2014/06/13

 

بديع منير صنيج – تشرين

 

 

بعد أن تكرست حصة أعمال البيئة الشامية في الدراما السورية كإحدى الوجبات الدرامية الرئيسة في رمضان لعدة أسباب أهمها: الطلب المتزايد عليها من الفضائيات، وسهولة إنجازها ضمن الظروف الإنتاجية غير السهلة التي تعيشها درامانا،

 فإن تلك الأعمال باتت لها تصنيفاتها الفرعية، من دراما البيئة الشامية التاريخية، إلى الشامية الكوميدية، مروراً بالشامية الفانتازية، وليس آخراً الشامية الشعبية، وربما هذا التنوع ما كان ليتم، وهذه التفرعات ما كانت لتكون، لو أصغى صناع الدراما السورية للأصوات النقدية الكثيرة التي نادت بالانتباه إلى أهمية عدم تشويه الشام عبر دراما تحمل اسمها من دون أن تنتمي لها حق الانتماء، لكن للأسف الكلمة الأولى والأخيرة في يد أصحاب الأموال والقنوات التي تهتم بالشام ولا بالدراما السورية، وإنما تهتم بالربح ولو كان ذلك على حساب تهديم ما وصلت إليه درامانا، بمعنى أن فرعون الإنتاج الراغب في دراما البيئة الشامية لم يجد من يقف في وجهه فتفرعن أكثر.

الدراما الشامية التاريخية تتجسد في مسلسل «بواب الريح» لمؤلفه خلدون قتلان ومخرجه الليث حجو وإنتاج شركة سما الفن الدولية، ويتحدث العمل عن فتنة عام 1860 التي انتقلت من جبل لبنان إلى دمشق، وما أحدثته من خلخلة على البنية الاجتماعية في الشام. هذا العمل وبحسب الكثير من العاملين فيه أمثال دريد لحام وعلي كريم وغيرهما له خصوصية لأنه مكتوب بحرفية عالية لا تستغل البيئة كسلعة، بقدر ما تنطلق من روح الشام لترسم دراما لها انعكاساتها على الواقع، وتقارب البيئة بما تعنيه من كونها مرجعية ثقافية ينبغي الولوج إلى أعماقها لرسم ملامح الأحداث والشخصيات.

أما ما يُصنَّف تحت مسمى «الدراما الشامية الكوميدية» فتتمثل في هذا الموسم من خلال عملين هما «رجال الحارة» لمؤلفه ومخرجه «فادي غازي» و«خان الدراويش» كتابة مروان قاووق وإخراج «سالم سويد»، والمسلسلان ينطلقان من البيئة الشامية وتحويل شخصياتها التي اعتدناها في الدراما السورية إلى مادة للتندر والسخرية، ورغم ما قد تحويه من بعض الإسقاطات على حياتنا المعاصرة، إلا أنها ستقف على النقيض من الرزانة والرصانة التي تتمتع بها مسلسلات الشام التاريخية، أو أعمال البيئة الشامية الشعبية المتكئة على قصة واقعية تمت أحداثها في إحدى حارات الشام الشعبية، بما يعنيه ذلك من أن الكوميديا الشامية لن تكون أكثر من مقاربات فجّة لأعمال شامية حظيت بإقبال جماهيري واسع في السنوات الماضية ولكاريكتراتها المعتادة من «عكيد» و«زعيم» و«أزعر» وغيرها.

فرع آخر للدراما الشامية تلصق به صفة الشعبية سيكون حاضراً من خلال مسلسل «طوق البنات» تأليف «أحمد حامد» وإخراج «محمد زهير رجب» وإنتاج شركة «قبنض» الذي يبني أحداثه على قصة حب حدثت بين أحد الضباط الفرنسيين وصبية تاهت عن أهلها فتتبدل حياة ذاك الضابط وتنقلب رأساً على عقب، بمعنى أنه رغم الإطار التاريخي لذلك العمل (بين أواخر العشرينيات وفترة الاستقلال السوري) إلا أنه يخرج عن الإطار التوثيقي الدقيق باتجاه التركيز على الحكاية.

الأمر ذاته ينطبق على مسلسل «الغربال» تأليف «سيف رضا حامد» وإخراج «ناجي طعمة» إذ تدور أحداثه بصورة أساسية داخل حارات حي «الشاغور» الدمشقي في العام 1927 ويتناول قصة اجتماعية يحتدم فيها الصراع على السلطة، ما ينتج عنه الكثير من الظلم والضحايا الذين لا ذنب لهم إلا وجودهم ضمن ساحة ذاك الصراع.

أما مسلسل «باب الحارة» فيستمر بجزئه السادس بكتابة كل من «عثمان جحى» و«سليمان عبد العزيز» وإخراج «عزام فوق العادة»، ويصنف تحت بند الدراما الشامية الفنتازية لأن الحدوتة فيه ليست هي الافتراضية فقط، وإنما الحارات أيضاً وأسماؤها، وطباع قاطنيها وردود أفعالهم. وخصوصية هذا المسلسل تتمثل في أنه لا يراهن على جودة القصة أو جمالية أداء الممثلين بقدر مراهنته على القدرات الإنتاجية والتسويقية العالية التي تقوم بها شركة ميسلون لصاحبها المخرج «بسام الملا» بالتعاون مع مجموعة الـmbc السعودية، إضافة إلى الرغبة التي تجذرت لدى محبي هذا العمل عبر أجزائه الخمسة الماضية لمتابعة ما ستؤول إليه حال «أبو عصام» العائد إلى المسلسل بعد غيابه ثلاثة أجزاء متتالية، وأسباب اتهامه لحَرَمِه بالخيانة، وغيرها من قضايا باتت الشغل الشاغل لجمهور كبير على مستوى الوطن العربي، فكأن حلقة «بقعة ضوء» الساخرة من الكيفية التي حُجِبَ بها «أبو عصام» من متابعة العمل، تركت أثرها لدى صُنّاع هذا المسلسل، بحيث أعادوه إلى الحياة بعد موته المحقق وذلك بصفقة تسويقية أطالت عمر «باب الحارة» ستين حلقة جديدة.