2012/07/04

هكذا ستواجه الدراما السورية تسونامي الإنتاج المصري
هكذا ستواجه الدراما السورية تسونامي الإنتاج المصري


ماهر منصور – السفير

عصفت بالدراما السورية صعوبات تسويقية، أكثر من مرة، خلال السنوات الأخيرة، صارت معها هواجس البيع والتوزيع، هماً يؤرق مضجع المنتجين، يدفعونه عنهم في كثير من الأحيان بالبحث عن شراكات إنتاجية مع الفضائيات العارضة، أو من خلال التوجه نحو إنتاج أجزاء جديدة لمسلسلات سبق أن حققت نجاحاً جماهيرياً باعتبارها تحمل أسباب إغراءاتها التسويقية. وقليل من المنتجين من راهن على أسماء نجومه، ممثلين كانوا أم مخرجين، لتسويق أعمالهم. وخيار هذه الفئة غالباً ما يتسم بالمغامرة غير المضمونة النتائج، إذ سرعان ما تقع أعمالهم هذه، ذات التكلفة الإنتاجية العالية، بحكم ما فيها من نجوم، أسيرة خـيارين أحـلاهما مر، إما التسويق مع الخسارة الإنتاجية، أو ركن أشرطة المسلسل في مستودعات الشركة المنتجة.

استمر السلوك الإنتاجي الدرامي السوري على المنوال ذاته هذا العام. هناك ستة مسلسلات هي أجزاء ثانية عن مسلسلات سابقة وهي: «أبو جانتي» 2، «صبايا «4، «أيام الدراسة 2»، «الولادة من الخاصرة 2»، «بقعة ضوء «9، و«دليلة والزيبق 2». بالإضـافة إلى إنتاج عدد من أعمــال الدراما الشاميــة قد يصــل الى ستــة أو سبعة أعمال، كما أن هناك إنتاجات مشتركة مع الفضائيات العربية، وثمة مغامرون أيضاً.

إلا أن أمرا جديدا طرأ هذا العام، يخالف أي منطق تسويقي أو حتى تنافسي، إذ أنتجت أعمال درامية جديدة، من دون شراكات إنتاجية مع الفضائيات، ومن دون أسماء تسويقية يراهن عليها، بشكل جزئي أو كلي. بمعنى أنه من بين شركات إنتاجية من قدم هذا العام مسلسلات بأسماء كتاب ومخرجين جدد، يقدمون تجاربهم الأولى هذا العام، مدعومين بأسماء نجوم تمثيل. ومن المسلسلات من استغنى حتى عن تلك الأسماء التمثيلية، وعلى نحو يثير السؤال، حول أي ضمانات تسويقية أو تنافسية يرتكز عليها هؤلاء في إنتاجهم لمثل تلك الأعمال!

البحث عن أجوبة للسؤال السابق، سرعان ما يزداد تعقيداً مع معطيات تسويقية جديدة، يؤسس لها «تسونامي» درامي مصري، مدعوماً بكافة نجوم التلفزيون والسينما المصريين، المخضرمين منهم والشباب، يجتاح سوق العرض الفضائي، ويعلن نفسه منافساً قوياً، مستوفيا الشروط الفنية، بما فيها المواصفات التقنية التي تميز بها السوريون. وتلك حقيقة بدت واضحة منذ بداية التحضير للموسم الدرامي الرمضاني 2012، أي إنه لم يكن مباغتا للمنتجين السوريين. وبالتالي يبدو السلوك الإنتاجي السوري الجديد خارج منطق المنافسة، إذاً لا أسباب إنتاجية تتعلق بالتسويق، ولا مناخ فنيا يسمح بالتجريب ومنح الفرص، يستدعي دخول السباق الدرامي الرمضاني، عبر مسلسلات من دون إغراءات تسويقية!

المسألة هنا لا علاقة لها غالبا بمشروع رائد، يقوده المنتجون لتبني التجارب الدرامية الشابة. فالسوق محكومة بحسابات الربح والخسارة، وحسابات الربح اليوم مرهونة بمعطيات تسويقية معقدة، لا تخلو حتى من أصابع السياسة. تلك المعطيات استطاع عدد من المنتجين تجاوزها بتخفيض سعر الحلقة الدرامية، ولأن لا منتج يريد أن يخسر، فلا مفر من تخفيض التكاليف الإنتاجية للحلقة، التي تستدعي الاعتماد على وجوه شابة، لها فم يأكل، لا فم يفاوض. ولكن أين تلك الحسابات من المنافسة؟

تكاد تكون المنافسة الدرامية السورية محصورة اليوم، بعدد مسلسلات محدود، من إنتاج ثلاث أو أربع شركات إنتاج سورية، بينها «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي». وخارج هذه المسلسلات تكاد تكون المنافسة معدومة، اللهم إلا إذا اعتبرنا أنها ستنافس على سعر الحلقة الأرخص عربياً.

أنتج السوريون الكم الدرامي المطلوب كل عام، وبقي الكيف، الذي سيقدر وزنه الحقيقي في ميزان المنافسة، التي يدخلونها بطاقتهم الأدنى، فيما يدخلها المصريون بطاقتهم القصوى.