2013/07/29

دريد لحام وقصي الخولي في «سنعود بعد قليل»
دريد لحام وقصي الخولي في «سنعود بعد قليل»

 

فادي الطويل – السفير

 

 

لم يعد يخفى على أحد التناقض الكبير الذي يعيشه الإعلام السوريّ. من جهة أزمةٌ بحجم «مؤامرة كونية»، تختصر كل ما يدور على الأرض، ومن جهة أخرى تقول إنّ «البلاد بخير». لهذا جاءت المقاربات الدراميّة لهذا الموسم، مهما بلغت جرأتها، كأنّها تحاول إيصال مقولات يريد الإعلام نفسه إيصالها. الجرأة والطرح الجديد غير المألوف، لم يذهبا أبعد من مقاربة الواقع من منظور شديد التحديد والتبسيط. إصبع يشير إلى الدمار، وكلماتٌ جديدة نسمعها للمرة الأولى على الشاشة، في حين أنّ الواقع الفعليّ أكبر وأعمق وأشدّ مرارة. انتصف الموسم الرمضانيّ، وبدأت تتضح معالم دراما هذا العام. وإن كان من المبكر إطلاق حكمٍ نقديّ على عملٍ لم ينتهِ عرضه بعد، إلا انّ هذه الصناعة الرابحة، تعيش كذلك مفارقةً كبيرة ومصيرية، فهي تقع في منطقة وسطى بين كونها دراما أزمة تحمل مقولات مسبقة موارباتٍ، وبين كونها دراما تعيش أزمة فكرة وأداء واختيارات وقابليّة.

لطالما كان صنّاع الدراما السورية مطمئنين إلى موقعهم لدى المشاهد العربيّ والفضائيات التي ترغب بأعمالهم، وتعتبرها رائجة ورابحة. كان ثمّة رهانات كبيرة على أفكار جديدة ومختلفة، بدأت بالفانتازيا التاريخية، ثم الموجة الاجتماعية التي عرضت قضايا معيشية دقيقة بشكل قريب ملامس للواقع وتفاصيله... ثم مسلسلات العشوائيات والطبقة المنسية في قاع المجتمع، مروراً طبعاً بالمسلسلات الشامية التي كان كلّ من اشتغل أحدها، يدّعي تقديم تاريخ مدينة دمشق، وفي ذلك مغالطة كبيرة.

تحوّلت حالة «الرهان» إلى حالة «ارتهان... صار العمل الدراميّ محكوماً برأس المال، من يدفع يفرض شروط العمل وظروفه. هنا بدأ التكرار، واستنساخ الأفكار، ما أدّى إلى تفريغ معظم الأعمال من قيمتها الفنية وتحويلها إلى صورةٍ عن أعمال تلاقي قبولاً جماهيرياً، من دون الاهتمام بتصحيح ما تحمله من مقولات، وتخليصها من المغالطات التاريخية والاجتماعية الهائلة.

الحال أنّ أزمة دراما هذه السنة تتلخّص في استمرار قناعة صنّاعها بأن المتلقّي سيقبل كل ما يقدمونه بمختلف المضامين التي شاءت الظروف أن يعرف ذلك المتلقّي خلفياتها مسبقاً. كما أنّ التجريب مبالغ فيه، وسقوط معظم نجوم هذه السنة في فخّ النأي بالنفس. معظم من أدّى أدواراً إشكالية تتلفظ بمفردات الأزمة كان يؤدّي أداءً تقنياً بارداً، في دلالة واضحة على أن من يقول هذه العبارات ويحمل هذه المقولات هو الشخصية لا غير. في وقت كان المشاهد يسمع هؤلاء النجوم يستفيضون بالكلام عن علاقتهم بالشخصيات التي يقدمونها ومدى تأثيرها عليهم. لذلك تبدو الضجّة المصاحبة للأعمال أهم من الأعمال ذاتها.