2013/08/20

دريد لحام وقصي الخولي في «سنعود بعد قليل»
دريد لحام وقصي الخولي في «سنعود بعد قليل»

 

الحياة

 

انقسم متابعو الشاشة الفضية في رمضان إزاء الدراما السورية، بين منبهر بجرأة بعض المسلسلات في تناول الأوضاع الراهنة ومعترض على محتواها إلى حد إنشاء مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي طالبت بوقفها وهاجمت أبطالها.

 

ويعتبر مسلسل «سنعود بعد قليل» الذي عرض في معظم المحطات الفضائية بما فيها السورية، أحد أبرز هذه الأعمال المثيرة للجدال.

 

المسلسل الذي كتبه رافي وهبي وأدى فيه دريد لحام دور أب تطل من تعابير وجهه المعاناة التي يعيشها بين فراق أبنائه ومرارة الأحداث التي تشهدها سورية، يحكي صورة سورية المجتمع من خلال عائلة دمشقية مؤلفة من ستة أشقاء استقر بعضهم في لبنان منذ زمن وتبعهم الآخرون مع اشتعال الأزمة. وربما تكون الحوارات السياسية التي جاءت على لسان «سامي» الابن الأكبر للعائلة الذي يؤدي دوره الممثل عابد فهد الأعمق والأجرأ والتي قسّمت جمهور المتابعين على رغم أنها لم ترضِ الطرفين في الشارع السوري. فبينما رأى بعضهم «مبالغة في توصيف الحالة تتجنى على النظام وممارساته»، قرأها آخرون تقليلاً من «ثورتهم وتشويهاً لها وحصرها بالسلفيين».

 

واستطاع «سامي» الذي هاجر إلى لبنان منذ فترة طويلة وتزوج واستقر فيه، أن يرسم صورة السياسي الذي يغوص في معترك الانتخابات تاركاً عائلته تغرق بين مشكلات الحياة المعاصرة، فيما أدى الفنان قصي خولي شخصية التاجر الذي تورط بتجارة الموت والسلاح.

 

أما باسل خياط الذي اضطر وزوجته في المسلسل سلافة معمار إلى الاستقرار في لبنان فجسّد دور صحافي ومعد برامج يعيش صراعات بين متطلبات الحياة الجديدة وولائه لزوجته وعائلته. وعكس الزوجان في أدائهما مرارة ألم الغربة وفقدان البيت والأهل والأصحاب. في المقابل، حاول الفنان رافي وهبي (الممثل) الابن الرابع للعائلة العثور على حياة لائقة في لبنان له ولفنه، لكنه اصطدم دائماً بظروف الأزمة في بلده وانعكاسها على مجمل العلاقات في بيروت.

 

واللافت أن المسلسل تعرض مرتين لهجوم سلفيين في لبنان أثناء تصويره وتهديدهم بطلَه لحام المعروف بتأييده للنظام السوري ومطالبته بمغادرة لبنان. وهو كان قال: «لم أر بلداً في العالم يهاجم فيه الفنّان بسبب رأيه السياسي، أو موقفه الوطني. يحق لهم أن ينتقدونا على مستوى الأداء في ما نقدمه بمجال الفن، أما أن نهاجم بسبب رأي لا يعجب هذا الطرف أو ذاك، فهذا أمر مستغرب، ويحيلنا إلى سؤالٍ بغاية الأهمية، هل نحن كشعب مؤهلون للديموقراطية أم لا؟ أنا أعتقد أننا لسنا مؤهلين لذلك بعد، لأنك حينما تشتمني لأن رأيي مخالف لرأيك، فهذا معناه أنك لست مستعداً لسماع الرأي الآخر، وهذا يعني أنك غير ديموقراطي».

 

في المقابل، انتقد آخرون انحياز المسلسل إلى جانب موقف السلطات السورية، ويشير أحدهم إلى غلبة الموقف السياسي للأب. وقد تجلّى ذلك مثلاً في أحد المشاهد حيث تسأل كندة علوش الوالد ما إذا كان مع القتل، فيرد أنه دائماً كان «ضد العنف» وضد أن يأتي «شيشانيون» ليقاتلوا في سورية، من دون أن تقدم الابنة (كندة علوش) موقفاً يفسر تطورات الأوضاع. كما أخذ آخرون على المسلسل تصويره لفساد أفراد العائلة الذي انتقلوا إلى لبنان مقابل «طهارة» الأب الذي بقي في بلده.

 

أياً يكن الأمر، تمكن وهبي من أن يشتغل على حوارات المسلسل، الذي كتبه انطلاقاً من الفيلم الإيطالي «الجميع بخير»، بحيث استطاع توثيق تفاصيل حياة السوريين في زمن الأزمة بمباشرتها وقوة دلالتها. وحرّك شخصيات مسلسله بين المجتمعين السوري واللبناني من دون أن يتركها تتوه فيه، فلم ينقل الحياة الاجتماعية السورية إلى لبنان بل حاكى الواقع الاجتماعي اللبناني كما هو مُظهراً معاناة التأقلم.