2012/07/04

يسري الجندي على حافة اللاسامية؟
يسري الجندي على حافة اللاسامية؟


محمد عبد الرحمن - الأخبار

«خيبر» الحصن اليهودي الشهير في الجزيرة العربية الذي اقتحمه المسلمون في العام السابع من الهجرة بقيادة الرسول، سيشكّل عنوان أحدث مشروع تاريخي درامي ليسري الجندي. في هذا المشروع، سيجدّد المؤلف المصري البارز تعاونه مع المخرج محمد عزيزية بعد نحو عام ونصف العام على مسلسلهما التاريخي «سقوط الخلافة» الذي تناول المؤامرات التي حاكها بعض يهود أوروبا من أجل القضاء على الإمبراطورية العثمانية تمهيداً لإقامة دولتهم المزعومة على أرض فلسطين.

القضية شغلت بال يسري الجندي طويلاً وتحديداً منذ العام 1968 عندما قدّم مع المخرج حسن الوزير مسرحية «ما حدث لليهودي التائه مع المسيح المنتظر» التي أعاد تقديمها على مسرح «الهناجر» عام 2007 بعنوان «القضية».

وها هو يتلقى عرضاً من المنتج هاشم السيد أحد الشركاء في «إيكوميديا» القطرية، لتقديم عمل درامي أراد فيه أنّ «يحكي للأجيال الحالية كيف كان يهود خيبر يحيكون المؤامرات والمكائد لمنع الدولة الإسلامية من النهوض والاستمرار، فجاءت الحرب ضرورة لمنعهم من بلوغ مآربهم». والسياسة نفسها تعتمدها حالياً إسرائيل وفق ما يقول الجندي لـ«الأخبار»، مضيفاً: «العقيدة لم تتغير ونظرة الاستعلاء الموجهة للعرب بقيت كما هي». لكن أليس عمله معادياً للسامية يخلط بين اليهود كطائفة دينية وبين اسرائيل بوصفها كياناً سياسياً قائماً على العنصرية والاحتلال؟ هنا، يجيب صاحب «السيرة الهلالية»: «لستُ ضد الديانة اليهودية، بل ضد العنصرية التي قامت على أساسها الفكرة الصهيونية. هذه الأخيرة اعتمدت على مغالطات تاريخية وأفكار كاذبة تم نشرها بين الأجيال الحالية من العرب والمسلمين، وآن الأوان لعودة الوعي، خصوصاً بعد الثورة المصرية»، مضيفاً أنّه يقوم بواجبه إزاء هذا الأمر من خلال الدراما.

الجندي يمتلك تاريخاً طويلاً مع الدراما التاريخية. قدم قبلاً مسلسلات عديدة منها «ملاعيب علي الزيبق»، و«السيرة الهلالية»، و«الطارق» و«جمهورية زفتي» و«ناصر» وأخيراً «سقوط الخلافة» الذي أنتجته أيضاً شركة «إيكوميديا» المتحمّسة ـــــ على حد تعبيره ـــــ لهذه النوعية من المشاريع عكس العديد كبير من الشركات الخاصة. ويشير إلى أنه ليس صحيحاً تعرّض تلك الأعمال للخسارة المادية لكنها «أوهام يروّجها من يتهربون من واجبهم نحو الوطن».

ويشدد الجندي على أن الظروف التي تشهدها الساحة العربية حالياً تدفع بمسلسل «خيبر» وغيره من الأعمال التاريخية إلى الواجهة حتى تصل إلى الجيل الحالي الكثير من الأفكار والحقائق التي غابت عنهم طوال العقود الماضية، فما «يحدث في إسرائيل حالياً وأسلوبها في التعامل مع مصر والدول العربية لا يختلف كثيراً عما كان يحدث داخل حصن خيبر ولا عما فعله اليهود مع البابليين والرومان وروسيا القيصرية حتى ألمانيا مطلع القرن الماضي وكراهيتهم الدائمة لكل الشعوب وتعاليهم المستفز لكل من هو ليس يهودياً». ورغم نفيه لمعاداة السامية، إلا أنّ حديث الجندي لا يخلو في بعض المواضع من هذه الصفة. مع ذلك، لا يكترث لأي حملات هجوم قد تشنّ عليه بسبب المسلسل لكونه اعتاد ذلك منذ وقت طويل. ورغم أنه غير متيقن من السبب الرئيس الذي أدى إلى منع مواصلة عروض مسرحية «القضية»، إلا أنّه لا يستبعد وجود ضغوط اسرائيلية مورست على السلطة آنذاك، خصوصاً أنّ العمل كان من إنتاج وزارة الثقافة. بعدما حققت نجاحا كبيراً، مُدِّدت عروض المسرحية. إلا أنّه فجأة ومن دون مقدمات، صدر قرار بإيقاف المسرحية وعدم بثها تلفزيونياً من دون إبداء الأسباب.

لا يستطيع الجندي الدخول حالياً في تفاصيل المشروع. إذ ما زال في مراحل الكتابة الأولى، بالتالي ليس من المؤكد لحاق المسلسل برمضان المقبل، وهو ما يجعل خطوة اختيار الممثلين مؤجلة حتى يبدأ المخرج محمد عزيزية بدراسة النص تفصيلياً بهدف تحديد مواقع التصوير. لكن الجندي توقع أن يكون العمل ضخماً إنتاجياً بسبب طبيعة المرحلة التاريخية التي يتناولها، ضارباً المثل بمسلسل «سقوط الخلافة» الذي تطلب العمل عليه جهداً فوق العادة رغم أنه يدور في بدايات القرن العشرين. ورأى الجندي في مسلسل «خيبر» انعكاساً لتأثير الثورة على الدراما العربية التي باتت مطالبة بمجاراة الواقع. لكنّه انتقد في الوقت نفسه تقديم أعمال درامية عن الثورة نفسها لكونها لم تكتمل بعد. إذ يرى أنّه يجب تقديم رؤية نقدية لا دعائية لأي نظام حتى لو كان ثورياً، بالتالي لا بد من أن تكتمل الدائرة التاريخية للثورة حتى يتمكن من الكتابة عنها.

مصير «شجر الدر»

ما زال مصير مسلسل «شجر الدر» معلقاً. رغم انحياز يسري الجندي لسلاف فواخرجي لبطولة العمل المؤجل منذ عامين، تتوالى الترشيحات من جهات أخرى عديدة آخرها كان ترشيح صابرين. فيما خرجت الهام شاهين من الحسابات رغم أنها أعربت أكثر من مرة عن رغبتها في تقديم الدور. ويؤكد الجندي أن المسلسل لا يركّز الشخصية ذاتها بل يضيء على العصر الذي عاشت فيه، تماماً كما فعل مع شخصية الرائدة النسوية هدى شعراوي التي قدمتها فردوس عبد الحميد في مسلسل حمل عنوان «مصر الجديدة».