2014/02/07

ميادة الحناوي
ميادة الحناوي

 

محسن محمود – المصري اليوم

 

 

ميادة الحناوي صاحبة تاريخ غنائي حافل بالعديد من الأغنيات الناجحة. عانق صوتها كلمات وألحان كبار الشعراء والملحنين المصريين، مثل عبدالرحمن الأبنودي وعمر بطيشة ورياض السنباطي ومحمد الموجي وبليغ حمدي ومحمد سلطان وحلمي بكر وعمار الشريعي وجمال سلامة وصلاح الشرنوبي وسامي الحفناوي ووليد سعد وعمرو مصطفى.. حرصت ميادة طوال مشوارها على التواصل مع الأجيال المختلفة من الشعراء والملحنين ولم تضع حدوداً فى التعامل مع شباب الشعراء والملحنين. وفى حوارها مع «المصرى اليوم» تكشف ميادة عن رأيها فى الأحداث السياسية التى تشهدها مصر وسوريا وسر رفضها لانعقاد مؤتمر «جنيف 2» والمحاولة التى قامت بها إحدى صديقاتها لجمعها بالمطربة أصالة فى برنامج «صولا» وسر رفضها مشاركتها البرنامج رغم المقابل المادى المغرى الذى عرض عليها.. وإلى نص الحوار:

 

■ كيف شاهدت الأوضاع فى مصر خلال الفترة الماضية؟

 

- مصر «وحشتنى جدا»، وشهادتى فيها مجروحة لأنى بموت فيها، وأشعر بقلق شديد عليها لكن الحمد لله شعبها متماسك، بعد أن أدركوا حقيقة الأمور فى ظل وجود تغييب وتعتيم مثلما كان يحدث لدينا فى سوريا، ونفس السيناريو تكرر، فالجماهير خرجت فى 25 يناير على أساس أنها ثورة سلمية لكنى كنت على يقين أنه كان مخطط لها خارجياً وأيضاً من قبل الإخوان، لكن المشير السيسى «ربنا يعطيه الصحة» كشف المخطط سريعاً وإن شاء الله يكمل فى طريقة وترجع مصر كما كانت سابقاً، وطالما أن النية صافية إن شاء الله «هيبعد الشر عنكم وعنا».

 

■ أفهم من كلامك أنك ضد ثورة 25 يناير؟

 

- لست ضد الثورة التى خرجت سلمية لتحقيق أهداف مشروعة لكنها انحرفت عن مسارها وأصبحت موجهة لتحقيق مصالح فئة محددة من الشعب المصرى، وأصبح «كرسى الرئاسة» هو الهدف الحقيقى وليس إصلاح حال البلد، وأقصد هنا الإخوان الذين «خربوا البلد» وقتلوا المجندين والضباط والأبرياء، فهم لا يفهمون فى شىء سوى أنهم يتزوجون كثيراً، لكن مصر إن شاء الله هتقوم وترجع كما كانت بشعبها الواعى وقيادتها وجيشها وناسها الطيبين فهى «شدة وهتزول»، ومازلت أحلم بالوحدة العربية بين «مصر وسوريا» مثلما حدثت أيام عبدالناصر، فمصر وسوريا «توأم روحى»، ولن أنسى أن مصر هى التى عملت «ميادة الحناوى» وكان لها فضل كبير علىّ بالشعراء والملحنين الكبار وجمهورها الذى دعمنى كثيراً وساندنى فى مشوارى.

 

■ بالرغم من انشغالك بأزمة بلدك فهل توجد مشاهد أثرت فيك بشكل شخصى عن مصر؟

 

- تابعت الأحداث المصرية عن قرب جداً، وفرغت حياتى خلال الفترة الماضية لمتابعة ما يحدث فى الأمة العربية والمخططات الصهيونية لهدم الدول العربية القوية، وأعتقد أن المخطط تخطى فكرة الصهيونية لأن من يذبح إنساناً دون رحمة ويقول «بسم الله» فالإسلام برىء منه، وشاهدت أيضاً فى مصر مشهد الذى يلقى بالأطفال من أعلى السطح ليقتلهم متعمداً «ده أكيد ميعرفش ربنا»، وعذراً عندما أقول إن «قطر» التى لا تصل مساحتها لربع مساحة شارع فى مصر أو سوريا تتدخل فى شؤوننا بهذه الدرجة لأن مصر أم الدنيا وستظل كذلك، والشام قلب العروبة النابض وسيظل كذلك، وأمير قطر الذى نفذ مؤامرة ضد والده من الممكن أن يفعل أى شىء بعيداً تماماً عن سماحة الدين الإسلامى.

