2014/03/16

لبلبة
لبلبة

 

مايا بنّوت – مجلة لها

 

 

هي الطفلة السينمائية التي استمرّت رغم أن كل من حولها شكّك في ذلك. «عصابة حمادة وتوتو» و«احترس من الخط» و«عريس من جهة أمنية»... أجمل أفلامها مع عادل إمام الذي سمّته توأمها الكوميدي رغم أن الفنانة القديرة يسرا أدّت معه أدواراً أكثر منها. كشفت أنها ستلتقيه مجدداً درامياً هذه المرة، رغم أن يوسف شاهين نصحها أن تختم مشوارها الفني دون أي عمل تلفزيوني.

- كيف قرّرت ممثلة قديرة أن تؤدي دور البطولة في فيلم «فيلا 69» للمخرجة آيتن أمين التي تخوض تجربتها الروائية الطويلة للمرة الأولى؟

كثر من الفنانين الكبار لا يتعاونون مع المخرجين الجدد. قد يكون الأمر نابعاً من خوف أو تجنّباً لأن يكونوا حقل تجارب. أنا مختلفة. ما جذبني إلى الفيلم هو السيناريو الذي كتبه محمد الحاج، وشاب في سنّ 25عاماً.

شعرت بالدهشة حين اطلعت على السيناريو. أعجبت بالفكرة ولم أخف من آيتن ولو للحظة. سبق أن أدّيت دوراً في فيلم «جنة الشياطين» للمخرج أسامة فوزي وكانت تجربته الإخراجية الثانية، وأجد هذا الفيلم من أروع أفلامي.

- هل تقصدين أنه من أروع أفلامك على مدى كل المراحل؟

المرحلة الأخيرة. لقد تغيّر حضوري السينمائي في الأربع عشرة سنة الأخيرة. تغيّرت شخصيات أدواري.

- كيف تقوّمين هذه النقلة الفنية؟

صعبة للغاية. مشواري طويل. بدأ من الطفولة وكنت في الخامسة من عمري. لم يعتقد والداي أنني سأستمر. ففي غالبية الأوقات تختلف الطفلة السينمائية حين تكبر. كانوا يظنون أنني حين أكبر سأخسر نجاحي.

أنا الطفلة السينمائية التي لم تخسر نجاحها. نجاحي كان مرتبطاً بطفولتي لكن واصلت النجاح دون توقف في كل مراحل حياتي الفنية. اجتزت مراحل صعبة جداً، من سن الطفولة إلى سن المراهقة. كنت أعتلي المسرح خلال حفلات عبد الحليم حافظ. وأعتبر أن مرحلة الصعوبة تكمن في محطتين في حياتي الفنية، مرحلة الطفولة حتى المراهقة، والمرحلة الحالية التي أعيشها اليوم.

كنت أقدّم أفلاماً كوميدية تضحك الجمهور في ما مضى. أضحكت الجمهور عبر أكثر من 32 فيلماً وفجأة ظهرت في أفلام «ضد الحكومة» و«ليلة ساخنة» مع عاطف الطيب و«لهيب الإنتقام» مع سمير سيف... لم أكن متأكدة من نجاحي في هذه الأفلام مع هذه النقلة.

كنت أضحك المشاهد ثم قرّرت أن أبكيه. لكنني نجحت حتى في أفلام يوسف شاهين، فتغيّرت نظرة المخرجين إليّ. ولذلك أعتبر المرحلة الأخيرة أصعب مرحلة وأحلى مرحلة. لقد نضجت وبت أشعر باختيار أدواري المناسبة وغير التقليدية.

- هل هذا يعني أنك انقطعت عن الكوميديا؟

لا أبداً. أشعر بحاجة إلى إضحاك المشاهد من وقت إلى آخر. نجحت بدور «العمة» في فيلم «نظرية عمتي» أخيراً. شاركني البطولة الممثلان حورية فرغلي وحسن الرداد، والإخراج لأكرم فريد. لست جريئة في الحياة لكنني جريئة في فني. لم أتردّد في أن أؤدي دوراً في فيلم «فيلا 69».

