2014/04/06

مسلسل (الحب كله)
مسلسل (الحب كله)

 

آفاق سينمائية ـ فؤاد مسعد

 

 

الحب والحرب .. هو العنوان العريض الذي يجمع تحت جناحيه أحداث ست خماسيات تشكل قوام مسلسل (الحب كله) الذي تنتجه المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي ، وتتناول كل خماسية منه حكاية مستقلة في أحداثها وأبطالها ، ولكل منها مخرجها ومؤلفها بما يحقق تنوعاً في الأفكار والرؤى والتيارات الإخراجية . وترصد في مجملها الوضع السوري الراهن في ظل الأزمة التي تعيشها البلد ويعاني منها الناس ، ملقية الضوء على تفاصيل حياتهم وعلاقاتهم وما الذي تبدل فيها ، آلامهم ووجعهم وآمالهم ، وتنصهر كلها ضمن بوتقة تتحدث عن العلاقات الإنسانية والحب زمن الأزمة ، مُظهرة الوجه الذي ينتصر للإنسان وإرادته وقوته الداخلية ، أما عناوين الخماسيات فهي (النداء الأخير للحب ، نصر ، استعداداً للرحيل ، طيران ، كلام في الحب ، مازالت الحافلة تسير) وفيما يلي نرصد لها عبر السطور التالية :

 

ـ النداء الأخير للحب : دشنت المخرجة سهير سرميني تصوير المسلسل من خلال الخماسية التي قامت بإخراجها (النداء الأخير للحب) تأليف رانيا بيطار وتمثيل : جيانا عيد ، سلمى المصري ، نادين ، فائق عرقسوسي ، علي كريم ، غادة بشور ، نجاح سفكوني ، جمال العلي ، تولي البكري ، كفاح الخوص ، جيانا عنيد ، طارق الصباغ ، رنا حيدر .. وفيها تدق المخرجة ناقوس الخطر في دعوة لأن يعود الناس إلى قانون المحبة والأخوة والسلام فيما بينهم ، عنها تقول : تتمحور الخماسية حول العلاقة التي تربط بين أربع عائلات من أطياف مختلفة يقطنون ضمن بناء واحد ويعيشون في وئام ولهم حياتهم الاجتماعية مشكلين لوحة فسيفسائية جميلة عن المجتمع السوري ، ولكن الأحداث التي تجري تؤثر سلباً على العلاقات الإنسانية فيما بينهم فيدب الخلاف ويؤدي اختلاف الآراء إلى نسيانهم للتاريخ الذي يجمعهم ، حتى أنهم يرفضون الجلوس مع بعضهم البعض ليتحاوروا ويسود الخلاف . أما عن مصداقية العمل في تجسيده حقيقة نبض الشارع وما يجري على الأرض ، فتقول : مما لا شك فيه أن ما يظهر في الخماسية مأخوذ من الواقع الراهن الذي نعيشه في المجتمع السوري ، وقد قيل لي أن ما تقدمينه نراه بشكل يومي في الشارع فما الفائدة من نقله على الشاشة ضمن عمل درامي ، ولكن أرى أن الدراما تخدم كافة نواحي المجتمع ومن المهم أن يتم توظيفها في هذه الفترة لتوجيه رسالة للناس من خلالها مفادها أنه علينا العودة لنتصالح ونحب بعضنا البعض . وتتابع : سنرى في العمل أسرة مهجّرة ، وهي عبارة عن فتاة وشاب وولد صغير سيكونون في الشارع لأن الأم لم تتحمل اقامة ابنتها عندها ، لدرجة أننا قد نراهم في النهاية في إحدى الحدائق رافضين العودة إلى منزل الأم بسبب المعاملة السيئة التي عاملتهم بها ، وهو أمر يحدث في الواقع ، كما سنرى وضع الناس من خلال ومضات تمر في العمل عن طريق الفلاش باك . وحول (إلى من تنتصرين في العمل ؟) تقول : تدعو الخماسية إلى عودة المحبة والتسامح بين كافة أهلنا السوريين لنتذكر العلاقات الجميلة التي تربط فيما بيننا بعيداً عن أي شيء آخر ، لأن هناك قسوة كبيرة ظهرت فجأة .

 