 

■ هل هذا يعنى أن ما يحدث من ثورات الربيع العربى كان مخططاً له خارجياً؟

 

- بالتأكيد، ولو احتكمنا للعقل فمن هو المستفيد الوحيد لما يحدث بالتحديد فى مصر وسوريا؟ بالتأكيد إسرائيل، ومن يقتل الجنود فى سيناء غير الإخوان المتأسلمين، لأننى لا أستطيع أقول عنهم إخوان مسلمين بعد أن شوهوا صورة الإسلام، لأن الإسلام برىء تماماً مما يفعلونه فهو دين المحبة والتسامح.

 

■ وهل تعدد الطوائف الموجودة فى سوريا كان سبباً لاشتعال الأزمة؟

 

- للعلم يوجد لدينا فى سوريا طوائف كثيرة وكنا نعيش فى سلام تام ونتعايش دون أن نتطرق إلى فكرة الطوائف، والأمن والأمان كانا موجودين ولم أسمع صوت رصاصة واحدة طوال حياتى، ولم أر المشاهد الصعبة والوحشية خاصة لمن يذبحون دون شفقة ولا رحمة بل ويأكلون كبدهم ويمثلون بالجثث، هؤلاء هم الشياطين ولا يمكن أن أصفهم إلا بأحفاد أبى لهب، فهدفهم هو هدم الدولة، وجنى الأموال والحوريات، وما نسمعه ونشاهده مؤخراً يفوق الخيال، وأكثر شىء أغضبنى هو مشاركة دول عربية فى هذا المخطط.

 

■ لماذا؟

 

- لأنهم ينفذون أجندات خارجية ومخططات دون وعى أو إدراك لما يحدث للأمة العربية، فمثلاً قناة «الخنزيرة» كما يسمونها المصريون هدفها الوحيد إشعال الفتن ولا تتعامل بحياد، وأيضاً القرضاوى الذى يفتى ويحل دماء الناس، من أنت حتى تفتى بإهدار دم إنسان مقابل حفنة دولارات تحصل عليها، يا ويله من لا يخاف رب العالمين، فهل يدرك أنه سيدفن فى قبر طوله متر فى مترين.

 

■ ولماذا أعلنت رفضك لمؤتمر جنيف؟

 

- بالفعل، أنا ضد مؤتمر جنيف، فكيف تجلس سوريا مع مرتزقة وجهلة يقطنون فنادق الخمس نجوم و«ينظرون» على سوريا، فالسورى هو من يخاف على بلده ويغار عليه وليس من يطالب حلف الناتو بضربه، والله القذافى كان أرحم مما يحدث فى ليبيا الآن، يا خسارة رحمة الله عليه.

 

■ بالرغم من الأوضاع الأمنية المضطربة فى سوريا إلا أنك رفضت الهجرة منها؟

 

- من خرج من دارة اتقل مقداره، مازلت أعيش فى بلد الأمن والأمان ولا ينقصنى أى شىء، منذ أن بدأت الحرب على الإرهاب وعلى مدار 3 سنوات سافرت مرتين فقط خارج بلدى فى زيارات قصيرة وعدت سريعاً لبيتى وعائلتى ووطنى وأنام ولن أترك بلدى مهماً حدث، كيف أتركه وهو فى حاجة إلى، لن أتركه مثلما فعل أناس لحم أكتفاهم من خير هذا البلد.

 

■ واجهت تهديدات كثيرة خلال الفترة الماضية فكيف تعاملت معها؟

 

- قاطعتنى قائلة: يا سيدى هذا بلدى، عرضى وشرفى، أغار على أولاد بلدى، وأغار على الجيش الذى يحمينى وأنا أنام فى بيتى، ولو هناك أى أخطاء حدثت فمن الممكن إصلاحها، ربنا خلق الدنيا فى 6 أيام، ويكفى أن لدينا الأمن والأمان، ولدينا اكتفاء ذاتى وانخفاض فى الأسعار مقارنة بأى دولة أخرى، كنا فى مصيدة ربنا معانا، والوطن بالنسبة لى أغلى من الأم.

