2013/07/28

"الولادة من الخاصرة" يقبض على الجمر
"الولادة من الخاصرة" يقبض على الجمر

 

مارلين سلوم – دار الخليج

 

 

الدراما السورية تولد من خاصرة الأحداث المريرة التي يعيشها كل سوري أينما كان داخل أو خارج بلده . لم يعد الحياد عنوانها، ولا التجاهل يليق بها وبأهل الفن .

 

من يريد أن يقيِّم الأعمال المعروضة، ليس عليه أن يتوقف عند تفاصيل لا قيمة لها، بل عليه أن يضع نصب عينيه أولاً الهدف من الدراما المعروضة، وظروف التصوير والضغوط النفسية والمعنوية التي تعرض لها فريق العمل أثناء التصوير وبعد بدء العرض، حيث هناك تهديدات تلاحق بعض الفنانين، ومقص الرقيب في التلفزيون السوري “استفاق” مؤخراً ليحذف مشاهد من مسلسلات يعرضها، مثلما فعل بمسلسل “زمن البرغوث” الذي اقتطع منه كل مشاهد الفنان سلوم حداد، رغم وجوده بالاسم والصورة في تتر المسلسل . رهان الدراما هنا وفنانيها، هو رهان حياة وبقاء . هو تحد ليس من أجل العمل ومن أجل ألا تغيب الدراما السورية فقط، بل من أجل أن تكون للفنان كلمته، وللكاتب معنى ووجود وللمخرج رؤية يترجمها مشاهد على الشاشة .

 

قد يكون في كل اختيار لفنان موقف، وقد يكون لهروب البعض من العمل في الدراما السورية واللجوء إلى العربية موقف ورأي أيضاً . وليس من السهل أن يجاهر الفنان السوري برأيه سواء كان مع هذا الطرف أو ذاك، خصوصاً إذا قرر فريق عمل المضي في كشف الحقائق والغوص في ملفات شائكة والتطرق إلى الأجهزة الأمنية والاعتقالات والتعذيب في السجون، كما يفعل “الولادة من الخاصرة” في جزئه الثالث “منبر الموتى” الذي قرر مخرجه سيف الدين سبيعي أن يختصر رسالته بعبارة “هذا المسلسل ليس توثيقياً، إنما هو محاكاة درامية عما حدث ويحدث في بلدنا” .

 

العنوان يوحي بأن المسلسل يذهب إلى أبعد حدود الأحزان . . حتى الموت، وهو بالفعل يأخذنا إلى نبض الشارع السوري، حيث الصراعات بين الناس، بل الانقسام داخل العائلات وفي البيت الواحد، وليس فقط في الوطن الواحد . الزوجة تتبرأ من موقف زوجها، والنساء يعبرن عن آرائهن بجرأة، وهن لسن أقل من الرجال شهامة وقوة وصلابة .

 

المشاهد المؤثرة كثيرة، والواقع يتجسد أمام عيون المشاهدين، والكل بإمكانه أن يربط بين التمثيل والواقع، مثل مشهد جنازة أحد “الشهداء” الذي تحول إلى مجزرة قتل فيها البعض وهرب البعض الآخر .

 

“الولادة من الخاصرة” مشى في طريق كشف الحقائق منذ جزئه الأول، ويبدو أن انتقاله إلى المخرج سيف الدين سبيعي لم يخرجه عن سكة الواقع، بل زاده واقعية وجرأة ومجازفة، ليكمل مع كاتبه سامر رضوان في التصعيد والإثارة . مسلسل وكأنه يقبض على الجمر بيديه طالما أنه يصر على تعرية ما كان ويكون في الأروقة المظلمة .