ـ نصر : حملت الخماسية الثانية عنوان (نصر) إخراج زياد الريس وتأليف مشترك بين عبد المجيد حيدر وفادي زيفا وتمثيل : وائل شرف ، إمارات رزق ، حسام تحسين بك ، ضحى الدبس ، نزار أبو حجر ، قاسم ملحو ، محمد الأحمد ، اندريه سكاف , جمال العلي , عاصم حواط , سوزان سكاف .. وتتناول ضمن قالب بوليسي موضوع المتاجرة بالناس وتركز على انتهاك العلاقات الإنسانية ولاسيما عندما تقوم عصابة بترتيب زواج شاب من زوجة عنصر شرطة قتله شقيق زوجته لأنه رفض الانشقاق وبعد أن يكتشف هذا الفعل صديق المغدور يبدأ بمطاردة العصابة .. حول العمل يقول مخرجه زياد الريس : الأفكار الرئيسية تتمحور حول بطولات قوى الأمن الداخلي ضمن الأزمة والتضحيات التي يقدمونها من خلال ملاحقتهم للعصابات الاجرامية والارهابية ، وتطرح الخماسية حكاية بطل من قوى الأمن الداخلي يقوم بواجبه اليومي ، حيث يتتبع حركة غير طبيعية فيتضح أن هناك جريمة قتل مما يدفعه لملاحقة المجرمين ويكتشف عملية اختطاف وخيوط متشابكة لها علاقة بالمؤامرة على الصعيد الوطني ضمن الأزمة ومرتبطة بعملاء إسرائيليين متنكرين بزي بدوي كانوا يحرضون ضد النسيج الوطني ويبثون فيه النعرة الطائفية والاجرامية ، فهناك عصابة صغيرة ولكنها تنفذ مخططات هي نفسها لا تعرف ما أبعداها . وبالإضافة إلى هذا المحور هناك خطوط أخرى تأخذ بعداً انسانياً واجتماعياً ورومانسياً ، تنشأ ضمن أحداث أليمة في الأزمة لتتطور وتعطي حساً جديداً وأملاً بالمستقبل .

وحول لمن يوجه عمله ، يقول : عملي وطني بامتياز ومُهدى إلى قوى الأمن الداخلي ، وتحديداً قوات مكافحة الإرهاب وللوطنيين ، وعندما أقول وطني فهذا يعني كل الوطن ومن ينتمي إليه فهو سيكون مع مفهوم الوطن والدولة ويقف ضد الإرهاب . وبالنسبة إلي فإنني أعكس رؤيتي الشخصية وفق عملي وحياتي اليومية ، وأنا أسير وفق هذا الخط عن قناعة ، فأرى أنه قبل كل شيء هناك مصلحة وطن ، فإن لم يعكس النص وجهة نظري لا أقدمه ، ورغم ذلك هناك شخصية في العمل تدعى (جابر) وهو ممن حملوا السلاح ضد الدولة وقد أعطيناه بعداً انسانياً ، فعندما يُصاب يكون هناك حرص على ابقائه حياً وإنقاذ حياته .

 

ـ استعداداً للرحيل : (استعداداً للرحيل) خماسية من إخراج وسيم السيد وتأليف عمر الشيخ وتمثيل : سليم صبري ، ضحى الدبس ، دينا هارون ، سعد مينة ، قاسم ملحو ، عامر العلي ، محمد خير الجراح ، رنا ريشة ، ريم نصر الدين .. حول الفكرة الأساسية للعمل يقول المخرج وسيم السيد : تدور الأحداث خلال الأيام السبعة الحاسمة التي كان فيها تهديد بالضربة الأمريكية لسورية راصدين حالة الناس خلالها ، فكان لدى الناس حالة من الخوف والترقب ، ولكن ضمن هذه الأجواء كلها كنا نجد حالات من حب والحياة السورية التي نلمس فيها حب السوري للبلد وتمسكه فيها إلى أبعد الحدود . ونرى حب الانسان للإنسان ، ومن الأمثلة على ذلك ضمن الخماسية أن هناك شاباً كان يعيش في لبنان يقرر أن يعود إلى سورية خلال هذه الفترة لأنه يرفض التخلي عن بلده ويفضل العودة ليعيش هذه الأجواء في بلده ويرى أمه وحبيبته ، كما سلطنا الضوء في العمل على مراكز الايواء وكيف أقاموا مشاريع لأنفسهم ، وأشرنا إلى الحالات الانسانية الموجودة ضمن الأزمة . أما حول كيف يمكن فهم عنوان الخماسية فيقول : المحور الأساسي فيها أن الكثير من الناس كانوا مستعدين في هذه الفترة لمغادرة البلد ، فنرى على سبيل المثال الضغوط التي يمارسها الأب على ابنته لكي تسافر ، فتستعد للرحيل ولكن لا تغادر خارج البلد وإنما إلى الملجأ داخل البناء الذي يتحول إلى مكان يضج بالحياة . ويحكي المسلسل بشكل عام عن موضوع الحب في زمن الحرب ، والعلاقات التي عشناها مسلطاً عليها الضوء في أكثر من مكان ، فالحب لايزال موجوداً على الرغم من مشاعر الخوف والرعب التي قد يعيشها الناس ، هناك حب للناس وللبلد ولمساعدة الأخرين الأمر الذي يحدث بالفطرة

 

