2014/01/19

السينما خالدة وتؤرخ.. فكروا بهذا وإلا ستندمون
السينما خالدة وتؤرخ.. فكروا بهذا وإلا ستندمون

 

خلدون عليا – البعث

 

 

 

قبل أيام قرأت كلاماً للمخرج السينمائي السوري جود سعيد كتبه على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" يقول فيه: "بعد مئات الأعوام سيكون ٩٠ بالمئة من تاريخ البشرية أميركي، سينماهم تنشر ثقافتهم وتخلّد تاريخهم من منظورهم وتطرح رؤيتهم للحب والنجاح والموت والإنسان (لا أعمم، أعظم السينمائيين المناهضين لأميركا "الأيدول" هم أميركيون)..اصنعوا "سينماكم" واحموا غد أبنائكم كي لا يروي العم الأميركي من كنتم ومن كانت أرضكم" 

بصراحة هذا الكلام معروف من قبل الجميع ولكنه يفتح الجرح النازف على السينما السورية والمآل الذي وصلت إليه وغيابها أو حضورها الخجول كماً واهتماماً لأننا لا يمكن أن ننكر أن النوع يصل إلى الممتاز في كثير من الأحيان وخاصة خلال السنوات الأخيرة فكيف لا ولنا أمثلة على جودة النوع ومنها فيلم "صديقي الأخير" للمخرج سعيد نفسه حقق نجاحاً كبيراً ومدوياً في كل المهرجانات التي شارك فيها وحصد العديد من الجوائز لتميزه فكرياً وفنياً عدا عن تحقيق الجماهيرية الواسعة رغم قلة العروض الجماهيرية التي حظي بها وكذلك الأمر بالنسبة لفيلم "مريم" للمخرج باسل الخطيب والذي حقق العديد من الجوائز في المهرجانات وحضور جماهيري كثيف رغم قلة العروض الجماهيرية أيضاً وأخيراً وليس آخراً فيلم "ملك الرمال" للمخرج نجدت أنزور وهو فيلم سوري رغم أن أبطاله من الممثلين الأجانب والذي حقق شهرة قل نظيرها وقبل ذلك أفلام سورية كثيرة حققت نجاحات كبيرة جماهيرياً ونقدياً ومنها "مرة أخرى، حسيبة، أيام الضجر، نسيم الروح"  والقائمة تطول، بالإضافة إلى عدد من الأفلام القصيرة التي حققت نجاحات متميزة ضمن إطار ما يعرف بدعم سينما الشباب الذي أطلقته المؤسسة العامة للسينما.

بالطبع كلام السينمائي جود سعيد كلام حقيقي نابع من حرص ومعرفة وثقافة سينمائي سوري وحرصه على بلده فناً وفكراً وتاريخاً وحضارةً وهذا يؤكد على أهمية العمل بجهد وبعناية وبدراسات حقيقية لإعادة إطلاق عجلة السينما السورية عبر توفير مجموعة من العوامل الأساسية لتوفير نهضة حقيقية لهذه الصناعة بدءاً من صالات عرض مجهزة بأحدث الأدوات عالمياً وصولاً إلى توفير الظروف الإنتاجية الصحيحة من معدات والأهم توفير المال اللازم لذلك.

قد يقول البعض إن الجمهور لا يتابع السينما بعد سيطرة التلفزيون على المشاهدين ودخوله إلى كل منزل وعرض الأفلام السينمائية على الشاشة الفضية بعد عام أو عامين على إنتاجها، وهنا يمكننا القول أن هذا الكلام مردود على أصحابه وخير دليل على ذلك هو الإقبال الجماهيري الكبير على الأفلام السينمائية التي عرضت مؤخراً، وقبل ذلك الإقبال على الأفلام العالمية التي كانت تعرض في مهرجان دمشق السينمائي كل عام وبالتالي هذا يقودنا إلى البحث والعمل الجاد من قبل وزارة الثقافة لإيجاد حلول لذلك بالتعاون مع القطاع الخاص الذي يجب عليه الدخول في معترك الإنتاج السينمائي من باب أخلاقي وفكري وثقافي أولاً ليبحث بعدها عن الربح المادي الذي نقول انه آت لا محالة فالسينما تحقق أرباحاً مضاعفة عن أرباح الدراما ولكنها بحاجة لقليل من الوقت وليس الكثير وليتأكد عدد من المنتجين السوريين أن عرض الأفلام السينمائية السورية في الصالات السورية المتوفرة حالياً ورغم ظروف الأزمة سيحقق حضوراً جماهيرياً كبيراً وليكونوا على ثقة مطلقة أن شهرة النجوم والمخرجين السوريين ونوعية الأفلام ستحقق حضوراً كبيراً في صالات البلدان المجاورة ولكن ذلك بحاجة إلى دراسات تسويقية حقيقية والعمل بديناميكية وطرق تفكير عصرية .

وأخيراً فإنه من المعروف والبديهي أن الأشرطة السينمائية تؤرخ و تسجل وتدون حياة شعوب كما يريد صناعها وهذا ما يعرفه الأمريكيون جيداً ولذلك يغدقون المال على هوليود، وبالتالي علينا ألا نسمح لهم بأن يدونوا تاريخنا وحضارتنا كما يشتهون.. فكروا بذلك أيها القائمين على صناعة السينما.. فكروا وإلا ستندمون.