2013/05/29

وللمقـــاهـــــي نصيبهــــا مـــن الـــــدراما أيضــــــــــاً
وللمقـــاهـــــي نصيبهــــا مـــن الـــــدراما أيضــــــــــاً


لـــوردا فـــوزي – البعث


> إن ما يقدم في الدراما التلفزيونية له انعكاساته على الشارع العام  فتأثير الدراما أصبح أقوى من أي تأثير آخر، لأن ما يقدم خلالها من أفكار وآراء، الإيجابية منها والسلبية، وحتى المواعظ، يكون مغلفاً بطابع الترفيه وعدم المباشرة فيتلقاه المشاهد برحابة صدر على خلاف البرامج المباشرة، لا بل في بعض الأحيان قد يتماهى المشاهد مع الأفكار المقدمة، ويتقمص شخصيات المسلسلات، ويسقط ما يراه على حياته الواقعية.

ومؤخراً حظيت دراما البيئة الشامية بانتشار غير مسبوق، فدخلت إلى بيوتنا وأصبحت عادة يومية أدمنها الكثيرون، فانتشرت بعض العبارات  التي ترددت فيها، وأصبحت تصرفات شخصيات المسلسلات  مضرب مثل، ولم يقتصر الأمر على هذا بل شمل حتى المقاهي التي اقتبس أصحابها أسماءها من هذه المسلسلات، فالمقهى يحمل تاريخ وحضارة كل بلد وحتى دراماه.

وللمقهى في المجتمع حضور كبير فهو متنفس للجميع ومحطة للقاء، ويأتي اسم المقهى كعنوان يختزل كل دلالاته بالنسبة لرواده، ويعطيه طابعاً خاصاً به، وقد درجت عادة تسمية المقاهي بأسماء المسلسلات الشامية كـ"باب الحارة"و"الشام العدية " و"بيت جدي" و"الخوالي" وغيرها من الأسماء، كأحد عوامل الجذب، فتعلق المشاهد السوري بتلك المسلسلات سيشدهم أيضاً إلى هذه المقاهي بحثاً عما يشابه بيئة تلك المسلسلات، وحتى لو لم يتعد الشبه الاسم فقط في بعض المقاهي، مع العلم أن بعض المقاهي الأخرى حاولت تهيئة جو داخلي للمقهى يشابه طبيعة الأجواء التي قدمها المسلسل الذي حملت عنوانه، من حيث الديكورات والمناخ العام ولباس القائمين على خدمة رواده، وخاصة أن أغلب المقاهي هي بيوت دمشقية  تمثل ركناً من أركان الإبداع الدمشقي بكل معانيه ومكوناته، وهذا ما يخلق جواً من الألفة والحميمية لدى رواد المقهى،ويجعله يكسب الولاء من أغلبهم وعندها تغدو وجوه الجالسين معروفة ومألوفة بين الأكثرية.

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل تجاوز تأثير الدراما أسماء المقاهي وبعض العبارات وصنع الضحكات، أم انعكس في قيمنا ومبادئنا وسلوكنا، فما يقدم من قيم إيجابية في دراما البيئة الشامية، هي قيم أكثر ما نكون بأمس الحاجة إليها في أيامنا هذه التي غلب عليها طابع المصالح الشخصية، لتتمثل في حياتنا الشهامة والنخوة والتسامح وغيرها مما عُرف به سكان الشام على مر الزمان، ولابد من الإشارة هنا إلى ما يسوّق لنا من قيم قد تتنافى مع قيمنا من خلال الدراما التركية والمكسيكية التي اجتاحت العالم العربي  بكل ما تحمله من أفكار غريبة عن عاداتنا وتقاليدنا، ويبقى الأمل كبيراً بأن تنتقل القيم الإيجابية التي تجسدها الدراما السورية ليس فقط إلى أسماء مقاهينا بل وإلى حياتنا بكل جوانبها ومجالاتها.