2012/07/04

«يوسف شاهين وتجربة الإنتاج المشترك».. ثمانية عشر فيلماً لـ «جو».. خارج لعبة الإنتاج التقليدية
«يوسف شاهين وتجربة الإنتاج المشترك».. ثمانية عشر فيلماً لـ «جو».. خارج لعبة الإنتاج التقليدية


صحيفة تشرين


تؤمن الكاتبة أمل الجمل بأن «سينما يوسف شاهين رغم كل شي، كانت صراع النور ضد الظلام، كانت صراع العري ضد التغطية، العري بكل أشكاله والتغطية بكل صورها» وفي كتابها «يوسف شاهين وتجربة الإنتاج المشترك» الذي أصدرته المؤسسة العامة للسينما السورية عام 2011ضمن إصدارات سلسلتها الشهيرة «الفن السابع».

تتناول الكاتبة أمل الجمل تجربة يوسف شاهين (جو) بوصفه صاحب وأشهر وأهم التجارب السينمائية المصرية المشتركة سواء مع الدول العربية أو الأجنبية... وذلك منذ مرحلة مبكرة في تجربته السينمائية، وقد ساهمت المصادفة والظروف الاقتصادية السياسية وأشياء أخرى لها علاقة بشخصية شاهين دوراً أساسياً في خوضه تجربة السينما المشتركة. ‏

ويناقش الكتاب ظروف إنتاج عدد من أفلام شاهين المشتركة والصعوبات التي واجهتها بدءاً من تجربة «رمال من الذهب» 1966 إنتاج إسباني مغربي مشترك، بطولة فاتن حمامة، مروراً بتجربته مع المؤسسة المصرية العامة للسينما، فتحقيقه النقلة النوعية الأولى في مسيرته السينمائية المشتركة في الجزائر حيث أخرج بمساعدتها ثلاثة أفلام هي «العصفور» و«عودة الابن الضال» و«اسكندريه..ليه».. وبعد ست سنوات حقق شاهين نقلته النوعية الثانية في مجال الإنتاج السينمائي المشترك مع شراكته الفرنسية....ابتداء من فيلمه «وداعاً بونابرت» 1985 . ‏

وتطل الكاتبة أمل الجمل على التركيبة الشخصية للمخرج يوسف شاهين وملامحه الرئيسة والتي ساهمت بقدرته على خوض مجال الإنتاج المشترك بنجاح لافت ، فظل كما يقال هو وشركته «أفلام مصر العالمية» يمتلكان الخلطة السحرية والمفاتيح السرية للحصول على تمويل أجنبي...وقد استطاع دائما أن يلتف على لعبة الإنتاج التقليدية ليفرض رؤيته الشاملة على الفيلم...وهو صاحب الشخصية الخلافية المتوترة دائما التي لم ترفع الراية البيضاء أبداً. ويستعرض الكتاب بالنقد والتحليل عدداً من تجارب شاهين السينمائية ذات الإنتاج المشترك (أفلامه مع القطاع الحكومي المصري وأفلامه مع فرنسا و أفلامه مع الدول العربية)، وظروف إنتاجها والبناء الفني للسيناريو ورسائله الفكرية، وتحليل شخصياته ودلالاتها وتقنيات يوسف شاهين الإخراجية في كل فيلم منها.. وما واجهته من قيود رقابية وحذوفات كما تناول الكتاب إسهامات شركة يوسف شاهين (أفلام مصر العالمية) السينمائية فهو إلى جانب أفلامه المنتجة بتمويل فرنسي قام بإنتاج أفلام غير ربحية لمخرجين آخرين بمشاركة الدعم الفرنسي، وبحسب الكاتبة الجمل فإن الشركة أنتجت ستة وثلاثين فيلماً مشتركاً مع دول أوروبية وعربية، وهو ما يعادل نسبة 50% من إجمالي الإنتاج المصري المشترك على مدار تاريخ السينما المصرية، وتلفت الكاتبة الجمل إلى أن نسبة الأفلام التي تعاونت «أفلام مصر العالمية» في إنتاجها 23,96 من إجمالي الإنتاج المصري المشترك على مدار تاريخ السينما المصرية. ‏

ثمانية عشر فيلماً لـ «جو».. خارج لعبة الإنتاج التقليدية ‏

ويستعرض الكتاب أخيراً فيلموجرافيا سينما «يوسف شاهين» المشتركة... وعددها ثمانية عشر فيلماً تبدأ من «رمال من ذهب» إنتاج عام 1966، انتهاء بفيلم «هي فوضى» إنتاج العام 2007. ويلقي الكتاب الضوء على تجربة السينما المصرية المشتركة ، ويناقش أسبابها والصعوبات التي واجهتها، وأهم انجازاتها وبيان أسباب ما فشل منها. كما يناقش الكتاب مفهوم التعاون السينمائي المشترك، و يعرض لطبيعة العلاقات الفرنسية – الإفريقية السينمائية كمدخل للحديث عن العلاقات المصرية الفرنسية السينمائية، مع الإشارة إلى أشكال الدعم (الإنتاج، التوزيع والدعاية)، وجهات التمويل... في هذه الشراكات.

