2013/05/29

هل يراهن مؤلفو الدراما الدينية على الوهم؟
هل يراهن مؤلفو الدراما الدينية على الوهم؟


سعيد ياسين – الحياة

يعوّل عدد من مؤلفي الدراما في مصر على تنفيذ مسلسلات تتناول سير صحابة وشخصيات دينية بارزة خلال الفترة المقبلة، بعدما ظلت حبيسة أدراج جهات الإنتاج طوال الأعوام الماضية لاعتبارات متفاوتة، في مقدمها إصرار المسؤولين على التخفيف من أثرها وإبعادها عن اهتمام الرأي العام، أو بحجة كلفتها الإنتاجية المرتفعة وصعوبة تسويقها إلى الفضائيات العربية، التي تركزت طلباتها أخيراً على دراما النجم الأوحد الذي تُقبل على اسمه شركات الدعاية والإعلان.

وزاد من تفاؤل أصحاب هذه الأعمال تقديم عدد من الشخصيات الإسلامية التي كان محظوراً الاقتراب منها، مثل مسلسلي «الحسن والحسين» و «الفاروق عمر»، وحصول أعمالهم على كل الموافقات المطلوبة، سواء من التلفزيون أو من مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف، إضافة إلى وصول الإسلاميين، ممثَّلين بحزب «الحرية والعدالة»، إلى سدة الحكم، وإسناد حقيبة وزارة الإعلام إلى واحد من جماعة «الإخوان المسلمين» هو الوزير صلاح عبد المقصود.

وسريعاً، وكعادة المسؤولين الذين يجيدون لعب كل الأدوار، تمّ البحث عما سموه «كنوزاً» علاها الصدأ طوال السنوات الماضية، ووجدوا ضالتهم في عدد من المسلسلات التي كتبت منذ فترة، وتم تسويف تنفيذها في شكل جعل مؤلفيها لا يفكرون حتى في خروجها من الأدراج، كما بدأ بعض رجال الأعمال الذين ينتمون إلى تيار «الإخوان»، بالبحث عن مسلسلات دينية لتنفيذها قريباً، علماً أن المسلسل الذي تصدى له بعض هؤلاء العام الماضي بعنوان «أم الصابرين» (يتناول قصة حياة الداعية زينب الغزالي وتلعب بطولته رانيا محمود ياسين وطارق دسوقي)، واجه صعوبات جمّة في التنفيذ، ووصلت مشاكله إلى ساحة القضاء.

وبعيداً من «أم الصابرين»، بدأت قطاعات الإنتاج الحكومية ممثَّلة في قطاع الإنتــاج وشــركة «صوت القاهرة» و «مدينة الإنتاج الإعلامي»، تضع على طاولة الوزير مسلسلات ذات صبغة دينية وفي مقدمها «محمد صلى الله عليه وســـلم» للمؤلف سمير الجمل، وهو مستوحى من كتاب الراهبة الإنكلــيزية كارمن أرمسترونغ، التي كانت تســـكن بجوار كاتب ملحد يحاول بعض الإرهابيين اغتياله، وتضطرهم الظروف للاختباء في منزلها، فتقرر التعرف الى الرسول (صلى الله عليه وسلم) من خلال بعض شخصيات أمته، ويخلط المسلسل التاريخ القديم بالمعاصر، ويضم أحداثاً جرت في جزيرة العرب وقت بعثة الرسول، إضافة إلى أحداث حالية أبرزها الرسوم الدنماركية المسيئة واتهام المسلمين بالإرهاب.

وأفرج أيضاً عن مسلسلي «أبو هريرة» من تأليف عبد الستار فتحي وإخراج هاني لاشين ورشح لبطولته ممدوح عبد العليم، والثاني «ذات النطاقين» الذي يتناول قصة حياة أسماء بنت أبي بكر للمؤلف الدكتور بهاء الدين إبراهيم، ورشحت لبطولته صابرين على أن يخرجه هاني إسماعيل.

وما أن علم عدد آخر من المؤلفين بهذه الخطوات «الساكنة» حتى تحركوا مطالبين المسؤولين بالإفراج عن مسلسلاتهم الجاهزة للتصوير، ومن هؤلاء المؤلف محمد أبو الخير، الذي قدّم تسعة أجزاء من مسلسل «القضاء في الإسلام» إلى جانب جزءين من «المرأة في الإسلام»، كما طالب بتنفيذ مسلسله «سعيد بن المسيب»، الذي ظل حبيس الأدراج منذ أكثر من عشرة أعوام، ويتناول قصة حياة سعيد بن المسيب الذي لقب بـ «فقيه الفقهاء» وتزوج ابنة الصحابي الجليل أبي هريرة، فكان «أعلم الناس» بقضايا الإسلام وقضاء أبي بكر وعمر بن الخطاب، وجمع بين الحديث والفقه والزهد والورع.

الأمر ذاته كرره المؤلف عايد الرباط، الذي قدم عدداً من المسلسلات الدينية، من بينها «أبو مسلم» و «الترمذي» و «البخاري» و «النسائي» و «الليث بن سعد» و «الحسن البصري» و «ابن ماجه»، وطالب بتنفيذ مسلسليه «أبو داوود» إمام أهل الحديث في زمانه، و «أهل الصفة» الذي يركز على صفوة مسجد رسول الله، ومن بينهم أبو ذر الغفاري وعبد الله بن مسعود وابن أم مكتوم وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وسلمان الفارسي وخالد بن الوليد وآخرون.

ويبقى السؤال: هل يكسب المؤلفون رهانهم على وزارة الإعلام التي لم يعد لها موقع من الإعراب في ظل الدستور الجديد؟ أم ينتظرون منتجين حقيقيين يبغون تقديم أعمال هادفة من دون مكاسب مادية ملؤها إعلانات السمن والزيت والسكر والصابون؟