2014/01/23

«جـود سعيـد»
«جـود سعيـد»

 

سوزان الصعبي – تشرين

 

 

الحوار الذي أجرته ريم معروف في برنامج تفاصيل على قناة سما مع المخرج السينمائي جود سعيد كان من أجمل الحوارات الفنية، إن كان لجهة الانتقائية في طرح الأسئلة وكذلك لغة وطبيعة هذه الأسئلة التي تدل في معظمها على ثقافة وحيوية المذيعة الشابة،

 

 وأيضاً لجهة المخرج جود الذي يبدو تمتعه بالثقافة السينمائية والحياتية واللغوية واضحاً، ما أثمر جواً هادئاً على مستوى عال من الرقي والانفتاح على مختلف الأفكار.

بداية الحوار كانت محكومة بروتين السؤال عن أماني جود بالعام الجديد، فتوافقت أمانيه بالطبع مع أماني كل سوري باستعادة السلام والأمان، وهناك أمانٍ خاصة به وصفها بالشغف بأن يقدم عملاً سينمائياً جديداً، فالسينما بالنسبة إليه حياة لا مهنة فحسب.

بعد ذلك طرحت مجموعة من الأسئلة المهمة عن أعماله السينمائية (مرة أخرى ـ صديقي الأخير) وانتهاء بتقرير مصور عن الفيلم الذي جرى تصويره مؤخراً ويحمل عنوان (بانتظار الخريف)، فحمل ترتيب الأسئلة شيئاً من الأسلوب التقليدي في انتقاله من الأقدم إلى الأحدث، بينما كان من الأجدى أن تسأله عن عمله المنجز حديثاً حال تجاوزهما العتبة الأولى للبرنامج، لا كإعلان عنه فقط بل لأن المبدع يفرح غالباً بأن يحدث الناس أولاً عن آخر ما أتم من أعمال.

لم تتكلف ريم في صياغة أسئلتها ولم تبقَ واقفة على السطح، فحين أرادت الحديث عن موقف ضيفنا السياسي و(اتهام) البعض له بالتملق للدولة، طرحت عليه السؤال بشكل مباشر، وكان رده مهماً، إذ قال: المهم بالنسبة إلي اليوم هو انتمائي لنفسي ولقناعاتي ولما أحب وما أصنع، فموقفي هذا هو موقفي من الحياة فهل أتملق لنفسي مثلاً ! أنا كمخرج أملك وسائل التعبير التي تنقل حكاية وجع أو حب، ودوري إنجاز فن يقول ما يحدث وهو قول يبقى، على عكس السياسي الذي ينتهي ما يقول بمجرد انتهاء المرحلة.

وعن إقصاء الأفلام السورية عن مهرجان دبي السينمائي قال: أنا معتاد على ذلك، فالفن لا ينفصل عن السياسة، وأسف أن من قام بإقصاء هذه الأفلام هم فنانون سوريون.

أما عن فيلمه السابق (صديقي الأخير) الذي ظهر إلى النور مع بداية الأزمة السورية، فبرز السؤال عن الهوية، إذ يضيء هذا العمل على اللحظة الأهم برأيه وعلى سؤال: من نحن كسوريين، تلك اللحظة التي وقف عندها السوريون وانزلق بعضهم إلى الحرب حسب مخرجنا.

لم يكن الوقت المخصص للبرنامج واسعاً كفاية للحديث عن مجمل الموضوعات الفنية السينمائية، كذلك تمنى المتحاوران لو يستطيعان إفراد مساحة كافية لتوجيه بعض النقد أو المطالب للمؤسسة العامة للسينما التي هي المنتج الأساس للأفلام السورية، وفي هذه العجالة طالب جود سعيد المؤسسة بتكريم كل العاملين في فيلمه الأخير الذين عملوا في ظروف قاسية تخللتها التهديدات الأميركية بتوجيه ضربة عسكرية إلى سورية، وقاموا بالتصوير في مناطق لها خصوصية معينة كحي بابا عمرو وريف حماه، وأن يكون هذا التكريم على شكل كسر القيود والرقابة وإعادة بناء هيكلية المؤسسة، فالفن شيء يكاد يلامس الجنون برأيه.

بالمجمل لم يتنوع البرنامج إخراجياً ولم يعرض مشاهد من أفلام الضيف كما يفترض، ولعل السبب في هذا التقصير هو قصر زمن البرنامج، لكن الحوار كان متناغماً مدعوماً بثقافة المتحاورين.