2013/10/04

سنعود بعد قليل
سنعود بعد قليل

 

لؤي ماجد سلمان – تشرين

 

 

رغم ما تتلقاه برامجنا الفنية من نقد وتصويب حول الرأي الواحد الذي تنتهجه في حلقاتها لكنها تصر على إقصاء الرأي الآخر في بعض برامجها، و نجدها تصر في الوقت ذاته على ادعاء الموضوعية في التعاطي،

 وعدم التحيز لطرف أو لعمل فني أو درامي تجاه عمل آخر، لكن الكلام عن التحلي بالموضوعية ومحاولة إقناع المشاهد غير كاف ولن يؤثر على ما يتابعه ويسمعه الجمهور على مدى حلقة كاملة ولا يكفي أن ندعي الموضوعية بشكل شفهي بينما نحن بعيدون عن التحليل المنطقي، والمتابع لقناة سورية دراما في برامجها ولاسيما برنامج «بعد العرض» إخراج سوزان الكرم، تقديم الإعلامية أنسام السيد في حلقته التي عرضت في سهرة الخميس والأصح فجر الجمعة، وأعيد بثه ظهيرة الجمعة لمناقشة مسلسل «سنعود بعد قليل» مع كل من المخرج السينمائي والناقد المسرحي بلال صابوني، والدكتور تامر العربيد الأستاذ في المعهد العالي للفنون المسرحية، يدرك أن الموضوعية محض ادعاء، فالموضوعية ليست مجرد كلمة نتشدق بها أو نزين فيها برامجنا الفضائية، خاصة بعدما اتفق الضيوف مع المقدمة في الجزء الأول من الحلقة على رفع القبعات للفنان الكبير دريد لحام، والتنقيب عن مفردات جديدة للإطراء ومديح العمل من جميع جوانبه وكأنه الكمال الذي بحث عنه الإنسان طويلاً فلم يجده إلا على محطة الدراما السورية، وفي مسلسل «سنعود بعد قليل» المقتبس عن الفيلم الإيطالي «الجميع بخير».

حيث أكد الناقد الصابوني أنه شاهد أسطورة سينمائية بدءاً من العنوان الذي اختصر كل شيء، إضافة للموسيقا التصويرية والأداء، أو حتى من ناحية الاقتباس، مستعرضاً أمام المشاهد معرفته بالموسيقا الصامتة، وتاريخ المسرح العالمي وهاملت وتراجيديا شكسبير ليقاربها بأي شكل مع رائعة الليث حجو، محدثاً إيانا عن المعادل الموضوعي «الشكل والمضمون» الذي أوجده مخرج العمل بشكل سينمائي، أما الدكتور العربيد فنفى أن يكون من بيت فستق مؤكداً على موضوعية ما سيطرحه، وأن العمل له ما له وعليه ما عليه، علماً أنه لم يذكر طيلة الحلقة إلا الجوانب الإيجابية والخارقة بدءاً من حيادية العمل وموضوعيته وتركيزه على الجانبين الوجداني والإنساني، وإحاطته بكل أطياف المجتمع السوري، من خلال ألوان الطيف والأفكار العديدة التي تناول فيها انعكاسات الأزمة على المجتمع السوري بعيداً عن الشعارات، طارحاً الأحداث السياسية من دون مبالغة، ويكرر أن العمل موضوعي، وجداني، سياسي، اجتماعي، ثقافي، فلسفي، قليل الثرثرة، مضيفاً أن الصمت كان له صوت والصورة لها بلاغة ذات دلالة، غير التشويق المبرر غير المفتعل، وفكرة العمل التي التقطت الواقع بشكل ذكي بخطوط مشوقة ومدهشة، ومفاجأة، بما في ذلك القسوة الموجودة اعتبرها دافئة، أما موضوع الخيانة فطرحه العمل بشكل بليغ، حتى الموسيقا التصويرية كانت رائعة على كل المقاييس وتنعم بجمل موسيقية وجدانية شكلت حسب رأيه «تيمة» خاصة، لكنه لم يذكر لنا ما على العمل ولا عن الثغرات والسلبيات!. حتى الاستطلاعات التي أعدها البرنامج كانت تمجد وتشيد بالعمل، ولم تصادف معدة التقرير شخصاً لم يتابع هذه الملحمة ولو عن طريق المصادفة، أو له ملاحظات سلبية على العمل سواء من ناحية الفكرة أو الأداء، أو الأحداث، حتى إن الآراء كلها تؤكد أن العمل يحكي الواقع، ويتحدث عن كل فرد في المجتمع، ومميز ومؤثر، وواقعي، كما أكدت مقدمة البرنامج في الحلقة ذاتها التي تأثرت بصدق الناس وعفويتهم على الموضوعية التي يتمتعون بها في هذه الحلقة بالذات، وليس القصد التسويق للعمل، وأن العمل كان شاملاً حتى في الكوميديا التي قدمها الفنان المبدع دريد لحام في شخصية نجيب، وأنه غاص حتى أذنيه في المواضيع السياسية لكن بشكل لطيف وغير مباشر.

بالطبع نحن نقدر كل من ساهم في إنجاز هذا العمل، ونعترف بنجوميتهم سواء في الإخراج، أو الموسيقا التصويرية، أو أداء الممثلين حتى الذي كان غير مقنع عند البعض، لكن لا يوجد عمل كامل إلى الدرجة والصورة التي حاول البرنامج وضيوفه أن يقدموها لنا، إضافة إلى النقد الذي وجه عبر بعض الصحف الورقية والالكترونية سواء على الأداء التمثيلي، أو النص وما أدخل عليه قسراً من تداعيات الأزمة السورية، خاصة ما ذكرته بعض المقالات في ابتعاد العمل عن قضيته الرئيسية حين جعل أسرة نجيب أسرة مشتتة الهوية أصلاً، إضافة لانفصال المحور الأساسي للعمل عن الواقع الذي يحمل فكرته، حتى شخصية نجيب التي أداها الفنان دريد لحام كانت تجنح في كثير من الأحيان إلى السذاجة، غير بعض الشخصيات الأخرى التي لم يكن هناك مبرر لوجودها، أو بعض الأحداث التي لم يحاول النص تقديم تبريرات أو تمهيد لتصرفاتها، بالطبع كما ذكر الدكتور تامر العربيد أن العمل له ما له وعليه ما عليه، ونحن لسنا بصدد البحث عن الأخطاء الدرامية، أو العثرات التي وقع فيها كاتب النص، لكننا نبحث عن الموضوعية التي أصروا على حضورها في الحلقة، أو في برامج مشابهة، من دون التطرق إلى أي إشكالية صادفت العمل أو الجمهور المتابع، ونحن كجمهور صالح نثق ببرامجنا ومصداقيتها وتعاطيها الموضوعي مع أي حدث، وعلى أي صعيد كان سواء سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي، من دون أن ننتظر تبرير ما يطرحونه على المشاهد في كل برنامج عن المصداقية والموضوعية والحيادية، ونؤمن باحترامهم للرأي الآخر، لكن على الأقل نتمنى أن نشاهد الرأي المخالف مرة واحدة، سواء في التقييم الفني، أو في مناقشة سلسلة «توم وجيري» أو عليهم أن يستعينوا بمفردات لغوية أخرى توازي موضوعيتهم ولا نعرف معناها كمشاهدين.