله من رسائل بمختلف أشكالها ومراميها وبالتأكيد فإن الاعتماد على لغة الجسد لاتكفي وحدها، إذ لابد من عوامل أخرى تبدو أساسية في أعمال نورا مراد كالموسيقا والمؤثرات الصوتية التي كانت في أقصى حالات اضطلاعها بدور أساسي في (ألف مبروك) حيث اندغم الجسد المطواع للمؤدين رازميك غابرييليان، فرانسوا باير، فيحاء أبو حامد، نورا مراد مع العنصر السمعي ليشكلوا لوحة فنية جميلة، زاد من توهجها المكان الذي قدمت فيه مع مايسبغه من هيبة وجلال. ‏ نورا مراد الممثلة والمخرجة المسرحية صاحبة التجارب المثيرة للجدل تبدو مقصرة بحق نفسها مسرحياً حينما تتمحور نشاطاتها كممثلة مسرحية على تجاربها الشخصية ولاشك أن مشاركتها في الأعمال المسرحية خارج نطاق أعمالها الإخراجية ستزيدها قدرة على تطوير أدواتها ومفردات عملها ماسينعكس إيجاباً على مستوى الأعمال الخاصة بمشروعها المسرحي