 

■ وهل تشعرين بالغضب من فنانين هاجموا سوريا؟

 

- من يتحدث عن بلده وينتقده من المفترض أن ينتقده وهو يعيش فيه ولا يهاجمه من الخارج، فكل دولة بها أخطاء ومن الممكن أن تهاجم من أجل الإصلاح وليس من أجل الهدم، فمن الذى صدر الإرهاب للمنطقة، فالجميع يعلم أنها أمريكا وإسرائيل، وفى المقابل تركيا استغلت الموقف وسرقت كل معامل حلب، وسأدعى من قلبى على أردوجان «يا رب العالمين يشتهى الموت ولا يشوفه».

 

■ واجهت أيضاً هجوماً من بعض الفنانات المعارضين لنظام «بشار»؟

 

- أولاً أرفض كلمة «نظام»، لأنها دولة سوريا، أما الفنانون «مالهمش خير فى بلدهم» ومنهم أصالة. «اللى ما له خير فى بلده ما له خير فى أحد»، لأنها ارتمت فى أحضان قطر، ولا تعترف أنها سورية، لأنها حصلت على خمس جنسيات أخرى.

 

■ البعض اتهمك بالغيرة منها؟

 

- لا أغار منها، فهى لا تعجبنى صوتاً وشكلاً وموضوعاً، وهى تقول عنى أننى متصنعة ويا ريت توصل لى، بل هى المتصنعة وهذا يظهر جيداً عندما تتحدث وتقول «بابا»، وهاجمت الرئيس الذى عالجها وساندها كثيرا وكانت مستفيدة من سوريا لكن الآن أصبحت مستفيدة أكثر لأن عملة الدولار أفضل من الليرة، وبالفعل «كل ذى عاهة جبار»، وبخلاف أصالة هناك فنانون للأسف الشديد من فلسطين فضل سوريا عليهم كبير لكنهم وقفوا ضد الدولة وهذا ما أصابنى بالذهول وأحزننى كثيراً، وهناك فنانون خبرتهم لا تتجاوز العام وهاجموا الدولة لكن الكبير كبير والصغير سيظل صغيراً، وبالرغم من ذلك أشعر بسعادة لأن كل هذه الوجوه كشفت عن حقيقتها، وهنا لا أقصد الفنانين فقط بل يوجد مسؤولين انشقوا عن الدولة ويتمنون الآن العودة لها والعيش فى أمان.

 

■ لماذا لا تفكرين فى تقديم أغنية تعبر عن رأيك فيما يحدث للأمة العربية؟

 

- قدمت مؤخراً أغنية «قلب العروبة النابض»، وأفكر حالياً فى تقديم أغنية لـ«مصر وسوريا»، لكنى أدرس الفكرة بعناية شديدة وأبحث عن كلمات وألحان قوية، ولن أنسى من بين ألحان العبقرى بليغ حمدى «يا حبيبتى يا مصر» التى غنتها شادية ما أجملها فمازلت أشعر «بقشعريرة فى بدنى» عندما أستمع لهذه الأغنية، وأيضاً أغنية «ثوار لآخر مدى»، فأنا محظوظة لأننى تواصلت مع هذا الجيل العظيم، وذكرياتى مع العظماء لن أنساها سواء بليغ أو عمار الشريعى.

 

■ هل توجد فى الجيل الجديد مواهب عوضت غياب جيل العظماء؟

 

- يوجد لدينا أصوات «حلوة» لكنها ليست بعظمة أصوات جيل العمالقة ولا يمكن أن نعقد بينهما أى مقارنة، حتى لو وجدنا أصواتاً تغنى لأم كلثوم مثلاً، فأنا لا أستمع إلا للأصلى فقط، وأفضل أن يقدم كل مطرب لونه بعيداً عن التقليد لأنه لن يصل إلى عظمة أصوات الجيل الذهبى، لأن «العمالقة» لا يعوضون.

 

■ منذ فترة أعلنت أنك تستعدين لطرح ألبوم غنائى مع المنتج محسن جابر؟

 

- بالفعل، بدأت منذ فترة تسجيل ألبوم غنائى لكنى وجدت ظروف بلدى لا تسمح، لذلك فضلت الانتظار لحين استقرار الأوضاع، كما أننى فقدت شقيقى منذ عام تقريباً وهذا ما جعلنى أبتعد بعض الشىء عن فكرة طرح ألبوم حالياً رغم أننى نفذت أكثر من لحن، وسألت نفسى كيف أغنى وقلوبنا تنزف دماً، وأنا كفنانة أشعر بالناس لذلك قررت التأجيل.