مفهوم التعاون السينمائي المشترك ‏

التعاون السينمائي المشترك يقصد به اشتراك طرفين أو أكثر في انتاج فيلم (روائي أو تسجيلي، طويل أو قصير) يتسم بصبغة عالمية، برأس مال مشترك، وبممثلين وفنيين من الدول المشاركة في الانتاج، وبقصة يرضى عنها جميع الأطراف.. مع ذلك يفضل أن تقتصر الشراكة على التمويل فقط ، من دون الإصرار على وجود ممثلين من الدول المشاركة حتى لا ينجم عن ذلك تسكين ممثل أو ممثلة في غير مكانها بحيث تصبح عبئاً على الشخصية الدرامية وعلى العمل بأسره. ‏

للتعاون المشترك أشكال عدة، فقد يتم أحياناً بين أفراد من بلدان مختلفة من دون أن تدعمهم البلدان التي ينتمون إليها ودون أن تكون هناك اتفاقيات موقعة للتعاون بين بلدانهم. في أحيان أخرى تتم الشراكة بين فرد أو أكثر وبين شركة حكومية من بلد آخر كما كان يحدث في تجارب يوسف شاهين مع فرنسا مستنداً إلى القوانين المعتادة المعمول بها في الدولتين. أما الشكل الأكثر انتشاراً فهو التعاون بين طرفين من دولتين على أساس اتفاقيات حكومية موقعة بينهما مسبقاً. ‏

في الإنتاج المشترك ينسب الفيلم إلى الجهة صاحبة النسبة الأكبر في رأس المال، أما إذا تساوت الأطراف المشاركة فيتحدد في وثيقة العقد إلى أي دولة ينسب الفيلم وحقوق كل طرف في مناطق التوزيع مع الوضع بالاعتبار أنه إذا كان الفيلم يكتسب هويته القانونية من الجهة صاحبة رأس المال فإن هويته السينمائية تظل حكراً على جنسية مخرجه، في حين يمنح الشريط السينمائي هويته الثقافية من روح العمل المقدم وجوهر الموضوع. ‏

يقصد من وراء الشراكة إثراء كل الأطراف الشركاء على قدم المساواة، أن تمنح تجاربهما مزيداً من الخصوبة، وتعزيز القدرات. يتحقق ذلك من خلال التواصل والتعاون بطرق متساوية، عبر تبادل الخبرات والآراء بلا انحياز، عبر تمرير المعرفة والتحكم بها من جميع الأطراف. ‏

الشراكة تعمل على تحريك الأمور الفنية والسينمائية والإبداعية، وتدفع بها نحو الأمام، تفتح نوافذ جديدة على العالم من خلال الاشتراك في المهرجانات السينمائية الدولية وربما نيل بعض جوائزها وكذلك إتاحة الفرصة للعرض في السوق الدولي. ‏

إنها وسيلة فعالة للخروج بالفيلم من سوقه المحلي المحدود وتوسيع دائرته في السوق العالمي. إنها قناة اتصال وتواصل مع العالم وجسر متين يجتازه الشركاء معاً لو شيدوه على أسس فنية وتجارية دقيقة.. الشراكة تسهل تصوير أفلام كل طرف على أرض الطرف الآخر، تذلل العقبات وتهب كل التسهيلات اللازمة والإجراءات الممكنة كإعفاء الأفلام المشتركة من الضرائب، أو تلك التي تضمن فتح سوق كل طرف أمام أفلام الطرف الآخر، تتيح تبادل الخبرات المهنية والأكاديمية, وعقد لقاءات دورية مشتركة لصناع السينما وخبرائها من كلا البلدين، تسمح بالتعاون في ترميم الأفلام ، وإصدار المطبوعات، وتمويل الأبحاث. ‏

تخلق منافسة شديدة تحقق نتائجها في تطور السينما، ويكون لها أثرها الكبير في نهضة الفن السابع. ‏

من كتاب ‏

(يوسف شاهين وتجربة الإنتاج المشترك) ‏