2013/11/05

انتصار التلفزيون
انتصار التلفزيون

 

فجر يعقوب – الحياة

 

 

مهما قيل في برنامج «البرنامج» بعد وقف عرضه على قناة «سي بي سي»، فإن الأكيد أن سلطة التلفزيون انتصرت أخيراً، وهذا لا يعني بالمطلق إنها انتصرت لسلسلة قضايا جوهرية يمكن الحديث عنها أو من حولها. وبالطبع لا يمكن القول والإيجاز في السياق إن باسم يوسف هو من انتصر سواء لوقوفه مع هذه الجهة أو تلك، أو حتى بوقوفه في الوسط كما يشيع عنه كثر.

 

ردود الفعل حول وقف الحلقة كثيرة، وليس هنا مجال الإتيان عليها كلها، لكنّ الملاحظ أنها تستغرق كل ما من شأنه أن يمس أمراً جوهرياً حتى لو بدت ظاهرياً كذلك، وهذا لا يعد استخفافاً بأصحابها إطلاقاً... والكارثة الأكبر إن هذه الخطوة ستعني أن 34 قناة تعمل من الأراضي المصرية يمكنها أن تتأثر في شكل أو آخر بسلطة المنع التي مورست بحق برنامج يوسف، وقد تدفع أثماناً غالية في مواجهات مقبلة مع السلطات الإعلامية أو السياسية أو العسكرية، لكنها ستوغل في تحييد الصفة التي قام عليها البرنامج من الأساس. ليس في الأمر أي تناقض. ولا يعني أن تقييد الفضائيات الأخرى الأقل تأثيراً وشهرة قد يؤثر في انتصار فكرة سلطة التلفزيون وتكريسها في حياة الناس. بالعكس قد يبدو ذلك تدشيناً لمرحلة جديدة في حياة الإعلام الفضائي المتلفز، فالانحراف عن القضايا المصيرية وجرّها إلى ملاعب أقل تأثيراً يبدو أكثر إغراء لأي سلطة طالما أن هذا الإعلام أصبح قدر الدول الحديثة، بالتالي لا يمكن مواجهته إطلاقاً، والأفضل أن تتم مواجهته بالطريقة التي ووجهت فيه سلطة باسم يوسف «الموقتة». ففيما ستظل فكرة البرنامج راسخة في أذهان الجمهور الجديد، فإن هذا لا يعني بحال من الأحوال أن هذا الجمهور غير متطلب ويقبل بالإبقاء على نجومية هذا أو ذاك بعد خذلان التلفزيون له في معاركه المختلفة وتخليه عنه لحظات الشدّة.

 

بين كل ردود الفعل التي جرى الاطلاع عليها في الساعات الأخيرة، وهي تشمل غادة عبد الرازق وشعبان عبد الرحيم ونجيب ساويرس وممثلين عن فريق السيسي نفسه وشخصيات إعلامية، فإن بيان محمد الأمين مالك محطة «سي بي سي» يلخص مسألة مهمة قد لا يتنبه إليها كثر، ولكنها تختصر الأزمة برمتها. والأكيد أن الاتفاقات غير المعلنة بين يوسف وإدارة المحطة قد لا يتم الاطلاع عليها في وقت قريب، وقد تظل طي الكتمان، وبخاصة أن محطات كثيرة تنتظر الفرصة المواتية لكي تحظى بمقدم من طراز باسم يوسف مع برنامج مثل برنامجه. هذه مسألة أكيدة، ولكن لن يضمن أحد إطلاقاً ألا يتنبه مالكو هذه المحطات إلى ما يكبل هذه الآلية التي يقفون ويتفقون عليها، ففي حين يوقف البرنامج بدوافع فنية وتجارية، كما أشار البيان، فإن هذا يلخص أن من انتصر في المحصلة النهائية هو سلطة التلفزيون، وليس باسم يوسف، مع التسليم الكامل بموهبته، ولكن الدوافع المشار إليها تظل هي الأهم بالنسبة إلى هذه المنظومة الإعلامية.