- كيف تسردين قصة شقيقة المهندس «حسين» (الممثل خالد أبو النجا) في فيلم «فيلا 69»؟

هي قصة شقيق وشقيقته كتبت بأسلوب جميل. أنا أشبه خالد أبو النجا، أشعر بأنه فعلاً شقيقي ولدينا روح واحدة. أحمل ذكريات جميلة من موقع تصوير هذا الفيلم وتحديداً الفيلا التي بقينا فيها ستة أسابيع في منطقة المنيل الواقعة على النيل.

كما أننا نحمل ذكريات مؤلمة كون التصوير كان بالتزامن مع بعض التظاهرات، وكنا نواجه صعوبة في الوصول إلى المكان. كنت أجد صعوبة في الإنفصال عن الواقع وبلدي وأن أضع الماكياج وأتقمّص شخصية «نادرة» وأنسى كل ما يدور في الخارج.

- من هي «نادرة» وكيف تفسّرين البعد أو الفجوة بين الشقيقين في هذا الفيلم؟

هي سيدة كلاسيكية تبدو أصغر من سنّها لأنها تزوجت وهي صغيرة. ويفترض أن يكون المهندس «حسين» شقيقي الأصغر وهو شخصية غامضة.

هو بعد واقعي ويحصل. أتزوج وأقيم مع زوجي خارج مصر لكن أعود وأجد شقيقي دون زوجته. هذه مواقف لا يسردها الفيلم لكنها محسوسة. هذه هي الحياة، رغم أن ثمّة أشقاء علاقتهم تبقى قوية.

- كيف تصفين علاقتك مع أشقائك؟

جميلة جداً. نحن أربعة أشقاء، إدوارد توفي وميادة شقيقتي الكبرى والدكتور سركيس الذي يعيش في لندن منذ أربعين عاماً وأنا كنت أعيش مع والديّ قبل أن يرحلا.

رغم أن شقيقتي تعيش في الولايات المتحدة الأميركية وشقيقي في بريطانيا ، صلتنا قوية للغاية. إن انشغل شقيقي كونه طبيباً أزوره في لندن، كما أنني أسافر إلى شقيقتي في أميركا.

- يوم روتيني في حياة لبلبة...

ما من يوم روتيني في حياتي خصوصاً أنني فنانة. كل يوم حالة، لكن أمارس الرياضة بانتظام وأحب ملازمة المنزل. لا أخرج كثيراً.

- ما أجمل ركن في منزلك؟

في غرفة نومي والملابس صالون صغير وتلفزيون وكرسي حين أجلس عليه أرى النيل وزحمة السيارات. أتكلم مع النيل كثيراً. أسكن في منطقة الدقّي وهي قريبة جداً من ميدان التحرير.

- أي أنك واكبت أحداث الميدان دون أن تنزلي إلى الشارع؟

لقد تأذت عيناي من القنابل الدخانية، فأنا أسكن في شارع التحرير.

- لمَ لازمت البيت؟

هذا منزلي ولا أملك مكاناً آخر.

- ما هي أكثر لحظة تفتخرين بها في حياتك الفنية؟

حين أشعر بحب غير عادي من الجمهور. قد يشير الجمهور إلى الفنانة لكن لا يكتفي بذلك بل يقترب من أخرى. هل السبب عشرة قديمة؟ هل راقبني الجمهور وأنا أكبر وأتغيّر وكأنني فرد من أفراد العائلة؟

- محطة غالية على قلبك...

حين كنت في السادسة من عمري وأعمد إلى تقليد الفنانين المشهورين. كانت مسألة جديدة أن تعتلي المسرح طفلة وتقلّد النجوم الذين كان يفرحهم الأمر. التقليد قوة ملاحظة لديّ من الطفولة. قد أقلّد طبيبي. ثم مرحلة أفلامي مع عادل إمام المحبّبة...