ـ طيران : تتناول الخماسية الرابعة من المسلسل ، وهي بعنوان (طيران) حكاية فاضل الشاب الذي يعيش حياته وسط أصدقائه ، فهم شلة مرحة ومحبة ، وتربطه علاقة حب بريم التي تتمسك بحبها له على الرغم من حالته المادية السيئة خاصة في ظل الأزمة الحالية ، حتى أنها لا تأبه لضغوط أهلها واقتناعهم أنها تستحق الأفضل ، ولكن تزداد الأمور تعقيداً حين يفقد فاضل ساقه بشظايا من سقوط قذيفة هاون قربه. فتتردد ريم في مشاعرها تجاهه نتيجة الحادثة ، فقد أصبح عاجزاً وهذا سيضاعف عليها المسؤوليات إن قررت الاستمرار معه، وبالمقابل يشعر فاضل بالعجز، فهو لا يعرف ماذا يخبئ له المستقبل، خائف ألا يستطيع إسعاد ريم ، فهو لا يريد أن يفسد عليها حياتها، خاصة أنه يدرك جيداً ما تعانيه بسبب ضغوط ، ولكن تتخذ ريم قرارها فتُحضِر محبسين، ويحتفلان بالخطوبة في غرفة المستشفى ، ويستعيد فاضل حياته تدريجياً لكنه يعاني من فترات كآبة ينبذ خلالها ريم التي تصر على البقاء قربه .. يذكر أن الخماسية من تأليف آنا عكاش وإخراج زهير قنوع وتمثيل : تيسير إدريس، سامر إسماعيل، ميسون أبو أسعد، أمانة والي، كفاح الخوص، رنا كرم، ليا مباردي، وسام تلحوق ..

 

ـ كلام في الحب : خماسية (كلام في الحب) إخراج محمد وقاف وتأليف عدنان أزروني وبطولة : فادي صبيح، ندين سلامة ، شكران مرتجى، خالد القيش ، مروان أبو شاهين، إيمان عبد العزيز، نور خيزران .. عنها يقول المخرج : (الهدف الأساسي منها الدعوة إلى الحب ، حب الوطن ، حب الإنسان لأخيه الإنسان ، لأنه بدون الحب لن تنتهي الأزمة ولن يعود التآلف كما كان في سورية ، فتدور أحداثها في الأزمة منذ تفجير السبع بحرات ونقدم فيها النماذج الموجودة في المجتمع حالياً ونلقي الضوء على علاقات الحب التي أصابها التصدع . وقد انطلقنا من الواقع المعاش ، وحاولنا أن ننقله كما هو لكن بشفافية بعيداً عن العنف) . وتضم الخماسية مجموعة كبيرة من الخطوط الدرامية ، منها شاب وفتاة يعيشان علاقة حب ولكن لكل منهما وجهة نظر مختلفة عن الآخر تجاه الأزمة في سورية ما بين مؤيد ومعارض مما يؤثر على العلاقة بينهما ، وهناك محور الإعلام المضلل الذي لعب دوراً خطيراً في الأزمة ، وبالمقابل نتابع شخصية المراسل الصحفي واندفاعه بعد أن شاهد هذا التزييف الكبير فيعرّض نفسه للخطر كي يذهب مع الجيش ليغطي إعلامياً ، ونرى علاقاته الاجتماعية مع أسر المهجرين ، كما تتطرق الخماسية لمراكز الإيواء ودور الشباب في هذه المرحلة ، وكيف يتورط أحدهم بدافع الحاجة المادية فيصبح على علاقة مع المسلحين الذين يجرونه إلى الجانب الآخر بينما هدفه الأساسي كان البحث عن لقمة العيش .

 

ـ ما زالت القافلة تسير : الخماسية السادسة والأخيرة جاءت بعنوان (ما زالت القافلة تسير) إخراج غسان جبري وتأليف ديانا فارس وبطولة : وائل رمضان ، عبير شمس الدين ، جمال قبش ، ربى السعدي ، علي صطوف ، علي الماغوط ، ليزا ميخائيل ، أحمد خليفة ، مريم علي .

وتتناول من ضمن خطوطها الرئيسية حكاية زوجة تفكر بالسفر في ظل الأوضاع الراهنة بحثاً عن الأمان بينما يسعى زوجها لتشغيل أمواله في الخارج ، ولكن عندما يتم خطف زميلها في العمل على يد عصابة إرهابية وترى كيف نذر من حوله أنفسهم للتفاعل مع قضايا الناس ثم تكتشف خيانة زوجها تغيير رأيها بفكرة السفر وتسعى لمشاركة أصدقاء المخطوف سعيهم الإنساني ..

حول خصوصية الخماسية تقول الكاتبة ديانا فارس : هناك حافلة لأطفال صغار يذهبون كل صباح إلى المدرسة متحدين ببراءة طفولتهم كل ما يجري من أحداث خطيرة حيث تكون التفجيرات جزءاً من حياتهم اليومية ، والبطل في الخماسية هم الأطفال والحافلة التي تسير بهم إلى قدر مجهول فهم يمثلون الحياة والوجود والاستمرار وقوة الإرادة للبقاء ، أما شخصية الزوجة فجاءت متحولة ورئيسية تمثل شريحة كبيرة من النساء السوريات اللواتي تغيرت رؤيتهن للحياة في ظل الظروف الصعبة حتى ان حياتهم الشخصية تأثرت وتعاطيهم مع من حولهم .

وبشكل عام العمل مبني على الحب في الأزمة السورية ، وقد حاولت الابتعاد فيه عن التكرار وعدم زج المشاهد في لعبة التنظير أو المباشرة في الطرح ففي الخماسية أفكار متاحة للجميع وعرض لمبادئ وقيم مختلفة تبنتها شخصيات العمل حسب توجهاتها وقناعاتها ورغباتها الشخصية .