2012/07/04

وراء الشمس
وراء الشمس

  محمود حسونة  - دار الخليج كثيرة هي المسلسلات التي تعرضها الفضائيات العربية خلال رمضان، ولكن القليل منها يستوقفك، والقليل جداً يحمل جديداً، وعلى رأس هذا القليل جداً المسلسل السوري “وراء الشمس” الذي تعرضه قناة دبي الفضائية قبل الإفطار مباشرة كل يوم، حيث يطرق باباً آثر المبدعون تركه موصداً خلال السنوات التي تشكل عمر الدراما العربية من خلال تناوله لذوي الاحتياجات الخاصة، وموقف المجتمع المحيط منهم، وأساليب تعامله معهم، ومدى قبوله إياهم . هذا العالم تناولته محاولات درامية وسينمائية محدودة من قبل، ولكن بأسلوب معالجة غير دقيق مثلما نتابع في “وراء الشمس”، ومن المحاولات السابقة مسلسل “سارة” للفنانة حنان ترك، وفيه جسدت شخصية فتاة ترفض المجتمع وظلمه إياها وتتقوقع داخل ذاتها ليتوقف نموها العقلي عند مرحلة الطفولة رغم النمو الجسدي الطبيعي، وأيضاً لا ننسى فيلم “الصرخة” للفنان نور الشريف ومعالي زايد الذي تناول معاناة الصم والبكم في المجتمع، وفيه استعان مخرجه بفتاة صماء شاركت في البطولة لإضفاء بعضٍ من الصدقية على أحداثه . الوضع في “وراء الشمس” مختلف، فالإعاقات فيه ليست طارئة، ولكنها أصلية ولد وسيموت بها أصحابها، كما أنها إعاقات ذهنية، وذلك من خلال حالتين هما “بدر” المصاب بالطيف التوحدي، وهو ينتمي إلى أسرة فقيرة، ويعاني استغلال المجتمع له وتسلطه عليه، ويجسده بشكل عبقري الفنان بسام كوسا حتى لتخال نفسك أمام معاق حقيقي في حركاته ومشيته وشكل جسمه والتواء ذراعيه وأصابع يديه وطريقة كلامه ونظرات عينيه . الحالة الثانية لمصاب بمتلازمة داون، وقد نجح المخرج سمير حسين في أن يتحدى ذاته ويسند هذا الدور لمصاب حقيقي بمتلازمة داون، هو علاء الدين الزيبق الذي تم اختياره من بين 100 حالة، وتم تدريبه لمدة أربعة أشهر، ليؤدي الدور كما هو مطلوب منه، وليحقق من خلاله المخرج سبقاً جديداً في عالم الدراما بإسناد دور أساسي ومهم لمعاق ذهنياً، والخروج معه بأفضل نتيجة ممكنة، رغم المعاناة خلال التصوير، حيث كان المشهد الواحد يعاد 6 مرات وهو أمر طبيعي . “علاء” يجسد “علاء” وأعتقد أنهم احتفظوا للشخصية باسمه الحقيقي حتى لا يتوه منهم، وهو شاب يعيش في أسرة ميسورة ويحظى بكل الاهتمام من أمه وأبيه، لينعم بحياة لا تختلف كثيراً عن حياة الشاب الطبيعي، وليمارس الرياضة ويحب الخروج إلى المجتمع ومواجهته، ولكنه إذا تعرض لأي شيء يزعجه تنهار حالته ويصاب بنوبة، ما يفرض التعامل مع هذه الفئة بحرص وحساسية شديدة . السؤال الذي يطرحه المسلسل هو ماذا سيكون الموقف لو علم أي زوجين أن الزوجة حامل في جنين معاق؟ . . هل سيتخلصان منه أم يحافظان عليه ويقدمان له الرعاية والاهتمام مثل حالة علاء؟ الإجابة عن السؤال تستغرق وقت معظم الحلقات المقبلة، خصوصاً أن الزوج “باسل خياط” يصر على الإجهاض في حين تتمسك الزوجة “صبا مبارك” بالجنين، ولأن السؤال بسيط والإجابة عنه لا تستحق كل هذه المساحة الزمنية، يحس المشاهد ببعض الملل، ولكن تألق بسام كوسا في الأداء، وقرب علاء الدين الزيبق من القلب، ينسي المشاهد أي أخطاء في المسلسل . المخرج سمير حسين أدخل المشاهدين خلال الحلقات الأولى إلى عالم أبطاله رويداً رويداً، وانتقل بهم من  حالة إلى أخرى بسلاسة، ومن دون استخدام الحوار المباشر بين الشخصيات، حيث ربط المؤلف محمد العاص بين الحالات بمواقف بسيطة وسلسة ترجمها المخرج إلى مشاهد معبرة ومؤثرة أخذت قلب المشاهد وعقله في آن واحد، ليتغاضى عن المط والتطويل الذي أصاب بعض الحلقات