- كم هو عدد الأفلام التي جمعتك بعادل إمام؟

9 أفلام. لقد استفدت كثيراً من جماهيرية عادل إمام.

- أنت ويسرا أكثر نجمتين مثّلتما مع «زعيم الكوميديا»...

نعم، وقد تكون يسرا أكثر منّي. لكن أنا وعادل إمام يحب الجمهور أن يشاهدنا معاً. أنا توأمه الكوميدي الذي ولد بعده بسنوات.

- هل ستجتمعان مجدّداً؟

نعم، حسب ما أشار أخيراً. فهو حين يرغب في أن نلتقي مجدّداً يكلّمني. صلتنا غير منقطعة حتى لو لم نتعاون مهنياً. ثمة علاقة إنسانية بيننا. أحب أسرته وزوجته وأولاده كثيراً. هو رجل حنون وصاحب أخلاق عالية.

- كيف تقوّمين عودة بطل «أحلام الفتى الطائر» إلى الدراما والتلفزيون مع مسلسلَي «فرقة ناجي عطالله» و«العرّاف» أخيراً؟

هو ممثل عظيم. لم أقدّم أي أعمال درامية لكن التلفزيون يدخل البيوت. ثمة من لا يخرج من منزله وعلينا إسعادهم، كالمسنّين أو ذوي الإحتياجات الخاصة. قد أخوض هذه التجربة مع عادل إمام للمرة الأولى ولن أتردّد لحظة، رغم عشقي للسينما.

- إلى أي مدى تحرصين على حضور مهرجان «كان» السينمائي؟

حضرت لأول مرة عام 1986. وحرصت على أن أكون موجودة في الدورة الأخيرة وكنت أشاهد يومياً أربعة أو خمسة أفلام. أشتاق ل«كان» على الدوام خصوصاً أنني شاركت بفيلمين للمخرج الراحل يوسف شاهين رحمه الله، وكان لذلك طعم مختلف.

أحب أن أركض بالجينز من صالة إلى صالة لمشاهدة الأفلام في مهرجان «كان»، أحب المشاعر التي تساورني حينها. ويختلف الشعور تماماً حين أجلس لمشاهدة فيلمي الذي يشارك في المسابقة خصوصاً المرور على البساط الأحمر وسط كل التصفيق.

- أي تفصيل أنثوي يجعلك امرأة؟

البساطة، أميل إلى البساطة. ولو أنّني لست فنانة لكن أبسط.

- لكنك تضعين نظارتين شمسيتين مرصعتين بالأزهار من Prada وكأنه إعلان غير بسيط لعشقك للموضة؟

اشتريتهما من لندن حيث كنت أزور شقيقي. كنت أتجوّل في «هارودز» ولفتت نظري النظارتان. أحب الموضة لكن أختار ما يناسبني.

- هل كانت النجمات المصريات أكثر أناقة في ما مضى؟

اختلفت التصاميم أيضاً لكنّني ألاحظ أن ثمة عودة إلى أناقة الماضي العريقة والكلاسيكية.

- ارتديت تايوراً أنيقاً للغاية في مشهد المستشفى في نهاية فيلم «عريس من جهة أمنية» مع عادل إمام وحلا شيحا...

نعم أنه من مجموعة Lolita Lempicka. سافرت إلى خارج مصر لإحضار أزياء هذا الفيلم. أديت دور «انشراح»، امرأة أنيقة جداً لكن حين تتكلم «تبوظ» الدنيا.

- هل تشبهين هذه المرأة ببعض ملامحها؟

لا، لكنّني قابلت هذه المرأة في حياتي ورغبت في تقليدها. لبّيت دعوة من جمعية «روتاري» وطلب منّي أن ألقي كلمة عن حياتي. حضرت المناسبة عدد من النساء وكانت هذه السيدة تجلس وسطهن. كانت بمنتهى الشياكة وعمدت إلى تقليد تسريحتها في الفيلم.