 

■ وهل يتأثر الفنان بالمواقف السياسية؟

 

- بالتأكيد فأنا وضعونى على القائمة السوداء فى أكثر من دولة نظراً لموقفى الواضح والصريح تجاه بلدى، ولا يشرفنى أن أغنى فى دولة تدعم الإرهاب وتحاول تدمير بلدى ولا حتى بملايين الدولارات، وقد تلقيت مؤخراً عرضاً للاشتراك فى برنامج «صولا» الذى تقدمه أصالة وتلقيت العرض عن طريق صديقة لى وأطلب المبلغ الذى أريده لكنى قلت لها «ميادة لا تشترى بالمصارى»، ويوجد لدى عتب أيضاً على المنتج محسن جابر بعد أن تعاون مع أصالة فى أغنية، وهذا عتاب للأخ والصديق قبل أى شىء آخر.

 

■ إلى من تستمعين من المطربين حالياً؟

 

- بالرغم من اختلاف حالتى المزاجية عن الفترة السابقة إلا أننى أحب «أم كلثوم» طبعاً، لأننى كما قلت فرغت نفسى لمتابعة ما يحدث فى الدنيا عن قرب.

 

■ وما رأيك فى برامج اكتشاف المواهب التى انتشرت مؤخراً وقدمت أصواتاً كثيرة؟

 

- الهدف الرئيسى من هذه البرامج هو تحقيق المكسب المادى للقناة من خلال الاتصالات والرسائل على أجهزة المحمول، بدليل اختفاء هذه الأصوات بعد انتهاء مده عرض البرنامج، ويوجد خطأ فنى يقع فيه أعضاء لجان التحكيم وهو مدح المتسابق حتى لو كان صوته سيئا أو نشاز، فهذا غير مقبول بالمرة، فكيف تمنح الأمل لمتسابق ليست لديه موهبة، ومن جهة أخرى أرى أن هذه البرامج مسيسة ولها أهداف بعيدة وسوف تؤثر على هوية الفن العربى من خلال تصدير أصوات غريبة وملابس غير محتشمة لذلك أحب أن أتوجه إليها برسالة أقول فيها: «عفواً مش عايزين أصوات حلوة من غير هدوم»، لذلك أصبح الفن متدنياً بشكل كبير والبرامج أصبحت مكررة وتكرر نفس الضيوف والأشخاص دون أى تجديد، ولا يوجد بين متسابقيها مشروع نجم حقيقى يعتمد على الصوت القوى وأيضاً يتم تدعيمه بكلمات وألحان متميزة تناسب صوته.

 

■ وهل يوجد مطربون موهوبون لكنهم يختارون أغنيات لا تناسبهم؟

 

- بالتأكيد، مثلاً آمال ماهر، بالرغم أننى بحب صوتها إلا أنها لم تختر حتى الآن من وجهة نظرى لحناً يتناسب مع إمكانيات صوتها، وللأسف دولة كبيرة مثل مصر يجب أن تكون فيها أصوات قوية كثيرة، فمصر التى أخرجت أم كلثوم وعبدالحليم وغيرهما العشرات من المواهب القوية حتى جيل محمد رشدى والعزبى و«مصر أكبر من كده بكتير»، ومعظم الأصوات الموجودة حالياً لا «تطربنى» لذلك ألجأ إلى أصوات العصر الجميل وأشعر أنهم مازالوا يعيشون معنا بفنهم ولن يموتوا أبداً.

 

■ لماذا فضلت دائماً التعاون مع أسماء محددة من الشعراء والملحنين؟

 

- أنا حبيت أمسك العصا من المنتصف، تعاملت مع جيل مثل صلاح الشرنوبى وعمار الشريعى ومع سامى الحفناوى ومن الشباب أيضاً رياض الهمشرى، وتعاونت أيضاً مع وليد سعد والمقارنة بينه وبين بليغ حمدى ظالمة، فمن الممكن أن نقول إن وليد سعد ملحن شاطر لكن لا يصلح أن أقارنه ببليغ حمدى، لذلك مازلت مصرة على أن الجيل القديم هو الأفضل دون مبالغة، ولن أنسى مثلاً عندما تعاونت مع رياض السنباطى فى أغنية «أشواق» قال لى عايز أسمع صوتك دون ونيس وبالفعل خرجت الأغنية بشكل جديد وحققت نجاحاً كبيراً.

 

■ لكن هناك من قال إن سبب نجاحك هو تعاونك مع جيل العمالقة من الشعراء والملحنين؟

 

- استمعت إلى هذه المقولة من أحلام، لكنى أحب أن أقول لها إن الكبار تعاونوا معى لأنهم مؤمنون بموهبتى ولولا ذلك لرفضوا هذا التعاون.