2013/10/28

الوسط الفني
الوسط الفني

 

سامر محمد اسماعيل – تشرين

 

 

لم أجد في القواميس والمعاجم العربية، القديمة منها والمعاصرة تعريفاً جامعاً مانعاً لمصطلح «الوسط الفني» فلا لسان العرب ولا تاج العروس ولا حتى مختار الصحاح،

أو الوسيط ترك لنا جواباً شافياً بشأن هذا «الوسط» إذ كثيراً ما أسمع هذا النوع من الخطل في مقابلات ممثل أو ممثلة؛ إذ تقول: «الوسط كله يعرف أنني كذا وكذا..» و«قبل أن أدخل هذا الوسط» والحقيقة أن هذا التعبير ما هو إلا تعمية مقصودة على جسامة الانتماء إلى تقليعة هنا وموضة هناك، فالوسط هنا لا يعني في معظمه سوى نمط من أنماط العيش الخاص بمحدثي ومحدثات النعمة، حيث يكون «الوسط» مكاناً وهمياً يحترق البشر بأضوائه الباهرة، طبعاً الشهرة تلعب دوراً كبيراً لتغذية مجتمع فني مخملي، مجتمع البراغماتية من أهم أركانه. تساعد على ذلك مهرجانات بحر النجوم، وبرامج «التوك شو» وتلفزيونات الواقع الأمريكي، فالجميع في «الوسط» والجميع خارجه في آنٍ معاً، كيف لا والوسط له دهاقنته، خبراء مكياجه، وإكسسواراته ومديرو أعماله، له أعرافه الحاسمة في تهميش هذا الممثل ومناصبة العداء لتلك النجمة، ومقاطعة ذلك المخرج.

منذ عامين ونصف العام أخذ «الوسط الفني» يتخلى عن وسطيته! كيف لا والتطرف بات في حساب بعض نجوم الدراما السورية عنواناً وجوازاً لدخول «الوسط» فليس خافياً على أحد أن هذا «الوسط» انشطر إلى وسطين، الأول هرب خارج البلد وبنى له أوساطاً عجيبة غريبة عمادها البيانات والتخوين وقوائم العار والشرف، بينما ظل «الوسط» الثاني مصراً على بقائه في بلاده والعمل في وطنه ومع مؤسساته الوطنية، فما كان من «الوسط» الأول إلا شن أعنف الهجمات على أعضاء الوسط الثاني، وهنا أيضاً تمت تصفية حزازات مهنية وعداوات شلل فنية عبر توزيع شهادات وطنية لهذا وذاك وحرمانها لهذه وتلك، المهم أن يبقى «الوسط» لا وسطياً، وهذه من المفارقات السورية التي أوجدتها الأزمة، فأصحاب جلالة الوسط القابع في دول الخارج يصرح أعضاء و«أعضاوات» فريقه أنه بات من المستحيل أن نشتغل مع «الوسط الفني» في الداخل، فلا يكتفون بذلك فحسب، بل يعملون ليل نهار على تشويه «وسط الداخل» ولا يعطونه في أي امتحان فني سوى علامة «وسط».

لكن حقاً هل هناك «وسط فني» في هذه الأوساط التي تغلي بالضغينة وإلغاء الآخر وتهميشه، وحصاره ومنعه من العمل، بمحاربة أعماله في الخارج، وذلك بالعمل كأجراء عند أصحاب ومديري المحطات الفضائية النفطية، للتوسط لديهم كي لا يشتروا أي عمل درامي سوري ممهور بلوغو المؤسسة العامة للإنتاج، بل بالتضييق على لقمة عيش أخوتهم وتشويه سيرتهم الفنية، وكيل التهم لهم والتهديد بقتلهم وخطف أبنائهم وزوجاتهم، كل ذلك من أجل أن يبقى «الوسط» في أكثر جهاته تطرفاً وبلا أي حلٍ وسط؟!