- هل قلّدت مشيتها وأسلوب تنقلّها أيضاً؟

لا، هذه مشيتي، هناك مخرجون لا يحبّون مشيتي فهي غير مناسبة لدور فلاحة ومن لديها أطفال كثر. لقد عدّلت مشيتي في فيلمَي «ليلة ساخنة» و«فرحان ملازم آدم»...

- من هي الموهبة المصرية التي تلفتك اليوم؟

أخاف أن أذكر واحدة... المهم هو الأداء والتنويع في الشخصيات والقدرة على النجاح في أدوار، الأنيقة والمتسوّلة والفقيرة والبلديّة. هذا ما يبهرني في الممثلات حورية فرغلي وغادة عبد الرازق ومنى زكي. استطعن أن يجمعن بين هذه الأدوار وينجحن فيها.

- كيف تقوّمين دخول الجميلة اللبنانية إلى السينما والدراما في مصر؟

أولاً، أنا أحب كثيراً اللهجة اللبنانية وفي آخر مرة كنت في لبنان وأنا أصعد على درج الفندق نادى أحدهم : «لبلبة» ! فاتّجهت نحو الصوت وسمعت شابين يقولان : «لبلبة إنتِ إلنا». (تعبر عن فرحتها لناحية لفظ اسمها بأسلوب مختلف في لبنان مع ضم اللامَين لا كسرهما).

تأثّرت جداً. أحب لبنان. أحب منطقة الزيتونة وشارع الحمرا وأطالب على الدوام بالذهاب إلى «بيسين عاليه» لأنّني غنّيت للمرة الأولى مع عبد الحليم حافظ هناك.

- ما أكثر ما تنتظرينه في حياتك اليوم؟

لم أشعر بأن موهبتي ظهرت بالكامل، أنتظر أدواراً سينمائية لم أقدمها. بعد 83 فيلماً سينمائياً، لا يزال نصف موهبتي مخبأً. ما ظهر للمشاهد هو نصف موهبتي.

- ما هو الدور الذي يستفزّك؟

أزور الأطفال ذوي الإحتياجات الخاصة بانتظام منذ 22 عاماً. أرغب في أن أؤدي دور أم لطفلة من ذوي الإحتياجات الخاصة لأنّني بت متعمّقة في حياتهم. أرغب في أن يُنظر إلى ذوي الإحتياجات الخاصة نظرة مختلفة. أشعر بأنّني أكثر قرباً من الله حين أجالس ذوي الإحتياجات الخاصة.

 5 تفاصيل عن لبلبة

    بعض الفنانات كنّ ينزعجن من تقليدها لهن وهي طفلة، مثل نجاة الصغيرة، بعكس وردة الجزائرية وفريد الأطرش. قدّمت عبر مسيرتها الفنية الطويلة أغاني فاق عددها ال250 أغنية تعاملت فيها مع كبار الملحنين.

    زواجها الوحيد كان من الفنان حسن يوسف عندما كانت في السابعة عشرة، لكنه انتهى بالطلاق بعد سبع سنوات. وكانت قبلتها للفنان حسين فهمي في أحد الأفلام شرارة المشكلة بينهما.

    اشترت مدفناً قبل 23 عاماً وشقيقها إدوارد أول من دفن فيه، ثم والداها.

    عرفت حياتها السينمائية تحولاً جذرياً حين أدت والفنان الراحل أحمد زكي بطولة فيلم «ضد الحكومة». خرجت حينذاك للمرة الأولى من عباءة الكوميديا.

    عاتبتها زميلاتها الفنانات حين أدت دور الأم (والدة الممثلة حنان الترك) في فيلم «الآخر» للمخرج يوسف شاهين الذي نصحها أن تختم مشوارها الفني دون أي عمل درامي أو تلفزيوني.