2012/07/04

يرحل عادل أبو شنب وكعادتنا نصل متأخرين
يرحل عادل أبو شنب وكعادتنا نصل متأخرين


ماهر منصور – تشرين


ما أن جاء أربعون الفنان خالد تاجا، حتى جاءنا خبر رحيل الكاتب عادل أبو شنب.. رائدان اثنان من جيل الحب، جيل فني عمل وأعطى من دون مقابل، واجه الخنق الاجتماعي والاقتصادي،

على ممارسي هذه المهنة، وواجه بساطة تقنيات العمل فيها، ليؤسس ويمنهج ويؤرخ لدراما، يحصد نتائجها اليوم جيل دخل المهنة بقفازات بيضاء، ليحقق فيها نجوميته، المادية والمعنوية، بيسر يحسد عليه.

رحل عادل أبو شنب، لا نعرف كم من الجيل الجديد  يعرف قيمة الرجل الأدبية والاجتماعية، لكننا نعرف أن عزلة بينهم وبينه، حالت دون الاستفادة منه، ومن ذاكرته الحية التي تنبض بنحو ستين عاماً من ذاكرة الفن والأدب السوري، وأكثر من تلك الأعوام بكثير عن ذاكرة الحياة السورية ما بين أسوار دمشق  القديمة التي عاش فيها حتى سن متقدمة من شبابه، وخارج الأسوار حيث أكمل مشوار العمر مع زوجته وقضى بقية عمره حتى مات عن عمر يناهز الواحد والثمانين عاماً.

واحد وثمانون عاماً كانت تستحق أن نحتفي بالكاتب عادل أبوشنب، وأن نقدره روائيا وقاصا وناقداً وصحفياً وكاتباً للمسرح والإذاعة والتلفزيون.. كانت تستحق أن يؤرخ لتجربة الرجل، وقد ارتبط اسمه بتأسيس وبدايات أكثر من منبر ومحطة ثقافية وفنية (اتحاد الكتاب العرب، جريدة تشرين، مجلة أسامة، الدراما السورية..). وفي كل محطة منها، كان من الممكن أن يستفاد من الرجل، على نحو أكثر مما كان هو يضعه بين أيدينا في زواياه الأسبوعية في جريدتي تشرين والثورة...لكننا كعادتنا؛ دائما نصل متأخرين... أو لا نصل كما هو حالنا اليوم مع الراحل عادل أبو شنب.

رحل عادل أبو شنب، في زمن تزدهر فيه الدراما، ونسمع عبارات المديح والحنين لدراما الأبيض والأسود، إلى حد قيام مشاريع بإعادة إنتاج تلك الأعمال الخالدة، إلا أن أياً من تلك العبارات الكبيرة لم تذكر الكاتب «عادل أبو شنب»، صاحب واحد من أهم الأعمال الدرامية السورية، هو «حارة القصر»، وهو العمل الذي يكاد لا يغيب عن لسان كل منتقد لما يعرف بدراما البيئة الشامية اليوم، لكن أياً من المنتقدين لم يفكر بالاستعانة بالكاتب «عادل أبو شنب»، لأخذ استشارته الدرامية على الأقل فيما يقدم من دراما عن الشام... وهو ما نجزم بأنه تقصير لا تجاه الراحل «أبو شنب» فقط، وإنما تجاه الجمهور أيضاً والشام التي يدعون حبها.. تقصير يتحمل مسؤوليته شركات الإنتاج كما نجوم الدراما وكتابها ومخرجوها.

اليوم بعد رحيل الكاتب عادل أبو شنب، لا نعرف إن كان ثمة تحرك، رسمي أو غير رسمي، سيحدث بعد قليل لمحاولة إيفاء الراحل أبو شنب حقه، وهو تحرك، إن حدث، فلابد من أن يشمل إدارة التلفزيون السوري واتحاد الكتاب العرب، والهيئة العامة للكتاب..ولكننا نعتقد أن أهم تكريم للرجل، سيكون بحفظ من بقي من أبناء جيله، لا حفظ ذاكرتهم فقط، وهم للأسف غير معروفين، لكننا نستطيع نبش الذاكرة والبحث عنهم وإيجادهم.

لقد حصل أن قام التلفزيون العربي السوري منذ أكثر من عام بتكريم بروتوكولي لعدد من أبناء ذلك الجيل في ذكرى تأسيس التلفزيون الخمسين،  لكنني أجزم بأن هؤلاء وغيرهم سرعان ما تركوا في خانة الإهمال والنسيان، وحقهم علينا يتجاوز تكريماً عابراً، نحو عناية مستمرة، ورعاية رسمية وخاصة، وهنا نحن لا نريد رعاية لهم بالمعنى المادي الضيق للكلمة، وإنما نحن نتحدث عن رعاية تاريخ، يتمثل بهم، أسس لوجهنا الفني والإعلامي اليوم، وبرعايته وحفظهم نحن نحفظ أنفسنا، لعلنا على هذا النحو، نقلع عن عادتنا السيئة؛ بالوصول متأخرين.